أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Oct-2024

إيجابية مؤشرات الاقتصاد الوطني.. مرونة بالاستجابة للأزمات

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

 لم تمنع الظروف الجيوسياسية والتوترات المحيطة بالأردن، لا سيما العدوان الإسرائيلي المستمر منذ عام ونيف ضد قطاع غزة وتوسع دائرته مؤخرا ضد لبنان ايضا وتنامي حالة عدم اليقين الاقتصادي في المنطقة نتيجة لذلك، من تحقيق الكثير من مؤشرات الاقتصاد الوطني أداء إيجابيا خلال الأشهر الأخيرة.
ويؤكد اقتصاديون أن الاقتصاد الوطني اعتاد دائما على تجاوز التحديات والظروف الصعبة المحيطة به نظرا لطبيعة ديناميكيته ومرونته العالية وقدرته على الاستجابة السريعة للأزمات واتخاذ القرارات والإجراءات السريعة المناسبة.
ويلفت خبراء في تصريحات لـ"الغد"، إلى أن التقدم الذي تحقق في بعض مؤشرات الاقتصاد الوطني، يعد إنجازا واضحا للإصلاح الاقتصادي، كما يعكس التزام الحكومتين السابقة والجديدة بتحقيق مبادرات منظومة التحديث الاقتصادي.
ونوه هؤلاء الخبراء إلى أن الاقتصاد الأردني ما يزال يواجه العديد من التحديات في العام الحالي ومن أبرزها المخاطر المستمرة في البيئة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الأزمات الجيوسياسية وخاصة الحرب على غزة وتداعياتها على سلاسل التوريد وأسعار الطاقة والنشاط السياحي علاوة على ضعف معدلات نمو الاقتصاد الأردني.
وبقصد تحسين مستوى أداء الاقتصاد الوطني ومؤشراته المختلفة طالب الخبراء بضرورة تبني قرارات اقتصادية تسهم بتحقيق نمو اقتصادي بمستويات تتجاوز 3 %، إضافة إلى تعزيز الشراكة بين القطاع العام والخاص بتنفيذ المشاريع الاستثمارية والتنموية في القطاعات الاقتصادية والاستفادة من خبراته العملية في استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وإشراك القطاع الخاص عند اتخاذ القرارات الفاعلة بالشأن الاقتصادي والاستمرار في مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتنميته.
وأظهرت أحدث مؤشرات الاقتصاد الوطني التي رصدتها لـ"الغد" للأشهر المنقضية من العام الحالي، نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة خلال الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة 2.4 بالمائة، مقارنة بنفس الربع من العام الماضي.
كما نما حجم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأردن خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 4 %، قياسا مع ذات الفترة من العام الماضي، إذ وصل إلى إلى 413 مليون دينار خلال النصف الأول من العام الحالي مقارنة مع 396 مليون دينار لذات الفترة من عام 2023.
وارتفعت قيمة الصادرات الكلية خلال 7 أشهر من العام الحالي بنسبة 1.86 % إلى 5.366 مليار دينار، مقابل 5.268 مليار دينار للفترة نفسها من العام المنقضي.
وفي الاثناء ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية لدى البنك المركزي الأردني خلال الاشهر السبعة الماضية بنسبة 5.2 % مقارنة مع ذات الفترة من العام الماضي، مسجلة بذلك رقما قياسيا جديدا عند 19.141 مليار دولار. ووفقا لبيانات البنك المركزي، فإن الاحتياطيات الأجنبية ارتفعت بمقدار 963 مليون دولار على مستواها المسجل نهاية العام الماضي 2023.
كما شهد الأردن تحسنا في معدلات البطالة في الأردن بنهاية الربع الثاني من العام الحالي بتراجعها بنحو نقطة مئوية مقارنة بالربع الثاني من عام 2023، لتبلغ بذلك 21.4 %.
واخيرا، وفقا لنشرة وزارة المالية الشهرية، ارتفعت الإيرادات المحلية خلال الاشهر الثمانية الأولى من العام الحالي بنحو 100.5 مليون دينار، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي لتصل إلى 5.9 مليار دينار، ولتبلغ تغطيتها للنفقات الجارية ما نسبته 89.8 %.
واعتبر مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي، أن نمو المؤشرات الاقتصادية في ظل الظروف الصعبة التي تشهدها المنطقة بفعل العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ولبنان، "يعد إنجازا واضحا في تحقيق الإصلاح الاقتصادي والسير في تحديث الشامل لكافة اركان العملية الاقتصادية بما يتماشى مع رؤية التحديث الاقتصادي".
وأوضح حجازي لـ"الغد"، أن ارتفاع النمو الاقتصادي في الربع الثاني من هذا العام بنسبة 2.4 %، وارتفاع تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 4 % دلالة على أن الاقتصاد الوطني يتمتع بحصافة اقتصادية قوية ضد التحديات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية العالمية.
وشدد حجازي على أن السياسات المالية والنقدية المدروسة عززت من حماية الاقتصاد الوطني ضد التقلبات الجيوسياسية وساعدت على استقرار سعر صرف الدينار واستيعاب الآثار التضخمية، كما عززت من احتياطات المملكة من العملات الأجنبية، وساهمت في خفض عجز الميزان التجاري وارتفاع الإيرادات العامة واستقرار معدل البطالة، عدا عن انعكاسها على ارتفاع التصنيفات السيادية للمملكة من قبل الوكالات العالمية للتصنيفات الائتمانية.
