الغد-هبة العيساوي
رغم الترحيب المبدئي من خبراء عماليين حول حزمة تحفيز للمنشآت لمساعدتها على رفع الحد الأدنى للأجور، إلا أنها أثارت تساؤلات ومخاوف حول آليات التطبيق، كمصدر التمويل، وتأثيرها المحتمل على أموال الضمان الاجتماعي.
الخبراء أشاروا إلى أن هذه الخطوة تفتح الباب لنقاش وطني حول كيفية تحقيق التوازن بين دعم الاقتصاد من جهة وحماية حقوق العمال بشكل مستدام.
وكان وزير العمل خالد البكار كشف أخيرا عن حوافز للمنشآت الاقتصادية فيما يتعلق بقرار رفع الحد الأدنى للأجور.
جاء ذلك بعد أن تم رفع الحد الأدنى للأجور من 260 إلى 290 دينارا، وفق قرار اتخذ يوم الثلاثاء الماضي.
وبين البكار، خلال جلسة مناقشة اللجنة المالية النيابية لموازنة وزارة العمل في مجلس النواب أن الوزارة درست جملة من الحوافز حتى لا تكون زيادة الحد الأدنى للأجور عبئا على المنشآت.
وأشار إلى أن الهدف من ذلك أيضا كي "لا تزيد نسبة البطالة"، مبينا أنها ستكون عبر مؤسسة الضمان الاجتماعي وبتقسيط المستحقات الاقتصادية من الغرامات والفوائد.
وأوضح، سيتم تمويل أي منشأة تقدم لبرنامج الحوافز130 دينارا كدعم أجر العامل الشهري لمدة 6 أشهر، فيما ستمول الحكومة المنشأة بقيمة 10 دنانير بدل اشتراكات الضمان الاجتماعي عن العامل و10 دنانير بدل مواصلات.
بدوره أكد نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، خالد أبو مرجوب، أن الحوافز المقدمة لدعم العمال وأصحاب العمل خطوة إيجابية ومحل ترحيب، لكنها تحتاج لمعالجة بعض الجوانب لضمان تأثيرها الفعلي على خفض معدلات البطالة ودعم الاقتصاد بشكل مستدام.
وأشار أبو مرجوب إلى أن تحديد مدة هذه الحوافز بستة أشهر فقط يمثل عائقا أمام تحقيق نتائج طويلة الأمد، قائلا: "6 أشهر ليست كافية لتقليص معدلات البطالة بشكل ملموس، كما أن تقييد الحوافز بمبالغ وفترة محددة يقلل من فعاليتها."
وأضاف أن رفع الحد الأدنى للأجور، الذي سيدخل حيز التنفيذ بداية العام القادم، يجب أن يكون مصحوبا بحوافز ممتدة ومتعددة الأشكال لدعم أصحاب العمل وضمان عدم اعتباره عبئا عليهم.
وتابع: "الحد الأدنى للأجور حق مشروع للعامل، ويستحق العامل أكثر من ذلك. لكن على الحكومة وأصحاب العمل والعمال التعاون لتحقيق توازن عادل يحافظ على الاقتصاد وعجلة الإنتاج."
وشدد أبو مرجوب على أهمية تعزيز الشراكة الاجتماعية بين الحكومة وأصحاب العمل والعمال لتحقيق التنمية الاقتصادية وضمان استدامة الحوافز بما يخدم جميع الأطراف، مشيرا إلى أن الهدف يجب أن يكون بناء اقتصاد قوي يخدم الجميع دون أن يكون هناك طرف غالب أو مغلوب.
من جانبه قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، إن إعلان وزير العمل عن تقديم حوافز للمنشآت الاقتصادية يفتقر للعديد من التفاصيل خاصة فيما يتعلق بشروط وآليات تطبيق هذا الدعم ومصدر التمويل المستخدم وفيما إذا كان الدعم سيتم تمويله من صناديق الضمان الاجتماعي نفسها أم من أموال برامج تمويل خارجية ستصرف عبر الضمان.
ورأى أبو نجمة أن التصريح يثير مخاوف حقيقية تتعلق بمصير أموال العمال التي يفترض أنها محمية ومخصصة حصريا لخدمة مصالحهم وتأمين مستقبلهم الاجتماعي.
وأشار إلى أن أموال الضمان الاجتماعي هي حق للعمال والمشتركين ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدامها لتغطية التزامات أو برامج يفترض أن تتحمل الحكومة كلفها أو أن تستهدف تحفيز أصحاب العمل، فدور الضمان الاجتماعي يتمحور حول تأمين العمال وحمايتهم من المخاطر الاجتماعية والاقتصادية، وليس تمويل برامج دعم للمنشآت أو تخفيف أعباء عن أصحاب العمل.
وتطرق أبو نجمة إلى أن أموال الضمان ليست موارد حكومية يمكن التصرف بها لدعم سياسات اقتصادية أو برامج تحفيزية وأي توجه لاستخدامها خارج نطاق غاياتها الأساسية يمثل خرقا لمبادئ وجودها وأهدافها وغاياتها، ويهدد استدامة النظام التأميني ويقلل من الثقة في منظومة إدارة الصناديق التي تشكل شبكة أمان للعمال.
وأوضح ابو نجمة أن على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها بدعم المنشآت الاقتصادية بشكل مباشر عبر مواردها المخصصة لذلك ضمن الموازنة العامة كما يجب أن تضمن الشفافية الكاملة حول مصدر التمويل وشروط وآليات الدعم، بما لا يؤثر سلبا على أموال الضمان أو حقوق المشتركين.
وأضاف أن أي برامج أو سياسات تمس حقوق العمال أو أموالهم تتطلب حوارا وطنيا واسعا وإشراكا فعليا لجميع الأطراف ذات العلاقة لضمان حماية حقوق العمال وعدم تحميل عبء دعم الاقتصاد على حساب هذه الحقوق الأساسية.
من جانبه اعتبر مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض، الحوافز خطوة إيجابية لتخفيف الأعباء عن المنشآت المتضررة من قرار رفع الأجور.
وأكد عوض على ضرورة استهداف المنشآت المتضررة فقط، ويجب أن تكون الحوافز موجهة بعناية لدعم المنشآت التي تتأثر فعليا بالقرار، دون شمول المنشآت التي لا تتأثر.
وبين أهمية تعزيز شمول العمال بالضمان الاجتماعي، بحيث يتم دعم المنشآت المشروطة بزيادة تسجيل العاملين في بالضمان يعد خطوة إيجابية لتوسيع الشمول وتوفير الحماية للعمال.
وأكد عوض على دقة التطبيق فمن المهم أن تكون آليات الدعم دقيقة وشفافة لتحقيق الأهداف المرجوة.
وقال إن هذه الأفكار تمثل رأيا متوازنا يدعو لتحقيق التوازن بين دعم الاقتصاد وضمان حقوق العمال.