الاقتصاد.. دروس الـــعـــام «2025»*حسام عايش
الدستور
تظهر المؤشرات الاقتصادية والمالية الصادرة خلال عام 2025، أداء لافتاً ضمن مسار اقتصادي متصاعد، ومن بين تلك المؤشرات نمو أعداد الشركات الجديدة، وتحسن أداء الشركات المدرجة في بورصة عمان.
فعدد الشركات المسجلة حتى نهاية تشرين الاول، ارتفع الى 6,341 شركة مقارنة بـ 5,332 شركة خلال نفس الفترة من 2024، بنسبة نمو تقارب 19 ٪، وبزيادة 1,009 شركة، ما يعكس ثقة بآفاق الاقتصاد المستقبلية وببيئة الاعمال.
يؤكد ذلك، انخفاض عدد الشركات المشطوبة بنسبة 31 ٪ ليبلغ 1,032 شركة، وارتفاع معدلات استمرارية وجود الشركات-حتى وان كان الانخفاض في عدد الشركات المشطوبة مساو تقريبا لعدد الزيادة في الشركات الجديدة- وتنوع نشاط الشركات المسجلة بين الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات، والسياحة، والزراعة، والتجارة، ما يدل على اتساع قاعدة الاستثمار.
ايضا، وعلى الصعيد المالي، ارتفعت ارباح الشركات المدرجة في بورصة عمان حتى نهاية أيلول 2025، بعد الضريبة، إلى 1.717 مليار دينار، مقابل 1.548 مليار دينار للفترة نفسها من عام 2024، بنسبة نمو 11 ٪ تقريبا، وبزيادة 169 مليون دينار، فيما ارتفعت الارباح قبل الضريبة إلى 2.384 مليار دينار، وبنسبة نمو 6.3 ٪، ما يعني ان الضريبة المستوفاة منها حتى نهاية ايلول667 مليون دينار.
الأداء الإيجابي للبورصة، شمل ايضا ارتفاع المؤشر العام لاسعار الاسهم المدرجة (ASEGI) بنسبة 33.3 ٪ ليصل إلى 3,318 نقطة، وهو الاعلى منذ 2008، فيما ارتفع مؤشر الشركات الكبرى(ASE20) بنسبة 35.2 ٪، ومؤشر العائد الكلي بنسبة 45.5 ٪، كما شمل زيادة القيمة السوقية بنسبة تتجاوزز41 ٪ وبحجم 7.3 مليار دينار.
هذه المؤشرات، الى جانب مؤشرات الاقتصاد الكلي، تعطي دلالات على ان الاداء الاقتصادي والمالي يتحرك قدما، وان انطلاق عجلة الاقتصاد بدات، والمطلوب ان يواكب المواطن هذه الانطلاقة، عبر شعوره بعائدها التدريجي عليه اقتصاديا وماليا واجتماعيا ومعيشيا، خصوصا وان هذا التحسن لم يرافقه اي زحزحة في معدل البطالة الذي يظل صامدا 21 ٪، ما يستدعي إجراءات وسياسات اكثر خروجا عن المعتاد للتعامل مع هذه الظاهرة العنيدة التي لا تستجيب لكل هذا التحسن في الأداء الاقتصاديح لكأنها بمعزل عنه تماما.
نقول ذلك وقد خبرنا فعالية السياسات الحكومية بمضاعفها الاقتصادي الايجابي، ما يعني اننا ننتظر ونتوقع ان يكون في جعبة الحكومة ما تحرك به القطاع التشغيلي لايجاد فرص تشغيل حقيقية للباحثين عن العمل عبر سياسات جديدة تركز على النمو والاستثمار والمشاريع الجديدة، وليس من خلال اعادة سياسات تقليدية خبرناها منذ اكثر من عقدين دون نتيجة، فكما نجحت الحكومة وعبر السياسات والاجراءات الجديدة بالتاثير على الاداء الاقتصادي، عليها بالسياسات والاجراءت الجديدة ايضا ان تؤثر على سوق العمل المعبر الحقيقي عن شمولية وفعالية وعمق الاداء الاقتصادي، والتحولات الحاصلة فيه.
مؤشرات الاداء اقتصادي الواعدة لا يمكن فصلها عن التوجهات الحكومية الايجابية، فهي تظهر العلاقة الوثيقة بين الإجراءات الحكومية التحفيزية وتحسن الأداء الاقتصادي والمالي. ومن المهم مواصلة هذا النهج عبر التخلص من كثير من القيود والسياسات والاجراءات التظيمية المعيقة والموروثة من ازمان بعيدة، والانطلاق من قاعدة عمل مختلفة تتجاوز المنطق التقليدي في اتخاذ قرات مكررة، او توظيف الاستراتيجيات معادة ثبت بالدليل انها مكبلة للاداء الاقتصادي، ما يعني ان ما تحتاجه الحقبة الاقتصادية الجديدة تفكيرا ابتكاريا ليس باعتباره موضة بل ضرورة لمواجهة التحديات التي لم تعد تستجيب للقرارات التقليدية.
الاقتصاد الاردني يملك قدرات كامنة معطلة، وحرام ان تظل كذلك، صحيح ان الاضطرابات في الاقليم تعطل بعضها، وعدم اليقين العالمي يعطل بعضا اخر، الا ان الصحيح ايضا، ان الداخل يعطل الكثير منها، فالسياسات التقليدية، والافكار المسبقة، والتشريعات المتغيرة، تلعب ادورا كبيرة في تجميدها ايضا، اذ تثبت الوقائع، قدرة الاقتصاد على التكيف والعودة الى سكة النمو بعد كل تحد خارجي، ما يثبت ان العلة في الداخل، وهو ما تنبهت له هذه الحكومة، وان كان الامر لا يزال بحاجة للكثير.