أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Jul-2024

سيناريو سريع لتبني الذكاء الاصطناعي*د. عدلي قندح

 الراي 

نظراً لحجم التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تواجه الأردن، يحتاج البلد إلى محرك جديد للنمو لتجاوز هذه التحديات. لذا، يتعين على الحكومة الاستفادة من الرياح الدافعة نحو التقدم التكنولوجي. وللتذكير، فإن أبرز هذه التحديات تشمل:
 
أولاً، يعاني الأردن من نمو اقتصادي بطيء مقارنة بفترة ما قبل الأزمة المالية العالمية، حيث يبلغ متوسط النمو للسنوات الخمس عشرة الماضية حوالي 2.0% إلى 2.5% سنويًا. كما تواجه البلاد معدلات بطالة مرتفعة (21.4% في الربع الأول من هذا العام)، خاصة بين الشباب (قرابة 50%)، مما يشكل تحديًا كبيرًا للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وقد ارتفع الدين العام إلى مستويات قياسية (أكثر من 42 مليار دينار، بنسبة تجاوزت 114% من الناتج المحلي الإجمالي)، مما يزيد من الضغط على الموازنة العامة، حيث اقتربت خدمة فوائد الدين العام من 2 مليار دينار سنويًا، وهذا يقلل من القدرة على الاستثمار في البنية التحتية والخدمات العامة.
 
على صعيد التحديات الاجتماعية، تعاني بعض المناطق في الأردن من معدلات فقر مرتفعة، مما يؤثر على جودة الحياة ويزيد من التحديات الاجتماعية. علمًا بأن بيانات الفقر في الأردن غير منشورة منذ سنوات طويلة، مما يضع عدة إشارات استفهام أمام الجهات المعنية. كما تعاني المملكة من تبعات النزوح واللجوء، حيث يستضيف الأردن عددًا كبيرًا من اللاجئين، خاصة من سوريا (1.4 مليون لاجئ سوري)، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الموارد والخدمات العامة.
 
فيما يتعلق بالبنية التحتية والخدمات العامة، يعاني النظام الصحي من ضغوط كبيرة بسبب زيادة الطلب ونقص التمويل، مما يؤثر على جودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين. كما تواجه المؤسسات التعليمية تحديات في تقديم تعليم عالي الجودة في ظل نقص الموارد المالية والبنية التحتية. وهناك حاجة ماسة لتحسين وتطوير البنية التحتية، بما في ذلك الطرق، والمياه، والكهرباء، لمواكبة النمو السكاني والاقتصادي.
 
فيما يتعلق بالتحديات البيئية، يعاني الأردن من نقص حاد في الموارد المائية، حيث يُعتبر الأردن ثاني أفقر دولة على مستوى العالم في المياه، مما يشكل تحديًا كبيرًا للأمن المائي والتنمية المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، يؤثر عدم الاستقرار في المنطقة المحيطة على الحركة الاقتصادية والاستثمارية، ويؤدي إلى تردد المستثمرين في القدوم إلى الأردن، مما يتطلب سياسات استثنائية للتعامل مع هذه الظروف.
 
علاوة على ذلك، يواجه الأردن تحديات في مواكبة التطور التكنولوجي والتحول الرقمي، مما يؤثر على القدرة التنافسية والابتكار. هناك حاجة ماسة لتسريع وتعزيز البنية التحتية التقنية وتطوير المهارات الرقمية لتحسين الإنتاجية والنمو الاقتصادي. مواجهة هذه التحديات تتطلب سياسات شاملة وإصلاحات جذرية في مختلف المجالات، بالإضافة إلى التعاون الدولي والإقليمي لدعم الجهود التنموية في البلاد.
 
نظراً لحجم التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن، فإنه يحتاج إلى محرك جديد للنمو لتجاوزها. لذلك، تحتاج الحكومة إلى الاستفادة من الرياح الدافعة في اتجاه التقدم التكنولوجي. هنا توجد أسباب للتفاؤل، فنحن على أعتاب عصر جديد من الذكاء الاصطناعي الذي ينتج بالفعل مكاسب مالية وإنتاجية كبيرة بين الشركات، وإذا تم توسيع هذه المكاسب إلى الاقتصاد الأوسع، فقد تعزز نمو الاقتصاد الأردني بما يصل إلى 5% سنويًا لعقد من الزمان. رؤية التحديث الاقتصادي توقعت هذه المكاسب اعتبارًا من عام 2023، ولكنها لم تتحقق؛ إذ لم تتجاوز معدلات النمو متوسطاتها خلال العقد ونصف العقد الماضيين.
 
يفترض أنه بموجب سيناريو سريع لتبني الذكاء الاصطناعي، فإن النمو المدعوم بالذكاء الاصطناعي سيولد إيرادات ضريبية إضافية لتعويض معظم الضغوط المالية الإضافية التي تواجه الأردن الآن، إذا ما تصاحب ذلك بترشيد كبير للنفقات، وتقليص حجم القطاع العام، وتحفيز أكبر للقطاع الخاص والاستثمارات الخارجية. الأردن في وضع جيد للاستفادة من الموجة التكنولوجية الحالية والقادمة، حيث يحتل المرتبة الـ 54 عالميًا في التقدم التكنولوجي وفقًا للتصنيف المعتمد لعام 2023. العالم حافل بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، والواقع الافتراضي، والتكنولوجيا الخضراء. ولكن يجب التنبيه إلى أن المكاسب الاقتصادية من الذكاء الاصطناعي لن تحدث تلقائيًا. ستحتاج الحكومة إلى الدعم في نشر تقنية عصر الذكاء الاصطناعي عبر الاقتصاد من خلال تبني موقف دافع ومؤيد ومسرع للابتكار والتكنولوجيا.
 
تقنية عصر الذكاء الاصطناعي هي الحل الوحيد الذي يمكن أن يرفع الأردن من أزمته الحالية، ويخلق فرصًا جديدة، ويساعد في إعادة تصور الدولة للقرن الحادي والعشرين. ولكن لتحقيق هذا، يجب على الحكومة أن تغير طريقة عملها. تحتاج إلى دفع اعتماد تقنية عصر الذكاء الاصطناعي عبر القطاع العام من خلال إنشاء «مركز تحكم» جديد في قلب الحكومة، يركز على تحديد الطرق للاستفادة من التكنولوجيا لتحسين إنتاجية القطاع العام، ووحدة جديدة للتكنولوجيا والتنبؤ داخل وزارة المالية لاستكشاف كيف يمكن أن تتطور المكاسب الاقتصادية من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لضمان توجيه الاستثمار بشكل جيد.