أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Feb-2025

خدمات الزراعة الرقمية.. واقع عملي بعيد عن المبالغات

 الغد

مايكل كينان، إروين بولت، لوك كريستينسن، توماس ريردون، هانا ريد
 
واشنطن - ما يزال أداء الزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء دون المستوى المطلوب على الرغم من إمكاناتها الهائلة، حيث يكافح الإنتاج الزراعي لمواكبة النمو السكاني، مدفوعاً بشكل رئيسي بالتوسع غير المستدام للأراضي بدلاً من تحقيق مكاسب في الإنتاجية. فعلى سبيل المثال، في كينيا، ركدت إنتاجية محصول الذرة عند نحو 1.5 طن للهكتار منذ التسعينيات، مقارنة بنحو 3.6 طن في الهند و6.4 طن في الصين في العام 2022.
 
 
وتعد محدودية الاعتماد على الوسائل التكنولوجية الحديثة في الزراعة جوهر المشكلة. غير أن هناك تفاؤلا متزايدا بأن الحلول الرقمية يمكن أن تساعد على خفض تكلفة تقديم المشورة الزراعية والحصول عليها، إلى جانب توفير المستلزمات عالية الجودة، والنفاذ إلى الأسواق المربحة للمزارعين.  
وتقدم هذه المدونة، وهي الأولى في سلسلة مدونات، برنامجاً بحثياً مبتكراً جديداً مدته 5 سنوات لتحليل تأثير خدمات الزراعة الرقمية على إنتاجية المزارع وفرص العمل في كينيا.
سافانا السيليكون
من المعروف أن تكاليف المعاملات في أفريقيا جنوب الصحراء مرتفعة للغاية، مما يؤدي إلى انخفاض توافر البذور والمعدات والأسمدة ورأس المال ويجعل من الصعب على المزارعين بيع منتجاتهم. وغالباً ما تحدث هذه التحديات المختلفة أيضاً في وقت واحد، مما يمنع هؤلاء المزارعين من اعتماد الأساليب والتكنولوجيا الجديدة.
بإمكان التكنولوجيا الرقمية أن تؤدي إلى خفض تكاليف المعاملات ومساعدة مُصنعي المستلزمات الزراعية والمؤسسات المالية والمشترين على التواصل مع المزارعين، وإخراجهم من عزلتهم. وتعد التكنولوجيا واعدة بشكل خاص في كينيا، التي أطلقت عليها اسم "سافانا السيليكون"، حيث أدى التدفق الأخير للأموال إلى إنشاء العديد من خدمات الزراعة الرقمية.
 
 
ويمكن للمزارعين الحصول على بيانات الطقس ومعلومات السوق الزراعية بسهولة. فالمشورة الفنية أصبحت عبارة عن رسالة أو مكالمة هاتفية، ويمكن أن يصبح شراء المدخلات أو استئجار الجرارات الزراعية أو العثور على المشترين أمراً سهلاً مثل طلب سيارة على تطبيق "أوبر". وبإمكان "رواد الأعمال الزراعيين" تقديم المشورة عند الطلب للمزارعين الذين لا يمتلكون هواتف محمولة. ويمكنهم أيضاً المساعدة في تجميع الحلول التي تعالج المعوقات المتعددة التي يواجهها المزارعون في وقت واحد.
هل تتطابق المبالغات
مع حقائق الواقع؟
مع كل ما سبق، هل يمكن للتكنولوجيا الرقمية حقاً أن تحقق المميزات المتوقعة من زيادة الإنتاجية داخل المزارع وتوليد فرص العمل في خدمات الدعم خارجها؟
أشار مسح استقصائي هاتفي أجرته شركة 60 ديسيبلز على المستوى الوطني، وهي شركة لقياس الأثر، إلى تزايد انتشار خدمات الزراعة الرقمية في كينيا بين المزارعين ممن يمتلكون الهواتف، لكن تأثيرها ما يزال محدوداً. وفي حين قام نحو 56 % من جميع المشاركين باستخدام أحد أشكال خدمات الزراعة الرقمية (معظمهم للحصول على المعلومات والمشورة)، أفاد ربع المستخدمين فقط - أي %15 من جميع المزارعين - بالاستخدام الهادف والمجدي، وهو ما عرفوه على أنه الاستخدام الذين شعروا أنه كان له تأثير إيجابي.
بالإضافة إلى ذلك، اعتبر المزارعون أن خدمات الزراعة الرقمية تتلاءم مع احتياجاتهم أكثر قليلاً من البدائل التناظرية، وإن لم تكن بالضرورة هي الأسرع أو الأجدر بالثقة. ويعد العزوف عن الدفع مقابل التكنولوجيات الرقمية أحد الأسباب التي تجعل شركات الخدمات الزراعية الرقمية تكافح للتوسع إلى ما هو أبعد من المرحلة التجريبية.
 
