الغد
يتحدث كثيرون باستمرار عن مديونية الأردن باعتبارها الأعلى في المنطقة من حيث الأرقام المطلقة والنسب المئوية، ولكن الحقيقة تختلف عن تلك التحليلات والانطباعات من عدة جوانب. فثقة المستثمرين الدوليين بقوة الاقتصاد الأردني تتزايد من عام لآخر، رغم التحديات والمستجدات الطارئة في الإقليم.
فإذا ما نظرنا إلى تطور حجم المديونية، نجد أن الأردن ضاعف الدين العام بأقل من ثلاث مرات خلال الفترة من 2010-2023، وفقاً لقاعدة بيانات صندوق النقد الدولي، وتحديداً تضاعف بمقدار 2.9 مرة، بينما تضاعفت المديونية في كل من تركيا 16.4 مرة، الجزائر 13.1 مرة، عُمان 11.2 مرة، مصر 11 مرة، البحرين 7.2 مرة، السعودية 6.3 مرة، بوليفيا 5.1 مرة، إندونيسيا 4.6 مرة، تونس 4.3 مرة، سنغافورة 3.3 مرة، الإمارات 2.8 مرة، المغرب 2.7 مرة، قطر 2.5 مرة، أميركا 2.3 مرة، فرنسا 1.8 مرة، اليابان 1.4 مرة.
أما فيما يتعلق بنصيب المواطن من الدين، فنجد أنه في الأردن بلغ 4.1 ألف دولار، وهو أقل بكثير مما هو عليه في العديد من الدول الأخرى مثل أميركا 99.7 ألف دولار، اليابان 85.3 ألف دولار، كندا 57.4 ألف دولار، البحرين 35.2 ألف دولار، قطر 31 ألف دولار، الإمارات 16 ألف دولار، تركيا 3.7 ألف دولار، ومصر 3.6 ألف دولار، وهذا بالطبع له علاقة بعدد سكان تلك الدول.
مما سبق، نجد أن المملكة تحتل مرتبة متوسطة بين الدول المدينة وهي في اتجاه مستقر، والدليل أن جميع تحليلات صندوق النقد الدولي وبيوت الخبرة لديون المملكة لا تبعث على القلق الشعبي الذي يصوره البعض، بل ترسل رسائل تأكيد على ضرورة مواصلة الإصلاح ودفع عجلة النمو للأمام.
هذه النظرة التحليلية للدين ليست وليدة انطباعات بقدر ما هي حصيلة مؤشرات مالية فنية، فاستدامة الدين العام في الأردن وفقًا لتقارير بيوت الخبرة الدولية تتقارب فيما بينها، حيث ترى أن استمرار الأردن في النهج المالي والنقدي الحالي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي سيفضي في النهاية إلى تراجع نسبة الدين إلى الناتج من 89.2 % في عام 2023 إلى 75.2 % في عام 2029 وفقاً لتقديرات الصندوق، مستندين في ذلك إلى معطيات متعلقة بصافي التغير في رصيد الدين السنوي، والمساعدات الخارجية، وتطورات أسعار الفائدة، ومعدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي المقدرة للسنوات المقبلة، وهي معدلات مقبولة ضمن دائرة التحوط.
لذلك، صحيح أن هناك تزايدًا نسبيًا ملحوظًا في حجم المديونية في الأردن، ولكنه يبقى في إطار تلبية الاحتياجات التمويلية ضمن السقوف المرنة والمساحات المالية التي تمتلكها المملكة، مع مسار تصاعدي مشابه لما يحدث في دول العالم كافة، سواء الغنية أو الفقيرة.