أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    31-Mar-2018

استراتيجية لندن في اللحظة الأخيرة .. القبول بأي «بريكست»

فايننشال تايمز -

قدم لنا كزافييه بيتيل وصفا مؤلما للبريكست. باعتباره عضوا في الاتحاد الأوروبي، لاحظ رئيس وزراء لوكسمبورج أن بريطانيا كانت دائما تطلب جملة من خيارات الخروج. "الآن، بعد أن أصبحت خارج الاتحاد، باتت تريد جملة من خيارات الدخول".
هذا هو أفضل تصوير للوضع. يضع بيتيل يده تماما على الإحساس الدائم بالتفوق الذي يقنع بريطانيا بأنها تستطيع الوقوف فوق بقية أوروبا، جنبا إلى جنب مع خوفها المتكرر من أن تُترَك في الخلف.
يتحدث بوريس جونسون عن البريكست وكأنه "عملية تحرير". وزير الخارجية من القوميين الإنجليز غير القادرين أبدا على تجاوز هالة الحنين إلى النصر الذي تحقق في الحرب العالمية الثانية.
تم إخضاع البلدان الأخرى: كانت بريطانيا وحيدة. مع ذلك، نجد أن جونسون كان في بروكسل هذا الأسبوع، وهو ينحني أمام "المهزومين" على أمل الاستعانة بدعمهم ضد روسيا بقيادة فلاديمير بوتين.
من الناحية الفنية، بريطانيا ليست "خارج" الاتحاد الأوروبي، لكن إبرام اتفاقية النقل الأولية مع بقية الأعضاء الـ 27، من شأنه أن يجعل حكومة تيريزا ماي تتخذ خطوة أقرب باتجاه عملية المغادرة.
رئيسة الوزراء مصممة على خوض غمار البريكست وصولا إلى آذار (مارس) من عام 2019. وحتى تضمن ذلك تماما، لديها نهج شبه مضمون؛ القبول بأي اتفاقية تُعرَض عليها.
قصة المرحلة الأولى من المفاوضات حول المادة 50 كانت سلسلة متوالية من التنازلات. اصطدمت مطالب بريطانيا مع حقائق الواقع الأوروبي، وتراجعت السيدة ماي عند كل منعطف. أما المرحلة الثانية فستكون مماثلة تماما باستثناء أنه في الوقت الذي يتسارع فيه اقتراب الموعد النهائي، ستكون هي أسرع حتى في التخلي عن مواقفها.
هذا الشهر حددت رئيسة الوزراء بمنتهى التفصيل خياراتها للدخول، والتنازلات والإعفاءات التي تحتاج إليها من البلدان الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي، في عالم ما بعد البريكست. لا بأس في ذلك. هذه المطالب المشتركة التي يستحيل أن تتحقق معا - تقسيم السوق الموحدة، وامتياز الوصول إلى الحي المالي في لندن، والترتيبات الجمركية التي يتم إعدادها على مقاس بريطانيا - تم تقديمها بعد معرفة مؤكدة بأنه سيجري قريباً جدا التخلي عنها.
ميتشل بارنييه، رئيس فريق التفاوض في المفوضية، أقام بصورة معقولة تماما موقفه على المنطق المستخدم في رفض ماي لفكرة السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، ورفضها قبول الولاية القضائية لمحكمة العدل الأوروبية في بريطانيا.
وهذا يُبقي الاتفاقية التجارية الوحيدة المعقولة شبيهة بالاتفاقيات التي تتمتع بها كندا وكوريا الجنوبية. إن كانت بريطانيا مستعدة للدفع، ربما تعمل أيضا على تأمين عضوية انتساب لمجموعة من وكالات الاتحاد الأوروبي.
استنادا إلى ميول الحكومة نفسها، هذه النتيجة تقصِّر عن تحقيق المصلحة العامة الوطنية. طالب فيليب هاموند، وزير المالية، بإبرام اتفاق يغطي الخدمات المالية، لكن لدى ماي أولويات أخرى: يجب على السياسة أن تتخذ مكانة فوق الاقتصاد، وأن تعلو مصالح حزب المحافظين على مصالح البلد.