 
وبشكل عام، ما تزال خدمات الزراعة الرقمية جديدة نسبياً، ولم يتم إثبات المنافع والمكاسب النهائية التي تحققها للمزارعين إلى حد كبير.
ويعتمد الكثيرون منهم على إعانات الدعم المقدمة من الحكومات والجهات المانحة بشكل كبير. وستظل إمكاناتها الحقيقية غير واضحة حتى تظهر معلومات أكثر دقة وتفصيلاً فيما يتعلق بالقيمة التي تولدها هذه الخدمات للمزارعين - إما بشكل مباشر للمزارعين أو بشكل غير مباشر عن طريق تخفيض التكاليف والأسعار المرتبطة بتقديم الخدمات.
التعلم من الإجراءات العملية
تقوم الدراسة التي أطلقت مؤخراً حول الزراعة الرقمية وفرص العمل في كينيا، بمساندة من مؤسسة بيل وميليندا غيتس، ويجريها فريق من الباحثين يضم أعضاء من المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، وجامعة ولاية ميشيغان، وجامعة فاغنينغن، والبنك الدولي، بتقييم النظم الإيكولوجية الزراعية الممكنة رقمياً وقدرتها على تسريع اعتماد التكنولوجيا، فضلاً عن الإنتاجية والتشغيل.
ويتم إجراء هذه الدراسة في إطار المشروع الوطني لتطوير سلسلة القيمة الزراعية الذي يموله البنك الدولي، والذي يشجع على تطوير واستخدام خدمات الزراعة الرقمية لزيادة إنتاجية المزارعين وربطهم بالأسواق، بطرق منها التوسع في تأهيل رواد الأعمال الزراعيين.
ويحتوي هذا البحث على عنصر الابتكار الذي يتمثل في طريقتين مهمتين. الأولى، أن هذا البرنامج يستخدم "التعلم من الإجراءات العملية"، وهو نهج يمزج بين النظرية والتطبيق ويوازن بين الصرامة والملاءمة والاستجابة، ويقدم رؤى قابلة للتنفيذ لمديري المشاريع وشركاء التنمية وواضعي السياسات مع تطور مراحل البحث.
 
 
والثانية، ومن الناحية المنهجية، فإن هذا البرنامج يعتمد نهجاً شاملاً، يمتد إلى ما هو أبعد من المزارع ليفحص التكنولوجيات الرقمية عبر النظام الإيكولوجي الزراعي بأكمله، ويستخدم أساليب متنوعة، مثل وضع خرائط المسطحات الطبيعية، وإجراء التجارب العشوائية المُحكَمة وواسعة النطاق، وإجراء الدراسات الخاصة بسلسلة القيمة، بالإضافة إلى التحليلات الاقتصادية القياسية.
 
* مايكل كينان زميل باحث مشارك في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، إروين بولت أستاذ اقتصاديات التنمية بجامعة فاغنينغن، لوك كريستينسن كبير خبراء الاقتصاد الزراعي في شرق أفريقيا والجنوب الأفريقي، توماس ريردون زميل باحث أول غير مقيم في المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، هانا ريد مسؤول أول شؤون الرؤى والتعلم في مجال التنمية الزراعية، مؤسسة بيل وميليندا غيتس.