وبين حجازي أن توجه المملكة نحو الاعتماد على الذات في الإنتاج وتوفير الموارد في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية، بالإضافة إلى سوق العمل القوي الذي تتمتع به المملكة عزز من استقرار الاقتصاد الأردني واستدامته، وجعل الاقتصاد قادرا على التكيف مع الظروف غير المواتية التي تواجهه، سواء بسبب النزاعات الإقليمية أو تقلبات الاقتصاد العالمي، وجعل الأردن وجهة عالمية في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وجذبها، حيث تتمتع المملكة ببيئة اقتصادية مستقرة وآمنة وقادرة على ان تكون حاضنة مهمة للاستثمارات والمشاريع الاستثمارية والتنموية على الصعيدين المحلي والعالمي.
ولفت حجازي، إلى أنه على الرغم من الأداء الجيد لبعض مؤشرات الاقتصاد الوطني خلال هذا العام، إلا أن بعض القطاعات الاقتصادية الرئيسية وأهمها قطاع السياحة والصناعة والطاقة وغيرها من القطاعات التي تساهم بشكل كبير في النمو الاقتصادي، ما زالت تعاني ركودا حادا وضعفا في أدائها نتيجة تأثرها بشكل مباشر في تداعيات الصراعات الإقليمية الراهنة، وهذا ما يستدعي تبني قرارات اقتصادية تسهم بتحقيق نمو اقتصادي بمستويات أعلى تتجاوز 3 %، إضافة إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ المشاريع الاستثمارية والتنموية في القطاعات الاقتصادية والاستفادة من خبراته العملية في استقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية، وإشراك القطاع الخاص عند اتخاذ القرارات الفاعلة بالشأن الاقتصادي والاستمرار في مسيرة الإصلاح الاقتصادي وتنميته.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة إن الاقتصاد الأردني اعتاد على مواجهة الأزمات والظروف الصعبة لما يتمتع به من مرونة عالية وصلابة كبيرة، مكنته خلال السنوات الماضية من تجاوز الكثير من الأزمات والمحطات المفصلية سواء الداخلية أو الخارجية أو الوبائية وغيرها.
وأكد المخامرة ان التقدم الذي أحرزه الأردن في بعض المؤشرات الاقتصادية يشير إلى ان الحكومة حققت بعض الإنجازات الايجابية  رغم الظروف الاستثنائية التي يعانيها الاقتصاد الأردني ويعكس التزام الحكومتين السابقة والجديدة بتحقيق منظومة رؤية التحديث الاقتصادي.
واعتبر المخامرة أن التحسن في هذه المؤشرات، يعزز الثقة بالاقتصاد الوطني لدى المواطنين والمستثمرين إضافة إلى المؤسسات الدولية وخاصة المالية منها.
ولفت المخامرة إلى أن ارتفاع  إجمالي تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الأردن خلال النصف الأول من العام سيكون له انعكاس إيجابي على الاقتصاد الوطني في جذب المزيد من الاستثمارات، وتحسين الفرص الاقتصادية المتاحة للأردن، مبينا أن الاتفاقيات الاستثمارية الاخيرة الموقعة مع دولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة كان لها انعكاس واضح على تحسن تدفق الاستثمارات والتي من المتوقع أن تتنامى خلال الفترة القادمة.
وأكد أن الاقتصاد الأردني ما يزال يواجه العديد من التحديات في العام الحالي ومن أبرزها المخاطر المستمرة في البيئة الاقتصادية العالمية الناتجة عن الأزمات الجيوسياسية وخاصة الحرب على غزة  وتداعياتها على سلاسل التوريد وأسعار الطاقة والأغذية علاوة على ضعف معدلات نمو الاقتصاد الأردني وارتفاع المديونية كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي وارتفاع عجز الموازنة.  
ومن أجل تحسين مستوى أداء الاقتصاد الوطني ومؤشراته المختلفة، دعا المخامرة إلى وضع خطة اقتصادية تقشفية لتخفيض النفقات الحكومية، إضافة إلى تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص وتشجيع الاستثمار وخلق فرص عمل وتشجيع الاستثمار في المشاريع البيئية والطاقة المتجددة، إلى جانب ضرورة التوسع في رقمنة مختلف الخدمات المالية والحكومية وأئتمتتها.
بدوره، أكد المدير التنفيذي السابق للبنك المركزي الأردني زيان زوانة أن الأزمات المتتالية المحيطة من حولنا كفيلة بقتل أي اقتصاد، وهو ما حدث لكثير من اقتصادات دول المنطقة خاصة غير النفطية، إلا أن الاقتصاد الأردني كان الاستثناء واستطاع الصمود وتجاوز كل التحديات وبقي متماسكا.
وأوضح زوانة إلى أن منعة الاقتصاد الوطني ومرونته تعود إلى العوامل التي في داخله وتساعده أن يبقى صامدا، حيث إنه يتوفر على طبيعة ديناميكيه قادرة على الاستجابة السريعة للأزمات واتخاذ القرارات والإجراءات السريعة المناسبة، إذ ظهر ذلك خلال جائحة كورونا وخلال أزمة منطقة البحر الاحمر بعد العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
وبين زوانة أن جزءا من حالة التماسك التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني تعود إلى السياسة النقدية الحصيفة السائدة منذ أكثر من عقدين، إذ تعتبر هي العمود الحقيقي للاقتصاد الأردني، وهو ما تشهد عليه وتشيد به دائما المؤسسات المالية الدولية.
ويرى زوانة أن استدامة الأداء الايجابي للاقتصاد المحلي في ظل الظروف القاهرة اقليميا، يتطلب من الحكومة التركيز في المرحلة المقبلة على معالجة اختلالات سوق العمل وكذلك المديونية العامة، إضافة إلى الإسراع في حسم الملفات الاقتصادية المحلية موضع النقاش كلائحة رفع الحد الأدنى للأجور وغيرها.