انخفاض غير مسبوق في إنتاج الزيتون بإربد.. مزارعون يصفون الموسم بـ"الاستثنائي والصعب" ويطالبون بالتعويض
جو 24 :
مالك عبيدات _ يعيش مزارعو الزيتون في مختلف مناطق محافظة إربد حالة من الدهشة والقلق بعد أن وصفوا موسم العام الحالي 2025 بأنه الأضعف منذ عقود طويلة، نتيجة الانخفاض الكبير في إنتاج الثمار والزيت، ما انعكس بشكل مباشر على أوضاعهم الاقتصادية والمعيشية، وكذلك على نشاط المعاصر التي تشكل ركناً أساسياً في الدورة الزراعية والاقتصادية للمحافظة.
وقال مزارعون في أحاديثهم لـ"الأردن 24" إن الموسم الحالي جاء مخيّباً للآمال بكل المقاييس، إذ لم يتجاوز الحمل على أشجار الزيتون في العديد من المناطق 10 إلى 15 في المئة، مقارنةً بالمواسم السابقة التي كانت تشهد إنتاجاً وفيراً يغطي احتياجات السوق المحلي ويدعم دخل آلاف الأسر.
ضعف غير مسبوق في المحصول
وأشار المزارع محمد الزعبي إلى أن الموسم الحالي "صعب واستثنائي" بكل ما تحمله الكلمة من معنى، موضحاً أن أشجار الزيتون البعلية، التي تعتمد على الأمطار بشكل كامل، حملت هذا العام نسبة ضئيلة جداً من الثمار نتيجة تغير المناخ وقلة الهطول المطري خلال الموسم الماضي.
وأضاف أن موجات الحر المتتابعة التي شهدتها المملكة في فصل الربيع، وغياب الأمطار في الفترات الحرجة من نمو الأزهار، أديا إلى تساقط نسبة كبيرة من الثمار قبل نضوجها، ما تسبب في انخفاض الإنتاج إلى مستويات غير مسبوقة.
ولفت الزعبي إلى أن انعكاسات هذا التراجع لم تقتصر على المزارعين فحسب، بل طالت أيضاً معاصر الزيتون التي كانت تعمل في المواسم الماضية على مدار 24 ساعة يومياً، وتمنح المزارعين مواعيد حجز تمتد لأيام، بينما أصبحت هذا العام تعمل بنصف طاقتها التشغيلية أو أقل.
وأشار احد اصحاب المعاصر إلى أن أحد المزارعين الذين يعصر لديهم انخفض إنتاجه من 178 تنكة زيت العام الماضي إلى 14 تنكة فقط هذا الموسم، فيما ذكر مزارع مسن يبلغ من العمر 80 عاماً أنه لم يشهد موسماً بهذه الضعف منذ نحو 80 عاماً، وهو ما يعكس حجم الأزمة التي يعيشها هذا القطاع الحيوي.
خسائر فادحة وواقع مرير
من جانبه، قال المزارع محمد الرفاعي إن المزارعين يشعرون هذا العام بـ"صدمة حقيقية" نتيجة تدني الإنتاج الذي لم يتجاوز 15% من المواسم السابقة، مؤكداً أن هذا الانخفاض الحاد سيتسبب بخسائر مالية كبيرة للمزارعين الذين يعتمدون على عوائد الزيتون كمصدر دخل أساسي لإعالة أسرهم وتغطية تكاليف الزراعة.
وأوضح الرفاعي أن بعض المناطق المروية مثل الأزرق والمفرق شهدت إنتاجاً أفضل نسبياً نظراً لاعتمادها على السقاية، إلا أن نوعية الزيت المروي أقل جودة من الزيت الناتج عن أشجار الزيتون البعلية التي تُعرف بتميزها وطعمها الغني ونقاوتها العالية.
وطالب الرفاعي الحكومة بضرورة إيجاد آلية لتعويض المزارعين عن الخسائر الكبيرة التي لحقت بهم هذا العام، خصوصاً في ظل ارتفاع كلف التشغيل والصيانة، مثل أسعار العمالة والمياه والطاقة، مقابل تدني الإنتاج إلى مستويات لا تغطي حتى الحد الأدنى من النفقات.
وأضاف أن الموسم الحالي "استثنائي بكل معنى الكلمة"، ويُعدّ من أضعف مواسم الزيتون التي مرت على محافظة إربد والمملكة منذ عقود طويلة، داعياً إلى الإسراع في تنفيذ برامج دعم عاجلة للمزارعين لضمان استمرارهم في الزراعة وعدم هجرتهم لهذا القطاع.
دعوات لتأجيل الاستيراد ودعم المزارعين
بدوره، دعا أمين عام اتحاد المزارعين المهندس محمود العوران الحكومة إلى تأخير أي قرار بفتح باب استيراد زيت الزيتون من الخارج إلى ما بعد انتهاء المزارعين من قطاف موسمهم وتصريف إنتاجهم المحلي، حتى لا يتعرضوا لمزيد من الخسائر.
وأكد العوران ل الأردن ٢٤ أن الاتحاد يدعم بشكل كامل أي توجه لتعويض المزارعين الذين تكبدوا خسائر كبيرة هذا العام نتيجة العوامل المناخية الخارجة عن إرادتهم، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك خطة وطنية طويلة الأمد لدعم قطاع الزيتون، الذي يمثل ركيزة من ركائز الأمن الغذائي في الأردن.
وزارة الزراعة تدرس خيارات الاستيراد
من جهته، كشف الناطق الرسمي باسم وزارة الزراعة لورنس المجالي أن الوزارة تدرس حالياً فتح باب استيراد زيت الزيتون من عدة مناشئ خارجية، ضمن خطة لتأمين احتياجات السوق المحلي في حال استمرار انخفاض الإنتاج المحلي.
وأوضح المجالي لـ"الأردن 24" أن الدراسة تتضمن تحديد آلية واضحة للاستيراد سواء من خلال الجمعيات التعاونية أو المؤسسة العسكرية أو أي جهة رسمية أو خاصة ترغب بالمشاركة في عملية الاستيراد.
وأكد أن الوزارة ستعمل على تحديد الكميات المسموح باستيرادها بعناية، وبما يضمن توازن السوق المحلي دون الإضرار بالمزارعين الأردنيين أو التأثير سلباً على أسعار الزيت المحلي في المواسم اللاحقة.
قطاع الزيتون أمام تحدٍّ صعب
ويُعدّ قطاع الزيتون في الأردن من القطاعات الزراعية الاستراتيجية، إذ تشكّل مساحة الأراضي المزروعة بالزيتون ما يزيد على 70% من المساحات المزروعة بالأشجار المثمرة في المملكة، فيما يعتمد عليه عشرات آلاف الأسر كمصدر رزق أساسي.
ويخشى المزارعون أن يؤدي استمرار هذا التراجع في الإنتاج إلى تراجع مكانة الأردن كمنتج مميز لزيت الزيتون عالي الجودة، مطالبين الحكومة بوضع خطة وطنية شاملة للتعامل مع آثار التغير المناخي ودعم المزارعين بالتقنيات الحديثة والري التكميلي لضمان استدامة هذا القطاع الحيوي.