الراي
ما هي هوية الاقتصاد الأردني؟
للاجابة عن هذا السؤال قامت مراكز بحث كثيرة ومنهم خبراء في مؤسسات دولية بإطلاق استبيانات ركزت في تساؤلاتها حول حصص كل قطاع اقتصادي من الاقتصاد الكلي، وان على الاقتصاد والاقتصاديين ان يشكلوا هوية الاقتصاد برمي الثقل في واحد من القطاعات فكان الخدمات هو الخيار.
مر وقت طويل اتبعت فيه الحكومات المؤشرات الكلية للاقتصاد الأردني التي تقول إنه اقتصاد خدمات بالدرجة الاولى فوظفت كل الحوافز والخطط والبرامج لتثبيت هذه الهوية، لكن ذلك لم يمنع أصواتا كثيرة طالبت بالتنوع.
خلال أزمة كورونا زحفت، الصناعة والزراعة نحو سلم الأولويات، لكن قطاع الخدمات ظل متفوقا بفضل التكنولوجيا، نجم الخدمات وخصوصا تكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي اخيرا ساطع ولا زال وسيبقى، لكن الحاجة لتعظيم الإنتاج المادي عملية ملحة لبناء أصول وموجودات تعني ثروة حقيقية مادية.
هوية الاقتصاد الأردني الذي ظل يتأرجح لعقود طويلة مضت بين تحديد الأولويات، ومما لا شك فيه أن الأهواء وربما التقديرات الخاطئة في كثير من الأحيان والمصالح لعبت دورا كبيرا في تفضيل قطاع على آخر،.
ظل قطاع الخدمات ينمو دون دعم بأسرع من قطاعات الصناعة والزراعة المدعومة وهو ما رفع مساهمة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي الى أكثر من 67% في حين لا تسهم قطاعات الزراعة والصناعة والتعدين والإنشاءات والماء والكهرباء مجتمعة باكثر من 33% من الناتج المحلي الإجمالي.
أهم نتيجة لمثل هذه الاختلالات هي أن الميزان التجاري للسلع ُيظهر عجزاً فادحاً، في حين أن الميزان التجاري للخدمات ُيظهر فائضاً وحتى لا يذهب البعض بعيدا، فإن ارتفاع حصة الخدمات في الاقتصاد الوطني ليس نقطة ضعف، بل عنصر قوة ومرونة وقدره على التكيف مع الظروف المتغيرة فالخدمات تخلق فرص عمل غزيرة، وتقدم وظائف ذات كفاءة ودخل أعلى، كما أنها لا تحتاج لاستثمارات كبيرة مثل الصناعة وكلفة فرصة عمل في قطاع الخدمات لا تزيد عن ثلث كلفة مثيلتها في الصناعة.
تمتعت الصناعة الأردنية قبل عدة عقود بحماية جمركية، فكان هناك من يقول إن ذلك تسبب في ضعفها وعدم قدرتها على المنافسة لكن حتى سياسة الانفتاح على الأسواق العالمية، لم تحقق العكس والمشكلة كانت دائما في السياسات المحلية للحكومات المتعاقبة.
هوية الاقتصاد الأردني مختلطة، وهي تتبدل وفقا للحاجة، فمرة تصبح الزراعة أولوية ومرة تتصدر الخدمات وثالثة الصناعة.
لكن أي اقتصاد قوي يحتاج إلى أصول ثابتة يرتكز اليها تعادل قيمة مادية وهي الثروة التي تشكل في حد ذاتها واحدة من عوامل الانتاج التي ترفع من قيمة الأصول وتساعد في توليد أخرى.
صحيح أن التحول إلى الاقتصاد الرقمي يساعد على تطوير النظام الإقتصادي ويعزز النمو, لكن الصحيح أيضاً أن قاعدة لا بد وأن تكون قد بنيت قوامها الاقتصاد التقليدي.