أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    28-Dec-2025

رصيف التاجر شراكة وطنية مع البلدية والبيئة*رامي خريسات

 الغد

يعتبر قرار رئيس الدولة بخصوص ردع السلوكيات المرتبطة بالإلقاء العشوائي للنفايات، واعتماد العقوبات على الغرامات أو السجن، خطوة مهمة لإدارة هذا الموضوع بكفاءة مالية وبأذرع تنفيذية قابلة للتطبيق الكفؤ، وذلك باستخدام التقنيات المتقدمة وتجارب الدول الناجحة.
 
 
 في ظل محدودية فرص ضبط المخالف متلبسا، والتي غالبا ما تبقى رهينة الصدفة، يتعقد مشهد الإنفاذ. هنا تبرز فكرة تحميل أصحاب المحلات التجارية مسؤولية النظافة أمام مداخل محلاتهم كحل عملي منخفض الكلفة وعالي الأثر.
 هذه السياسة مطبقة في مدن كبرى مثل طوكيو وباريس وبرلين، حيث يُعد الرصيف المقابل جزءا من المسؤولية اليومية لصاحب النشاط.
 النتيجة ليست فقط شوارع نظيفة، إنما انضباط سلوكي، وتخفيف العبء عن البلديات، وتحسين الهوية البصرية للمناطق التجارية، بما ينعكس مباشرة على الحركة الاقتصادية ويستقطب السياح، ويخلق شراكة بين القطاع الخاص والبلديات.
 فبدلا من انتظار ضاغطة النفايات أو عمال النظافة لتمشيط الشوارع التجارية كل ساعة، يقوم آلاف أصحاب المحلات بدور «المراقب والمنظف» المباشر، مما يوفر موارد الدولة لخدمة المناطق السكنية أو النائية.
 هنا تتعزز الرقابة الاجتماعية؛ فعندما يكون صاحب المحل مسؤولا قانونيا عن نظافة مدخله، فإنه سيمنع المارة أو الزبائن من رمي النفايات أمام محله، مما يخلق ثقافة الرقابة الذاتية، والوقاية من المكاره الصحية، والأهم منع تراكم النفايات الصغيرة (مثل أعقاب السجائر أو الأوراق) التي تؤدي إلى انسداد مناهل تصريف مياه الأمطار في سياق موسمي متكرر.
 لكن لا بد من حوافز، منها ربما «وسام المحل الأخضر» أو خصومات على رسوم النفايات للمحلات ذات النظافة المتميزة، والكل هنا مستفيد؛ الأمانة والبلديات خفضت الكلف على موازنتها، والتاجر ازدهر محله وحصل على خصومات حكومية، والزائر أُنس بما رأى وكرر الزيارة. أما على المدى الزمني الذي يتوفر فيه التمويل اللازم، فلا بد – ووفق تجارب الدول المتقدمة الصناعية – من اعتبار النفايات المدخل الرئيس للاقتصاد الدائري تحت مظلة صفر نفايات.
 كما تعتمد المدن الذكية على «إنترنت النفايات» من خلال ضواغط تعمل بالطاقة الشمسية وحاويات مزودة بحساسات امتلاء تعطي إشعارا لقائد الضاغطة للتحرك نحوها لإفراغها، وهنا تتعزز كفاءة النقل، مما يقلل كلفة الجمع وحركة الحاويات ذهابا وإيابا والانبعاثات، ويرفع كفاءة التشغيل البلدي. التجارب الدولية تعتمد على تقنيات متقدمة مثل الفرز بالذكاء الاصطناعي والروبوتات، حيث تُستخدم أذرع روبوتية قادرة على فرز عشرات الأصناف بدقة عالية وبسرعة فائقة، ما يرفع قيمة المواد المعاد تدويرها ويحوّلها إلى إيرادات حقيقية. الفوائد الاقتصادية والبيئية لتكامل هذه السياسات واضحة: خفض كلف التنظيف والعبء الكبير الذي على عاتق الجهات المعنية والذي فيه إرهاق وكلف مالية وبيئية، والنتيجة ستكون رفع كفاءة الإنفاق العام، وتحسين جاذبية المدن للسياحة والاستثمار، وخلق فرص عمل في قطاعات التدوير والطاقة الخضراء.
 لكن كل ذلك يظل ناقصا دون أداة تقنية حديثة، لذلك جاءت توجيهات دولة الرئيس بضرورة تبني الرقابة الإلكترونية، مما يستدعي وجود تطبيق إلكتروني أو منصة وطنية للتبليغ عن الرمي العشوائي وإدارة المخالفات بديلا عن أرقام الهواتف أو الواتسبات المبعثرة هنا وهناك.
منصة (بيئتنا الأردنية) تحقق الإبلاغ الفوري وتحدد مواقع المخالفات وتصنيف البلاغات، وتسرّع الضبط مما يؤدي إلى سرعة الاستجابة وتوثيقها، وتوحد القنوات الإبلاغية حيث لكل حالة رقم وزمن معالجة، بحيث نصبح على علم أين تتكرر المخالفات وأنواعها وأرقامها، ما عولج منها وما ما يزال قيد المعالجة. في الاقتصاد الحديث، القانون وحده لا يكفي؛ ما يصنع الفارق هو التكنولوجيا التي تحول النصوص إلى إنفاذ فعلي، وتحول البيئة النظيفة إلى قيمة اقتصادية مستدامة.