عمون
- نداء عليان - بعد مرور 10 أيام على قرار رفع الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية، دون أن يتم التخليص على أي مركبة في المنطقة الحرة، ما حرم خزينة الدولة من رسوم الجمارك، اثيرت تساؤلات حول مدى صحة القرار وأهدافه، بعد ان كان الأردن الأكثر مبيعا لهذا النوع من السيارات في الشرق الأوسط.
خبراء تحدثوا لـ عمون أشاروا إلى أن بعض هذه القرارات يكون مدفوعا من الخارج ومرتبطا بالحرب الاقتصادية الأمريكية الصينية لتضييق الخناق على السوق الصيني في المنطقة، فيما قال محللون إن الجباية هي الهم الأكبر لدى الحكومات الأردنية.
الخبير الاقتصادي مازن مرجي قال لـ عمون، إن قرار رفع الضريبة الخاصة على مركبات الكهرباء والذي جاء بشكل فجائي، يخدم مصالح ضيقة، ولا يحترم المواطن ولا يحافظ على كرامته ولا يعطيه الحق بالاطلاع مسبقا على القرارات.
وأضاف، ان مثل هذه القرارت تكون مبنية على رغبات خارجية من أمريكا وأوروبا بوقف الصادرات الصينية لدول المنطقة، إلى جانب الجباية والجشع.
وأوضح أن الصين باتت تشكل خطرا على السوق الأمريكية والأوروبية، والاردن يتبع للاقتصاد الأجنبي والحرب الاقتصادية التنافسية القائمة بين امريكا والصين التي تعد اكبر منتج للسيارات الكهربائية.
وأكد مرجي أن القرار الحكومي لم يكن صائبا أيا كانت مبرراته، فهو سيضرب الطلب العام على السيارات الكهربائية، ولن ينفع السيارات التقليدية، لأن العالم بأسره يتجه نحو هذا النوع من السيارات.
ووصف قرار رفع الضريبة الخاصة بالاستهتار في المواطن وخداعه، مشيرا إلى أن الاعتماد على الخداع يضر المواطن بالمركز الأول.
* اقتصاد الكمائن
الخبير الإقتصادي حسام عايش تحدث لـ عمون عن الخداع أيضا مطلقا عليه اسم آخر "اقتصاد الكمائن" معتبرا أن ما جرى في سيارات الكهرباء هو كمين نصبته الحكومة للأردنيين، إذ تركت المواطنين يتجهون إلى التحول نحو السيارات الكهربائية، مدفوعين بانخفاض الضريبة عليها، وبمجرد ان ارتفع الطلب عليها نفذت الحكومة كمينا اقتصاديا لهم، برفع هذه الضرائب إلى مستويات كبيرة.
وبين أن الحكومة نقضت بقراراها هذا عهدين اثنين، الأول عدم فرض ضرائب جديدة خلال 2024 وهو ما أكده وزير المالية السابق في البرلمان، اما الثاني، فالبرنامج الجديد المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي الذي يشير إلى أن الاداء الاقتصادي لا يعتمد على زيادة الضرائب.
وأوضح أن الضرر الأبرز الناتج عن القرار هو الحد من الاندفاع نحو السيارات الكهربائية، وجعل العديد يعيدون تفكيرهم من التحويل الى السيارات الكهربائية، إضافة إلى تورط التجار الذين وجدوا انفسهم أمام معضلة تسويق وبيع هذه السيارات.
وأضاف أن السيارات التقليدية لن يرتفع الطلب عليها رغم تخفيض ضريبتها، لأن أسعارها مرتفعة في الأساس.
* جباية
عايش ومرجي اتفقا على وصف الضريبة الخاصة الجديدة بنهج الجباية، مشيرين إلى أن الحكومة تلجأ إلى جيب المواطن في تحقيق الإيرادات وهو فقط ما يهمها وتسعى اليه بأي وسيلة.
وأكد عايش أن الحكومة همها الأساسي الإيرادات التي تتحصل عليها وعدم تراجعها بل زيادتها، ولذا فإن مجلس النواب الجديد والحكومة الجديدة يجب ان يتعاونا لمراجعة هذا القرار، وتحديد سياسات ضريبية معلومة لحد 5 سنوات على الأقل من باب الشفافية في إدارة العملية الاقتصادية.
وقال إنه لا بد من وجود آلية للتدرج في رفع هذه الضريبة إلى مستوى معين، ما يفتح المجال أمام المواطن لاتخاذ القرار الذي يناسبه حتى لا يشعر بوجود كمائن اقتصادية أمامه.
وبين أن أكبر الإشكاليات في الأردن هي تغير التشريعات، إذ يقول البنك الدولي أن 30% من التشريعات الأردنية تتغير بأقل من سنتين وهذا يؤكد ضعف جودة التشريعات من جهة، وضعف القدرة على التنبؤ المستقبلي بما يتعلق بفعالية هذه التشريعات وجودتها، ولذا على الحكومة تطوير نفسها وايجاد مصادر أخرى لزيادة اراداتها.
