حقق الذهب زيادةً بلغت 50 % هذا العام، وراكم مستثمروه ربحًا بأكثر من الضعفين لمن استثمر فيه خلال العامين الماضيين، حيث كان سعره حوالي 1800 دولار عام 2023 ليصل حالياً إلى ما فوق 4000 دولار.

 

 

رغم أن الذهب لا ينعم به الاقتصاد الكلي لأنه لا يولد أرباحًا ولا يوزعها، بينما الشركات في الاقتصاد المنتج تأتي بالابتكار والمنتجات والتوظيف وتوزع الأرباح وتحدث أسعارها لتعكس التضخم، إلا أنه، وبحكم العقل الجمعي العالمي، أصبح أصلًا حيويًا لا يستغنى عنه، وهو الأداة متعددة الاستخدامات للتحوط والتجارة والاستثمار والادخار، ويمكن الاستمتاع به كحلي، بالإضافة إلى سيولته العالية كالنقد. 

أسباب تألُّق سعره أصبحت معروفة يتداولها الكتاب والخبراء، مثل انخفاض سعر الفائدة وضعف الدولار وطلب البنوك المركزية، وخاصةً  الصين خلال الأشهر الأحد عشر الماضية، والأسباب الجيوسياسية. لكن أهمها برأيي هو أجواء عدم اليقين السياسي والاقتصادي، لأن الأسباب السابقة مرت عبر التاريخ وكان لها أثر، لكنه لا يتناسب مع الانطلاقة الصاروخية للذهب.

 وهناك مستجدات مهمة تتعلق بتغير في إستراتيجية المستثمرين من الأفراد إلى صناديق التقاعد، حيث بدأوا في اعتبار الذهب استثمارًا أساسيًا طويل الأجل ضمن محافظهم الاستثمارية، تمامًا مثل الأسهم والسندات، وهذا تغيير كبير عن النظرة التقليدية للذهب. 

انعكس ذلك في تغيير توزيع الأصول؛ فبدلاً من الإستراتيجية التقليدية التي توزع الاستثمارات بنسبة 60 % في الأسهم و40 % في السندات، بدأت مؤسسات مالية مرموقة مثل «مورجان ستانلي» بالتوصية بتبني إستراتيجية جديدة وهي 60/20/20، حيث يحصل الذهب على حصة مساوية للسندات (20 %)، بينما تبقى حصة الأسهم 60 %. وقد تسببت هذه الإستراتيجية في تدفق أموال ضخمة، وإذا ما انتشرت فقد تؤدي إلى تدفق تريليونات من الدولارات إلى سوق الذهب.

وهذا يمثل تغييرًا جذريًا، حيث إن دراسة حديثة لـ «بنك أوف أميركا» أظهرت أن مديري الصناديق يستثمرون حاليًا حوالي 2 % فقط من أموالهم في الذهب. فزيادة هذه النسبة لتبلغ 20 % ستعني ضخ سيولة بتريليونات الدولارات في سوق الذهب، وهو موضوع يستحق الدراسة من قِبل استثمارنا المؤسسي بأنواعه، خاصةً أن هناك شركات استثمارية ذات وزن كبير في MSCI حققت عائدًا في 2023 بلغ حوالي 135 %. 

هناك العديد من وسائل الاستثمار التي تصلح للأفراد والمؤسسات غير السبائك، فهناك الاستثمار في الودائع المدعمة بالذهب، وحسابات الادخار المدعمة بالذهب أي التي تمنحك النقد بناءً على القيمة السوقية للذهب، وهناك شركات التعدين، وصناديق المؤشرات المتداولة. وربما نتناول لاحقًا كيف يمكن تحقيق الربح من الذهب في حالتي الصعود والهبوط.