أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    13-Feb-2025

تمويل التنمية واتجاهات الإدارة الأميركية الجديدة*أحمد عوض

 الغد

تشكل قضية تمويل التنمية إحدى أهم المحاور المطروحة على الساحة الدولية، خصوصا في ضوء الاستعدادات لقمة تمويل التنمية العالمية المقرر عقدها في حزيران (يونيو) المقبل في إشبيلية، إسبانيا.
 
 
وقد كانت قضية تجميد المساعدات الأميركية حاضرة بقوة في النقاشات الجانبية خلال الاجتماعات التحضيرية لهذه القمة التي تعقد حاليا في الأمم المتحدة/نيويورك، حيث تتزايد المخاوف بشأن زيادة استخدام التمويل كأداة سياسية بدلا من كونه حقا مشروعا لدول الجنوب من دول الشمال، بناءً على مسؤولياتها التاريخية والاستعمارية، وكذلك التزاماتها بتمويل تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030.
 
وفقا للمحددات التي وضعتها الأمم المتحدة، فإن الدول المتقدمة مطالبة بإنفاق ما لا يقل عن 0.7 بالمائة من ناتجها القومي الإجمالي على المساعدات الإنمائية، لكن تقارير الأمم المتحدة التي تناقش في الاجتماعات التحضيرية تشير إلى أن معدلات التمويل الحالية لا تتجاوز 0.35 بالمائة، أي ما يعادل نصف ما تعهدت به هذه الدول.
هذا التراجع الكبير يثير التساؤلات حول مدى التزام الدول الغنية بمسؤولياتها تجاه التنمية العالمية، خاصة مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
شهدت الأسابيع الأخيرة تحولا جوهريا في السياسة الأميركية المتعلقة بالمساعدات الخارجية، إذ برزت مخاوف جدية بشأن استخدام المساعدات الأميركية كسلاح للابتزاز السياسي، كما ظهر في جانب من النقاشات التي جرت في الأمم المتحدة.
أثار كاتب هذا المقال خلال بعض اللقاءات التي شارك فيها في الاجتماعات التحضيرية في مقر الأمم المتحدة في نيويورك على خطورة استخدام المساعدات الأميركية لمصر كسلاح لتنفيذ جريمة ضد الإنسانية "تطهير عرقي" لفرض عمليات تهجير الفلسطينيين من غزة في ضوء تهديد الرئيس الأميركي ترامب قبل يومين. وكذلك عرض مخاطر اتجاهات تمويل الإدارة الاميركية الجديدة على مستويات تحقيق التنمية في العالم وفي المنطقة العربية. وإنها تضرب بعمق مسارات تحقيق التنمية المستدامة في العالم.
ستؤدي سياسات الإدارة الأميركية المتعلقة بالمساعدات إلى تعميق أزمة التمويل في العديد من الدول النامية، ما سيؤثر على برامج الصحة والتعليم وغيرها ومختلف مسارات التنمية. ومع الإقرار أن أزمة تمويل التنمية لم تبدأ الآن، بل كانت تعاني من اختلالات هيكلية واضحة، وهو ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى جدية الدول المانحة في التزاماتها التنموية.
يعتبر مؤتمر تمويل التنمية الرابع، المقرر عقده في حزيران ( يونيو) المقبل، فرصة أساسية لإعادة صياغة سياسات التمويل التنموي على أسس عادلة وفعالة.
شاركت الشبكات العالمية للمجتمع المدني التي تعمل في مجال التنمية وحقوق الإنسان التي تشارك بكثافة في هذه المناقشات، وأكدت مجموعة من المبادئ والأسس تمثلت في التمسك بالالتزامات السابقة مع زيادة حجم المساعدات، مع إعادة تأكيد الالتزام بتحقيق الهدف المتمثل في تخصيص 0.7 % من الدخل القومي الإجمالي للمساعدات، إلى جانب الاتفاق على آليات إنفاذ واضحة. ومعالجة التراجع المقلق في نسبة المساعدات الإنمائية الرسمية، وضمان وصولها إلى الدول النامية بالشكل المطلوب. إضافة إلى إعادة إحياء أجندة الفاعلية التنموية، حيث تكون المساعدات مبنية على الحقوق وخاضعة للمساءلة، وتعزز ملكية الدول النامية لعمليات التنمية، مع تمكين المبادرات المحلية.
في الختام، لا يمكن الحديث عن مستقبل التنمية بمعزل عن مسؤوليات الدول الغنية تجاه الدول الفقيرة، ولا يمكن السماح بتحويل المساعدات إلى أداة سياسية لفرض أجندات معينة. المطلوب اليوم هو التزام دولي جاد، وقرارات ملموسة تضمن تحقيق تنمية عادلة وشاملة، بعيدا عن المصالح الضيقة والسياسات الانتقائية.