أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    17-Nov-2019

الفقر في الأردن.. بين الإثارة الإعلامية والمصلحة العامة*سامح المحاريق

 الراي

يجوب مواقع التواصل الاجتماعي انفوغراف نشره موقع الخليج أون لاين حول نسب الفقر في العالم العربي، ويضع الأنفوغراف الأردن في مرتبة كارثية بنسبة فقر تصل إلى 56%، متقدماً على المغرب ومصر وموريتانيا!
 
يزعم الموقع أن فريقه أعد الأنفوغراف بناء على معطيات رسمية وتقديرية من خبراء الاقتصاد في البلد المعني، ويبدو أن الخبراء الذين تواصل معهم في الأردن تعوزهم أي فكرة عن الاقتصاد، ولا يعلمون شيئاً عن ظاهرة الفقر، والأكيد أنهم لم يغادروا الأردن سوى إلى محطات أوروبية جعلتهم يشعرون بأن البلد فقير إلى هذه الدرجة.
 
يتناسى الموقع وجود مرجعيات عالمية لقياس الفقر والفقر المدقع، ويتناسى أيضاً وجود ما يسمى بخط الفقر الذي تقيسه كل بلد بطريقة تنسجم مع بقية المعايير الاقتصادية، فالفقير في الهند أو كينيا، يختلف عن الفقير في سويسرا أو كندا، ولذلك لا يمكن التعامل مع مؤشرات الفقر وطرائق قياسه بهذه الصورة العشوائية المزاجية التي تقوم على الرأي الشخصي.
 
حسب المؤشرات العالمية لا يوجد في الأردن إلا نسبة محدودة للغاية ممن يمكن تصنيفهم في خانة الفقر المدقع، في أصعب الأوضاع أقل من نصف بالمائة، أما من يمكن وصفهم بالفقراء فموضوع إشكالي، وإذا كانت النسب المعلنة تتحدث عن رقم قريب من 15% فإن أسوأ التقديرات لا يمكن أن تقفز بالرقم إلى حدود تزيد عن 20% أو 25% في أبعد التقديرات، دون أن تصل طبعاً إلى 56% كما يؤشر الموقع، فذلك غير ممكن في ظل المشاهدات البسيطة التي يمكن لأي زائر للأردن الوقوف عليها ومقارنتها بما يراه في أماكن أخرى في العالم.
 
المشكلة ليست في موقع يتصرف مجرداً من المهنية والموضوعية، المشكلة الحقيقية تكمن في تبني هذا الأنفوغراف وكأنه وثيقة مهمة يجري تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي بوصفها معلومة تستحق التوقف عندها، وهو ما يلقي بأثر سلبي معنوي ومادي على الاقتصاد الأردني والمواطنين الأردنيين، ويدفع للتساؤل عن النوايا حول التوقيت وتفاصيل أخرى، فالعامل النفسي مهم للغاية في تحديد التوجهات الاقتصادية، ونشر المعلومات الاقتصادية المغلوطة يرقى إلى الاستهداف غير البريء، وعلى الأقل إلى البحث عن الإثارة على حساب المصلحة العامة.
 
عموماً، توجد انتقادات يمكن توجيهها ذاتياً، تتعلق بنشر المعلومات حول الفقر وبصورة دورية، والوقوف عند ظاهرة توسع الفقر التي يجب أن تعتبر أحد معايير الأداء الأساسية للحكومة، ولذلك يتوجب الوقوف على نقطة انطلاق، كما يتوجب أن تكون آلية قياس الفقر نفسها موضوعاً لنقاش اجتماعي واسع، فالفقر لا يعيش منعزلاً عن ظواهر كثيرة اجتماعية مثل الاستبعاد الاجتماعي، واقتصادية مثل البطالة، وسياسية مثل التمكين الديمقراطي.