ويرى مرجي أن الحكومات الأردنية تهرول نحو جيب المواطن وتحاربه طوال الوقت لتتمكن من تغذية "الفساد المالي والإداري" وفق ما قال، وايضا تغذي استمرار الاستدانة الداخلية والخارجية التي وصلت إلى مبالغ تجاوزت 42 مليار دينار دون وضع حلول حقيقة تخدم النمو الاقتصادي غير الموجود في الأردن.
وأضاف، ان الحكومات لا تنجز شيئا سوى فرض الضرائب المباشرة وغير المباشرة على المواطنين، كضرائب السيارات الكهربائية، لرفد خزينة الدولة، ولذا لا يوجد طريق أمام المواطن إلا المقاطعة والتقليل من نسب الاستهلاك، وعندها ستكون الحكومة مضطرة لإعادة النظر بقراراتها.
ودعا مجلس النواب إلى الضغط نحو إعادة النظر بهذا القرار، "رغم ان البرلمانات الاخيرة لم تفد الشارع ولم تغير شيئا" بحسب مرجي.
وبين أنه رغم العقلية "الجبائية" لدى الحكومة فإنها تصدر قرارا وتترك الباب مفتوحا أمام تغييره، لأن النظام يختلف عن القانون، ويمكن تغييره بحسب المعطيات، ولكن مثل هذه القرارات تخدم هدف واحد وهو الجباية، وهي ليست عيبا عندما تكون عادلة وضمن القانون، ولكن عندما تكون الضريبة غير تصاعدية فهي قرارات حكومية مبنية على رغبتها دون اهتمام بالتناقض الذي يسببه قرارها.
وأشار إلى ان المواطن يسعى للحصول على تسهيلات وتوفير الكلف الأقل عبر الاستفادة من الفكر العلمي، والأدوات التي تسهل حياته كالسيارات الكهربائية، ولذا فإن الضرر الأقوى وقع على المواطن الذي "خُدع" بهذا الرفع الفجائي غير المقبول.
وأكد أن هذا النمط من القرارت الذي يعتمد على السرية والفجائية غير صحيح وغير مقبول، ولا يبرر بقول الحكومة بأنها تقلق من ان يستغل التجار هذه القرارات، لأن التجار على ارتباط وثيق مع الحكومة وتربطهم مصالح مشتركة "كأفراد".
* مواجهة التغير المناخي
عايش قال إن المواطنين كانوا يعتقدون أن الحكومة تشجع على مواجهة تحديات المناخ والاستراتيجية المعتمدة حتى 2050 مع ما يسمى بالحياد الكربوني، وبالتالي توجهت إلى التحول نحو قطاع النقل الكهربائي، مشيرا إلى أن القرار له انعكاسات سلبية كثيرة على المواطن سواء كان تاجرا أو مواطنا.
وأضاف، أن التحول نحو قطاع النقل الكهربائي كان يجب أن يكون ضمن السياسات الحكومية، خصوصا وان الطلب على السيارات التقليدية تراجع.
وفي الوقت ذاته بين أن هذا التراجع في الايرادات هو المبرر الحقيقي للحكومة في قرارها، اضافة الى تراجع ايرادتها من الضريبة المفروضة على المشتقات النفطية بعد تحول المواطنين الى السيارات الكهربائية، ولذا فرضت ضريبة جديدة على السيارات لتعويض هذا الضرر.
وأكد أن الحكومة لا يمكنها الوقوف أمام التحولات العالمية، إذ أن كمية بيع السيارات الكهربائية التي شهدها الربع الاول من العام الحالي تساوي ما تم بيعه خلال العام الماضي كاملا، رغم التباطؤ الموجود، إلا ان العالم يسير نحو هذه التكنولوجيا الجديدة بوتيرة متسارعة، وبالتالي القرار الحكومي لن يقف أمام هذا التحول، بل على الحكومة مواكبته من خلال استثمارات اضافية في قطاع الطاقة الكهربائية على وجه التحديد.
وكذلك أكد مرجي أن القرار يتناقض مع السياسية المعلنة في الاردن وباقي الدول وهي التوجه نحو البيئة الأنظف واستخدام الكهرباء.
وقال إن هذه السياسة هي التي ساهمت بانتشار المركبات الكهربائية في العالم وبالتالي فإن القرار يتناقض مع التوجه العالمي نحو تقليل الاعتماد على الوقود وتخفيض التلوث البيئي.
وأوضح ان القرار أربك السوق لأنه وبعدما وجد الاقبال من جانب المواطن وتشجيع الحكومة عليها تفاجئ بالقرار الاخير الذي احبط تلك الثقافة الجديدة بشكل عام، كما انه اربك التاجر نفسه الذي توجه للتجارة بتلك السيارات.