طوكيو: «الشرق الأوسط»
أظهرت بيانات حكومية، يوم الأربعاء، أن العمال اليابانيين شهدوا انخفاضاً في الأجور الحقيقية للشهر الثامن على التوالي في أغسطس (آب) الماضي، مع انخفاض مزدوج الرقم في التعويضات غير المتكررة، بالإضافة إلى التضخم المستمر الذي تجاوز نمو الأجور الاسمية. ووفقاً لبيانات وزارة العمل، انخفضت الأجور الحقيقية المعدلة حسب التضخم -وهي مقياس رئيسي للقوة الشرائية للأسر اليابانية- بنسبة 1.4 في المائة في أغسطس مقارنة بالعام السابق. وكان هذا أسرع انخفاض في الأجور الحقيقية في ثلاثة أشهر، وجاء بعد انخفاض بنسبة 0.2 في المائة في يوليو (تموز)، الذي جاء نتيجة مراجعة بالخفض لما بدا في البداية أنه أول ارتفاع له منذ ديسمبر (كانون الأول) 2024.
واستقر تضخم أسعار المستهلك عند أو أعلى من هدف «بنك اليابان» البالغ 2 في المائة لأكثر من ثلاث سنوات، ولكنه تباطأ في الأشهر الأخيرة، مما عقّد خطط البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة. وارتفع معدل تضخم أسعار المستهلك الذي استخدمته وزارة العمل لحساب الأجور الحقيقية، والذي يشمل أسعار المواد الغذائية الطازجة دون تكاليف الإيجار، بنسبة 3.1 في المائة على أساس سنوي في أغسطس، وهو أدنى مستوى له في 10 أشهر... لكن هذا كان كافياً لتجاوز الأجور الاسمية، أو إجمالي الأرباح النقدية، التي ارتفعت بنسبة 1.5 في المائة لتصل إلى 300.517 ألف ين (1.994 ألف دولار) في أغسطس، وهي أبطأ زيادة في ثلاثة أشهر.
وعلى الرغم من ارتفاع الأجر الأساسي (أو الراتب الأساسي) بنسبة 2.0 في المائة، بوتيرة الأشهر الأربعة السابقة تقريباً نفسها، انخفضت المدفوعات الخاصة بنسبة 10.5 في المائة، ويرجع ذلك على الأرجح إلى عدم قدرة بعض الشركات على تقديم مكافآت صيفية بالقدر نفسه الذي قدمته العام الماضي، وفقاً لمسؤول في وزارة العمل.
وأضاف المسؤول أن معظم الشركات تدفع مكافآت صيفية لموظفيها في شهرَي يونيو (حزيران) ويوليو، لذا فإن حصيلة المدفوعات الخاصة لشهر أغسطس تميل إلى التقلب. وشهدت أجور العمل الإضافي -وهي مقياس لقوة نشاط الشركات- ارتفاعاً بنسبة 1.3 في المائة في أغسطس، بانخفاض عن نسبة نمو مُعدّلة بلغت 3.0 في المائة في يوليو.
وبعد الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع الشهر الماضي، كرر مسؤولو «بنك اليابان» وجهة نظرهم بأن اتجاهات رفع الأجور ستستمر حتى العام المقبل، في حين أن تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الشركات اليابانية لا يزال غير مؤكد.
توقعات الفائدة
وفي سياق منفصل، صرّح المسؤول التنفيذي السابق في البنك المركزي، كازو ماما، يوم الأربعاء، بأن الانخفاضات الحادة الأخيرة في قيمة الين قد تدفع «بنك اليابان» إلى رفع أسعار الفائدة هذا الشهر. وانخفض الين منذ فوز ساناي تاكايتشي في سباق قيادة الحزب يوم السبت، مما وضعها على مسارها لتصبح رئيسة وزراء البلاد القادمة، وأُثيرت مخاوف من أنها قد تضغط على «بنك اليابان» لتأجيل المزيد من رفع أسعار الفائدة.
ومن المفارقات أن تزايد التشاؤم تجاه الين في الأسواق قد يدفع «بنك اليابان» إلى رفع أسعار الفائدة في أقرب وقت ممكن مع اجتماعه المقبل للسياسة النقدية يومَي 29 و30 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، حسبما صرح ماما لـ«رويترز» في مقابلة. وأضاف أنه في حين يبدو محافظ «بنك اليابان»، كازو أويدا، حذراً من التسرع في رفع أسعار الفائدة بسبب القلق بشأن التوقعات الاقتصادية الأميركية، فإن هذه الآراء قد تتغير إذا استمرت انخفاضات الين. وقال موما: «الحكومة هي الخاسر الأكبر من ضعف الين؛ إذ يدفع هذا الضعف التضخم إلى الارتفاع عبر ارتفاع تكاليف الاستيراد، ويؤثر سلباً على شعبية الحزب الحاكم»، مضيفاً أن تاكايتشي قد توافق على رفع مبكر لأسعار الفائدة إذا تسارع انخفاض الين. وأضاف موما، الخبير في صياغة السياسة النقدية، الذي يحافظ على اتصال وثيق مع صانعي السياسات الحاليين: «العامل الوحيد الذي قد يدفع (بنك اليابان) إلى تأجيل موعد رفع أسعار الفائدة هو تحسن الين».
ومع تجاوز التضخم هدفه البالغ 2 في المائة لأكثر من ثلاث سنوات، أبدى «بنك اليابان» استعداده لمواصلة رفع أسعار الفائدة، وإن بوتيرة بطيئة، في ظل تقييمه تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية على سلوك الشركات. وأضاف موما، الذي يشغل حالياً منصب الخبير الاقتصادي التنفيذي في شركة «ميزوهو» للأبحاث، أن توقيت رفع أسعار الفائدة سيعتمد على كيفية تقييم «بنك اليابان» المخاطر السلبية على الاقتصاد، مثل ضعف الطلب الأميركي، ومخاطر التضخم الناجمة عن ضعف الين. وقال: «ازداد احتمال رفع أسعار الفائدة في أكتوبر إلى حد ما، على الرغم من أنه من المرجح أن ينتظر (بنك اليابان) حتى ديسمبر».
وبعد إنهاء برنامج تحفيز اقتصادي استمر عقداً من الزمان في مارس (آذار)، رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة قصيرة الأجل إلى 0.25 في المائة في يوليو من العام الماضي و0.5 في المائة في يناير (كانون الثاني) من هذا العام. وفي كلتا الحالتين، تحرّك «بنك اليابان» في أعقاب دعوات سياسية إلى مواجهة انخفاضات الين غير المرغوب فيها.