أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    21-Jul-2024

بعد عطل "مايكروسوفت".. كسر الاحتكار الرقمي لم يعد ترفا

 الغد-إبراهيم المبيضين

 بعد يوم استثنائي عاشه العالم الرقمي وقطاعات اقتصادية حيوية واسعة حول العالم تحت وطأة "عطل فني"، أصاب أنظمة شركة مايكروسوفت العالمية أول من أمس، تسبب بخسارة مليارات الدولارات، يؤكد خبراء أردنيون أن هذه "التجربة" تستحق وقفة من قبل القطاعين العام والخاص لبناء نموذج يضمن استمرارية العمل ولا سيما، في القطاعات الحيوية. 
 
 
ويوضح الخبراء أن مثل هذه الأعطال العالمية تتطلب وجود خطط طوارئ واستجابة سريعة وتحديث للأنظمة لضمان الاستمرارية، حتى لا تتعطل أو تتوقف القطاعات الحيوية التي باتت تعتمد على التقنية والإنترنت بشكل رئيسي.
 
وفي وقت سابق، أعلنت شركة مايكروسوفت العالمية عن خلل في نظامها العام العالمي، أول من أمس، في وقت كشفت فيه تقارير عن مواجهة مطارات عدة في العالم، مشاكل تقنية تسببت في تعطل شركات الطيران الدولية والبنوك ووسائل الإعلام.
غير أنه ثمة دول لم تتأثر بالعطل التقني الذي شل الخدمات المرتبطة بهذه التقنية التي تقدمها ميكروسوفت ومنها روسيا والصين، لأن مثل هذه الدول تعتمد على أنظمة برمجة غير ميكروسوفت، إذ أبدت روسيا أثناء أزمة العطل التقني استعدادها لتبادل الخدمات وتقديم الخدمات من خلال نظام تسجيل احتياطي هو "أسترا"، وهو نظام روسي بالكامل".
وهذا الأمر ما يؤكده الخبراء الأردنيون، إذ يوضحون أن الأزمة التقنية الأخيرة تؤكد ضرورة العمل على محورين، الأول هو تنويع البدائل  للخدمة نفسها، لضمان استدامة واستمرارية الأعمال في مواجهة التحديات التقنية والتشغيلية وهو الأمر الذي يحقق ثلاث فوائد، تقليل الخسائر، زيادة الأمان، وتعدد الخيارات.  
أما المحور الثاني، فيتمثل في أهمية تقييم والعمل على كسر الاحتكار الرقمي لعدد محدود من الشركات التقنية الكبرى التي تسيطر اليوم على أجزاء كبيرة من العالم الرقمي، وذلك من خلال الاستثمار في بناء وتطوير أنظمة تشغيل وبرمجيات خاصة ومحلية، يمكن الاعتماد عليها في حال حدوث العطل العالمي. 
وكانت القطاعات الاقتصادية والخدمية في المملكة أمس، ظلت مستمرة في العمل بأمان في ظل أزمة العطل الفني العالمي، جراء عدم انتشار استخدام تقنية "كراود ستريك"، التي تعتمد عليها شركة "مايكروسوفت" في خدماتها وبرمجياتها ولا سيما، "الويندوز" والتي تسبب خللها الفني بتعطيل حركة الطيران والقطارات والبنوك ووسائل الإعلام في عدد من دول العالم، حيث أكدت الجهات المعنية في المملكة أنها لم تتلق أي بلاغات عن أعطال تقنية في قطاعات اقتصادية في المملكة. 
بيد أن وزير الاقتصاد الرقمي والريادة قال في تغريدة له على منصة "إكس": "إنه رغم الأثر المحدود جدا على عدد قليل من شركات القطاع الخاص وعدم تأثر الأنظمة الحكومية أو أي من العمليات الأساسية في الأردن بالعطل التقني العالمي الذي أصاب أنظمة " مايكروسوفت" العالمية، إلا أنه أكد أن "ما حدث يستحق وقفة جدية ومراجعة مع  الشركاء كافة، حول خطط الاستدامة والاستجابة، والتأكد من أن جميع الإجراءات في القطاعين العام والخاص تأخذ ما حدث على محمل الجد". 
وقال خبير استراتيجيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس في شركة "ميتا سيرف مي" رامي الدماطي: "إن العطل التقني العالمي أول من أمس، يؤكد أهمية وجود إجراءات وخطط للتعامل مع مثل هذه الأزمة من قبل الأفراد والشركات والحكومات، كما يسلط الضوء على أهمية إيجاد بدائل للاستعمال والتفكير في إجراءات لكسر الاحتكار الرقمي لعدد محدود من الشركات التقنية الكبرى، عبر بناء الأنظمة المحلية الخاصة". 
