الغد
إعادة تشغيل مطار عمّان المدني مع نهاية الشهر الحالي خطوة تشغيلية مهمة تعيد لهذا المطار دوره الطبيعي في منظومة النقل الجوي، وتعزّز قدرات الأردن في استقطاب الحركة السياحية وشركات الطيران منخفضة التكاليف، وتمنح العاصمة منفذًا جويًا سريعًا وعمليًا يتناسب مع موقعها وحاجات سكانها وزوّارها.
المطار، الذي تجاوز عمره سبعين عامًا، يعود اليوم بعد أن استكملت شركة إدارة المطارات الأردنية جميع متطلبات السلامة والأمن والتسهيلات، وبات ينتظر فقط ترخيص هيئة الطيران المدني لبدء استقبال الطائرات.
الأهمية الحقيقية لهذا التشغيل تكمن في موقع المطار داخل المدينة، وهو عامل حاسم في تفضيل المسافرين القادمين في زيارات قصيرة لا تتجاوز أيامًا معدودة، ممن يحتاجون إلى نقطة دخول سريعة وقريبة من الفنادق والمواقع السياحية.
كما أن سهولة الوصول إليه والخروج منه تمنح شركات السياحة ميزة إضافية، وتختصر على المسافرين الوقت وتكاليف التنقّل، وهي عناصر غالبًا ما تحدد قرار السائح عند اختيار وجهته.
من منظور أوسع، فإن تشغيل مطار عمّان المدني يشكّل رافعة لمطار الملكة علياء الدولي، لا منافسًا له، فالمطار الجديد سيكون رديفًا جاهزًا للتعامل مع أي ظروف جوية، خصوصًا في أشهر الضباب التي تؤدي أحيانًا إلى تحويل الرحلات، وبذلك تتحقق مرونة تشغيلية عالية تحمي حركة الطيران وتضمن انسيابية قدوم الزوار دون تعطّل أو تأخير.
كما يمنح الشركات منخفضة التكاليف مساحة تشغيل جديدة، وهو ما أبدت عدة شركات اهتمامًا به وفق ما أكده المدير العام لشركة إدارة المطارات الأردنية أحمد العزام، الذي أوضح أن بعض هذه الشركات تدرس تشغيل رحلات تجريبية فور صدور الترخيص.
وعلى الصعيد الاقتصادي، تشير تقديرات الشركة إلى أن المطار قادر على استقبال مليون مسافر سنويًا في مرحلته الأولى، مع إمكانية التوسع مستقبلًا، وقد بلغت كلفة تأهيله وتجهيزه نحو خمسة عشر مليون دينار، وهي كلفة معقولة مقارنة بالفوائد المتوقعة، سواء من حيث الإيرادات التشغيلية أو من حيث تنشيط قطاع النقل والسياحة والتجارة، لكن الشركة تتوقع تحقيق ما يقارب عشرة ملايين دينار في السنة الأولى من التشغيل، وفق المعطيات الحالية وعدد الرحلات المستهدف.
أما على مستوى الربط الداخلي، فإن تشغيل المطار يفتح الباب مجددًا أمام الرحلات بين عمّان والعقبة، خاصة مع نشاط الحركة السياحية الداخلية وتوسع مشاريع منطقة العقبة الاقتصادية، وهذا الربط، إن أعيد تنظيمه بفعالية، سيخلق دورة اقتصادية أسرع ويعزز حركة الزوار بين العاصمة والجنوب.
اليوم، يعود مطار عمّان المدني كإضافة نوعية لمنظومة الطيران الأردنية، ويعود كمحرك للسياحة، ووسيلة لتخفيف الازدحام والضغط عن المطار الرئيسي، وواجهة حضرية تتناسب مع موقع العاصمة.
الأهم أنه يمنح الأردن قدرة أكبر على جذب شركات جديدة وزيادة أعداد المسافرين، بما يتوافق مع رؤية التحديث الاقتصادي واحتياجات النمو السياحي، فتشغيل هذا المطار ضرورة تخدم الاقتصاد الوطني، وتمنح عمّان منافذ أكثر كفاءة ومرونة.