لا يمكن السماح لسلاسل التوريد والاستثمارات والوظائف أن تعترض طريق الجهود التي تبذلها لتجنب حدوث تمزق في حزب المحافظين.
هنالك مجال في الجدول الزمني لإجراء محادثات لستة أشهر فقط. يجب الانتهاء من كل شيء بحلول تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لتخصيص وقت كاف للمصادقة على الاتفاقيات.
وأفضل ما يمكن إنجازه في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة هو بيان يشتمل على مجموعة من المبادئ واسعة النطاق لتشكيل العلاقة المستقبلية. التوصل إلى ترتيبات اقتصادية فاعلة سيُؤجَّل إلى عملية الانتقال، التي بدورها ستحتاج إلى تمديد.
بالنسبة لماي، كلما كانت اتفاقية الخريف أكثر غموضا، كان ذلك أفضل. وسيتم تسويق بيان غامض النوايا يفيد بأن كل طرف سوف يحصل على كل ما يريد - بالنسبة للقوميين في حزبها سيكون ذلك انفكاكا نظيفا من الاتحاد الأوروبي الشرير، وبالنسبة للمحافظين المؤيدين للتكامل الأوروبي سيكون مقدمة لعلاقة قوية ووثيقة.
وإذا أوردت ماي أي شيء يشتمل على تفاصيل دقيقة ومحددة، فإن ذلك من شأنه أن يستثير حركة تمرد في البرلمان.
مع ذلك يظل من الممكن أن تختل الأمور. يستطيع أعضاء البرلمان التصويت للبقاء في الاتحاد الجمركي. وحالة اللامبالاة المتهورة لدى الحكومة إزاء تأثير البريكست على التسوية السلمية في إيرلندا الشمالية، تتعرض للانكشاف.
تتضمن الاتفاقية الأولية المبرمة مع بلدان الاتحاد الأوروبي الـ 27، التزاما بتجنب وضع إجراءات حدودية متشددة بين الشمال والجمهورية الإيرلندية. حتى الآن لم تقل ماي كيف يمكن التوفيق بين ذلك وبين الخروج من السوق الموحدة والاتحاد الجمركي.
بالنسبة لأنصار البريكست المتشددين، ليست هنالك أهمية لأي من هذه الأمور. يرفض جونسون فكرة الحدود الإيرلندية، ويعتبر أنها تشبه الحدود بين منطقتين من مناطق لندن. وأمثال جونسون يعتبرون أن هدية البريكست مهمة فوق الحد على نحو يجعل من غير المقبول أن تكون رهينة للسلام والرخاء عبر البحر الإيرلندي.
هناك عقبة غير متوقعة. الواقع أنها أكثر من عقبة. استعادة السيادة هي إلى حد كبير نوع من الوهم. كما يذَكِّرنا بوتين، لا تستطيع بريطانيا أن تتجاهل حقائق الاعتماد المتبادل بين البلدان.
على أية حال، من أجل استعادة هذه السيادة المدَّعاة، لا بد لأنصار البريكست أن يكبحوا إرادة البرلمان (تخيل!) الذي يعِدون بتمكينه.
معظم النواب، بمن فيهم نواب المحافظين، يعتقدون أن البريكست سوف يكون سيئا لبريطانيا. وهذا، بالمناسبة، هو رأي أغلبية الوزراء. على أقل تقدير هم يريدون تخفيف الضربة، لكن رئيسة الوزراء تقول لهم إنه لا بد لهم من التصويت لمصلحة الحزب وتقديمها على مصلحة البلد.
ربما كانت هناك سابقة، لكني لا أستطيع أن أتذكرها. متى كانت آخر مرة اتخذ فيها ممثلو بريطانيا المنتخبون قرارا كانوا يتوقعون تماما أن من شأنه أن يجعل البلد أكثر فقرا وأقل نفوذا وأقل أمنا؟ جانب السخرية مفاجئ تماما.
هناك جواب. أي رئيس للوزراء متمسك بالمبادئ حري به أن يعرض الأمر للتصويت الحر. ينبغي أن يكلَّف البرلمان برسم خطوط علاقة بريطانيا المستقبلية مع قارتها.
ينبغي تمكين أعضاء البرلمان من وضع الأحكام أمام الناس في استفتاء ثان. هذا من شأنه أن يعني فعلا استعادة السيطرة. من الغريب أن الذين يعتبرون أنفسهم أبطال السيادة البرلمانية، يجادلون الآن لمصلحة العكس.