ونصح الدماطي الأفراد في حالة حدوث مثل هذه الأعطال، بالتحقق من المصادر الرسمية والموثوقة للحصول على المعلومات والتحديثات حول الوضع، والعمل على تأمين البيانات عبر حفظ نسخ احتياطية من البيانات المهمة على أجهزة غير متصلة بالإنترنت، مؤكدا أهمية تأجيل التحديثات الجديدة حتى التأكد من خلوها من المشاكل.
وبالنسبة للشركات والمؤسسات، نصح الدماطي بوضع خطط طوارئ لاستمرار العمل في حالة حدوث أعطال تقنية، واختبار التحديثات الجديدة على أجهزة غير حيوية قبل نشرها على جميع الأنظمة، فضلا عن أهمية تدريب الموظفين على كيفية التعامل مع الأعطال التقنية وتوفير الدعم اللازم. 
وأكد الدماطي أهمية قيام الحكومات بمجموعة من الإجراءات لمواجهة مثل هذه الأزمات منها، التنسيق مع الشركات التقنية لمعالجة المشاكل بشكل سريع وتوفير الحلول، وتقوية البنية التحتية للأمن السيبراني والتقني والاستثمار فيها، والعمل على إطلاق حملات توعية بين المواطنين حول كيفية التصرف في حالة الأعطال التقنية. 
وسلط الدماطي الضوء في حديثه، على أهمية وجود أنظمة بديلة لما نستخدمه اليوم، وهو أمر مهم جدا للتقليل من الخسائر، حيث يمكن للأنظمة البديلة أن تضمن ثلاثية استمرارية العمل، تقليل الخسائر المالية، وزيادة الامان.
وعلى صعيد متصل، أكد الدماطي أننا بحاجة اليوم لتقييم وكسر الاحتكار الرقمي لخدمات تقنية تتحكم فيها شركات تقنية قليلة، لأن الاحتكار والاعتماد المفرط على عدد قليل من الشركات يمكن أن يزيدان من مخاطر الانقطاع الرقمي، لأن أي مشكلة في منتجات أو خدمات هذه الشركات يمكن أن تؤثر على عدد كبير من المستخدمين والمشروعات حول العالم.
وقال: "إن تقييم وكسر الاحتكار يمكن أن يعززان المنافسة، ويدفعان الابتكار، ويحسنان الأمن السيبراني، ويجعلان التكنولوجيات المتقدمة أكثر توفرًا وعدلاً، لذلك من المهم للحكومات والمؤسسات أن تنظر في تنويع مزودي الخدمات التكنولوجية وتعزيز السياسات التي تدعم المنافسة والابتكار في هذا المجال". 
الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي قال: "إنه مع زيادة الاعتماد على الإنترنت والخدمات الرقمية في حياتنا اليوم تزيد  أهمية توافر البدائل والخيارات ففي حالة أعطال الإنترنت، ونحن بحاجة لبديل لتوفير خدمة الإنترنت، وفي حالة أعطال الخدمات الرقمية نحن بحاجة لبناء منظومة خاصة باستمرارية الأعمال والتعافي من الكوارث وفي مثل هذه الحالة، يتم بناء مراكز معلوماتية وبيانات في دول مختلفة، حيث إذا تعطلت واحدة يتم التحويل للبديل مباشرة لضمان استمرارية العمل". 
وبين الصفدي أنه في حالة حدوث الأعطال، فذلك يتطلب إجراء تحقيق وتحر تفصيلي عن السبب الرئيس لتعطل الخدمات، للمباشرة بعدها بالتعامل مع الحدث وعلى وجه السرعة. 
وقال: "الأعطال والمشاكل التقنية الكبيرة ترجع إلى مجموعة من الأسباب منها، فشل الأجهزة مثل مشكلات تتعلق بالخوادم أو أجهزة التخزين أو معدات الشبكة، أو بسبب أخطاء البرامج والكودات والتي تؤدي إلى سلوك غير متوقع أو تعطل النظام، أو يمكن أن يكون السبب انقطاع التيار الكهربائي أو تقلباته والتي تؤثر على مراكز البيانات". 
