نمو أعلى، بطالة أقل، وتضخم مقبول*د. يوسف منصور
الراي
يحمل العنوان ثلاث متغيرات في رأسية واحدة،فالأرقام الاقتصادية للربع الأول من هذا العام تحمل في طياتها انفراجا اقتصاديا قريبا طال انتظاره. فبعد سنين من الانشغال في حوار بائس لا يحترم علم الاقتصاد أو يحاكيه أو يسمن من جوع بل يركز فقط على عجز الموازنة وكأن كل ما يهم الفقير أو فاقد العمل هو نمو الدين والعجز وليس تحفيز الاقتصاد وتشغيل الاردنيين، نجد أن الفريق الاقتصادي للحكومة الحالية يركز فعلا على تنفيذ خطة وخارطة طريق اقتصادية بكل ما في الكلمة من معنى.
لم يأت التحسن من العدم، أو بالصدفة فلقد بلغ عدد القرارات التحفيزية التي أطلقتها الحكومة أكثر من 94 قرارا، تمديد الإعفاءات الضريبية والجمركية على معدات الطاقة المتجددة حتى نهاية فبراير 2025، وإقرار قانون الكهرباء وقانون الغاز الجديدين لتسهيل الاستثمار وتوسيع الشبكات، وتوقيع اتفاقيات دولية مع شركات مثلAmarencoالفرنسية وFFIالأسترالية والمجموعة الصينية للطاقة لدعم مشاريع الهيدروجين الأخضر والطاقة النظيفة.
ولتحفيز السياحة والاستثمار المحلي قامت الحكومة بإعفاء مشروع مدينة جرش السياحية البيئية من ضريبة المبيعات، وإعفاء المنشآت السياحية في البتراء من رسوم رخص المهن لعام 2025، وتحديث الأنظمة الناظمة للقطاع السياحي، بما في ذلك نظام الفنادق ومكاتب السياحة.
كما تم إطلاق مشاريع جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص، مع التركيز على النفقات الرأسمالية، وتفعيل وحدات المتابعة في الوزارات لضمان تنفيذ المشاريع ضمن الجداول الزمنية الإصلاحات الهيكلية تهدف إلى تحفيز نمو يقوده القطاع الخاص، مما يعزز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل.
وبالنتيجة، ارتفع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من هذا العام بنسبة 2.7 بالمئة بالأسعار الثابتة، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي والتي بلغت فيها نسبة النمو 2.2 بالمئة فقط. وكانقطاع الصناعات التحويلية الأبرز مساهمة في نسبة النمو المتحقق، يليه قطاع الزراعة، ثم المالية والتأمين والخدمات العقارية. تحققت نسبة النمو هذه وسط إقليم مضطرب جدا، وبيئة مكتظة بطبول الحرب بالإضافة الى العدوان المستمر على غزة وهي أمور تخلق القلق بل والخوف لدى المستثمر والمنتج والمستهلك.
من الجدير بالذكر أن نمو الصناعات التحويلية وهو المؤشر الأهم من الناحية الاقتصادية يبين أن مجموعة الحوافز والإجراءات التي تقدمها الحكومة تدفع هذا القطاع بشكل إيجابي وبقدر لا يستهان به، مما حرك الاقتصاد ككل. أي أن نوعية النمو ارتكزت على الصناعة التحويلية وهي المبشّر فعلا بنمو مستدام.
على كل، كان من الممكن أن تقارب نسبة النمو 3% لولا التطورات السالبة في الإقليم. على كل إذا استمرت الحكومة الحالية على هذا الحال من الأداء ولم تحصل تطورات إقليمية إضافية سالبة سنحقق نسبة نمو قد تفوق 3% مع انتهاء العام.
انخفض معل البطالة (للعمالة الأردنية والوافدة) من 21.4 % في العام الماضي الى 21.3%، وهي نسبة قد تبدو ضئيلة لأول وهلة، ولكن لاحظ أن بيانات الربع الأول من عام 2025 أظهرت هبوط نسبة العمالة الوافدة إلى 44.0% من إجماليالمشتغلين، مقارنة بـ44.7% خلال الفترة نفسها من عام 2024، مسجلة تراجعًا قدره 0.7 نقطة، مما يعني أن تحسن أرقام البطالة بين العمالة الأردنية (وليس كافة العمالة) أكبر بكثير من الرقم من 0.1% بل تزيد عن 0.4%، وهي نسبة لا يستهان بها وتترجم الى 95,000-100،000 وظيفة جديدة تقريباللأردنيين.
أما بالنسبة للتضخم، فلا يزال معدل التضخم في الأردن منخفضا ومستقرا. بلغ متوسط مؤشرأسعارالمستهلك أقل من 2% في الربع الأول من عام 2025 حيث شاهد القياسي العام لأسعار المستهلك (التضخم)ارتفاعاً بنسبة 1.97% للأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 مقارنةً مع نفس الفترة من عام 2024. وسيشهد التضخم انخفاضا أيضا مع القرارات الحكومية التي صدرت يوم السبت الماضي بتخفيض الجمارك والرسوم على السيارات.
رغم أن الأثر الاقتصادي الكامل لتوجهات الحكومة الحالية سيظهر جليا بعد سنة أو سنتين حسب النظرية الاقتصادية والمشاهدات العالمية، إلا أن التحسن في مجالات هامة في الاقتصاد الأردني قد بدأ فعلا في الظهور كما تبين الأرقام.لذا، كل الدعم ولنبدأ بالتفاؤل.