العمالة الوافدة.. الحاجة لحلول مكتملة*أحمد حمد الحسبان
الغد
من جديد أعلنت وزارة العمل بالشراكة مع وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام عن حملة جديدة لتنظيم العمالة الوافدة، وبخاصة العمالة المخالفة التي تتفاوت التقديرات بشأن حجمها، وتتفاوت الاجتهادات بخصوص أعدادها، فالبعض يقدرها بمليون وافد، والبعض الآخر يرى أنها بحدود نصف ذلك الرقم. بينما لا يتجاوز عدد الحاصلين على التصاريح رسميا 300 ألف عامل، من بينهم 12 الف عامل سوري معظمهم من اللاجئين الذين استجابوا لدعوات وزارة العمل بالحصول على تصاريح معفاة من الرسوم.
وذلك يعني أن المسألة محكومة بجملة من المعطيات أبرزها:
ــ أن المشكلة كبيرة جدا، فحتى لو كان عدد المخالفين من غير الحاصلين على تصاريح عمل ضمن الحدود الدنيا للتقديرات، فإن بقاء هذه الأعداد بعيدا عن تطبيقات القانون يشكل ثغرة لا بد من سدها.
ــ أن المرجعيات المعنية بوزارة العمل وغيرها لا تمتلك قاعدة بيانات عن أعداد ومواقع عمل وإقامة العمالة الوافدة، وأن غياب تلك القاعدة يحول دون تنظيم هذا الملف بشكل كامل.
ــ أن بقاء المشكلة بهذا الزخم يفقد الخزينة مبالغ كبيرة هي بأمس الحاجة لها. فبقاء نصف مليون وافد دون تصريح وبشكل تراكمي على مدى سنوات عديدة يفقد الخزينة مبالغ تتجاوز المليار دولار.
ــ أن هذا الزخم يعني إمكانية دخول العمالة الوافدة في مهن تكررت الإعلانات الرسمية عن اعتبارها من المهن المغلقة وخاصة بالأردنيين، ما يعني ارتفاع نسبة البطالة محليا.
ــ وهناك مخرجات غير منظورة لتلك الحالة يشير لها بعض علماء الاجتماع أبرزها إمكانية انتشار البطالة بين الوافدين، وارتفاع نسبة الأمراض الاجتماعية وامتدادها إلى العمليات الجرمية التي يرتكبها وافدون.
اللافت هنا أن إشكالية العمالة الوافدة متشعبة، وتتخذ عدة مسارات بحسب أطراف المعادلة. بما في ذلك الفئات التي تصنف على اعتبار أنها مضبوطة، وخاضعة لقاعدة معلومات محكمة، حيث تشير معلومات رسمية إلى تسجيل حوالي 6000 حالة هروب بين عاملات المنازل، إما للعمل في المصانع أو في منازل جديدة وفقا لنظام المياومة وبأجر مرتفع، الأمر الذي يمكن ان يعرضهن إلى عمليات اتجار بالبشر. وهي عمليات تؤكد وزارة العمل أنها فردية وليست منظمة.
وفي مسار مواز، وجود أكثر من نصف مليون سوري يعملون في السوق المحلية بدون تراخيص، كلهم من اللاجئين، وممن يعتقدون أن الأجهزة الرقابية تغض النظر عن مخالفاتهم، أو أنها لا تستطيع الوصول إليهم بسبب محدودية أعداد المراقبين المكلفين بمتابعة هذا الملف الشائك. وقدرة الكثير منهم على التخفي عن المراقبين خلال جولاتهم. وتشير بعض المعلومات إلى أن غالبية هؤلاء لم يغادروا إلى بلادهم بعد سقوط النظام، وإنما استمروا في أعمالهم في السوق الأردنية واقتصرت عودة ذويهم على النساء وكبار السن فقط.
عودة إلى تفاصيل الحملة المشتركة التي تم الإعلان عنها مؤخرا، فاللافت أنها تتعلق بالإجراءات التنفيذية لملاحقة المخالفين وكيفية التعامل معهم. وتفصيلا فإنها تعالج ملف العقوبات التي يفترض أن يتم إيقاعها بحق من يقيم بطريقة غير مشروعة، أو يمارس العمل بدون ترخيص، والتي تتراوح ما بين التسفير والغرامة، ومحاولة تحديد أماكن الإقامة لهؤلاء الوافدين.
ما يعني أن الإجراءات تبقى غير مكتملة ما دامت لا تنطلق من قاعدة معلومات كاملة، كان من الممكن ـ في حال توفرها ـ أن تسهل عملية المراقبة والمتابعة كما تفعل العديد من الدول.
لكنها في المحصلة قد تكون خطوة ضمن مسار الوصول ‘لى تلك القاعدة. وأنها واحدة من بين حملات عديدة تصب في هذا المجال دون أن تتمكن من حل تلك الإشكالية الكبرى.
والمطلوب هنا أن تعترف الوزارة بتلك المشكلة وأن تركز في حملاتها على كيفية التغلب عليها لا أن تعالج بعض أعراضها، وتتعاطى مع تفاصيلها فقط.