وقال: "من أسباب الأعطال التقنية الرئيسية أيضا الهجمات الإلكترونية، والمحاولات الضارة لتعطيل الخدمات أو سرقة البيانات، ومن الأسباب أيضا الأخطاء التي يرتكبها موظفو تكنولوجيا المعلومات، والكوارث الطبيعية مثل الزلازل أو الفيضانات أو الأعاصير، التي تلحق الضرر بالبنية التحتية المادية".
وقال الصفدي: "من أسباب انقطاع وتعطل الخدمات الرقمية أيضا انقطاع خدمات الإنترنت، والتي تؤثر بشكل كلي على خدمات الشركات أو تعطل مراكز البيانات".  
وعن أنواع الخدمات التي يمكن أن تتاثر بالعطل والمشاكل نتيجة الأسباب السابقة قال الصفدي: "إنها تشمل خدمات متنوعة منها، البريد الإلكتروني والمراسلات الإلكترونية، والخدمات السحابية والوصول إلى البيانات وخدمات التجارة الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، والأنظمة الداخلية في المؤسسات مثل، أنظمة إدارة علاقات العملاء والموارد البشرية وأنظمة الحجوزات والمبيعات والمواقع الإلكترونية والتطبيقات الذكية، وغيرها من البرامج المستخدمة داخل المؤسسات".
ولتقليل مخاطر التعطل، أكد الصفدي أنه يجب على الشركات اتباع، النسخ الاحتياطي، فوجود أنظمة النسخ الاحتياطي والخوادم ومراكز البيانات في مواقع عدة، يقلل خطر التعطل. 
وأكد أهمية التخطيط للتعافي من الكوارث عبر تطوير استراتيجيات لاستعادة العمليات بعد انقطاعها، استراتيجيات استمرارية العمال والتعافي من الكوارث وهو أمر بالغ الأهمية.
واشار الصفدي إلى أهمية الاختبار المنتظم وإجراء التدريبات للتأكد من فعالية الخطط وقياس زمن الاستجابة لاستعادة العمليات التشغيلية بأسرع وقت ممكن، وقدرة الموظفين على استعادة الأنظمة.
ولفت إلى أن التدريب وكفاءة الموظفين عاملان أساسيان لقدرة المؤسسة على مواجهة المخاطر واستمرارية الأعمال، فضلا عن أهمية وضع تدابير أمنية للحماية من الهجمات الإلكترونية، باستخدام جدران الحماية، وكشف التسلل، وتدريب الموظفين وتطبيق أحدث ما توصلت إليه تكنولوجيا الأمن السيبراني لحماية المؤسسة وأنظمتها من الهجمات الإلكترونية 
وشدد الصفدي، على أهمية عامل المراقبة والصيانة للأنظمة بشكل مستمر، وإجراء التحديثات والتصحيحات المنتظمة والتأكد من فاعليتها وكفائتها التشغيلية، ومتابعة آخر الإصدارات الأمنية الصادرة عن مزودي تلك البرامج والأجهزة.
ومن جانبه، أكد المستشار في علم البيانات والذكاء الاصطناعي أحمد العم، أن العطل التقني العالمي الذي أثر على قطاعات واسعة حول العالم أول من أمس، يؤكد أهمية أن نعيد تقييم ديناميكيات الاحتكار داخل سلاسل التوريد للخدمات الرقمية.
وقال العم: "أعتقد أن الاحتكار لسلاسل التوريد للخدمات الرقمية والاعتماد على أنظمة تشغيل من مصدر واحد هو أبرز تحد سوف يواجه العالم بأسره". 
وأشار العم إلى خطورة الأمر بالاعتماد دائما على مصدر واحد أو مصادر محدودة لأنظمة التشغيل والبرمجيات ومراكز البيانات، لأنه  يزيد من مخاطر الانقطاعات والأعطال إن حصلت، ويكبد القطاعات والدول خسائر كبيرة جدا. 
وأكد العم أن الحكومات يجب أن تنظر إلى هذا الأمر بجدية، ويجب العمل على محورين الأول، تنويع مصادر أنظمة التشغيل والبرمجيات، إلى جانب العمل على بناء الأنظمة الرقمية المحلية الخاصة.
وقال: "مع تزايد أهمية البيانات وتخزينها يجب العمل بجدية اليوم على بناء أنظمة التخزين والحوسبة السحابية المحلية الخاصة، بدلا من الاعتماد بشكل كلي على انظمة الحوسبة السحابية العامة". 
وأكد العم، أن كسر الاحتكار الرقمي لعدد محدود من الشركات الرقمية يحتاج إلى "نهضة وثورة، كما يتطلب استثمارات ضخمة من الحكومات والقطاع الخاص لبناء الأنظمة الخاصة والمحلية".