أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    05-Dec-2025

توعية المؤسسات والأفراد.. دعامة أساسية لمنظومة سيبرانية آمنة

 الغد-إبراهيم المبيضين

 بينما تتزايد مخاطر التهديدات السيبرانية في العالم الرقمي يوماً بعد يوم، يبرز مفهوم "التوعية" كمحور رئيس يجب العمل على تفعيله لحماية الأفراد والمؤسسات والبنية التحتية الوطنية.
 
 
وأكد الخبراء أهمية "التوعية" الذي ورد كمحور رئيس ضمن الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني، والعمل على تنفيذ برامج ومشاريع لتفعيله وتعميمه، كونه يسهم في معرفة وفهم المخاطر والتحديات المرتبطة بالفضاء السيبراني، بما في ذلك التهديدات الأمنية الرقمية، والممارسات الآمنة، وعواقب الإجراءات المتخذة في البيئة الرقمية. 
وبيَّن هؤلاء أن الوعي والتوعية بالأمن السيبراني هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الجميع: الحكومات من خلال قيادة الجهود عبر وضع الإستراتيجيات والأطر الوطنية وتنفيذ حملات التوعية العامة، والشركات، والمؤسسات التعليمية، والأفراد الذين يمثلون "جدار الحماية البشري" وخط الدفاع الأول، لذا يجب عليهم توخي الحذر وممارسة الإجراءات والسلوكات الرقمية التي تحميهم من التهديدات السيبرانية لهم ولمؤسساتهم.
التوعية عامل حاسم
وقال الخبير في مضمار الأمن السيبراني د. عمران سالم "إن التوعية هي عامل حاسم في ملف الأمن السيبراني على مستوى الدولة والمجتمع والأفراد".
وقال سالم "إن الحاجة مُلِحَّة إلى بناء سد منيع من الوعي بمخاطر الفضاء الإلكتروني، ولم تعد قضايا أمن المعلومات ترفاً يمكن الاستغناء عنه، بل أصبحت ركيزة أساسية لاستمرارية الأفراد، وازدهار الأعمال، وحماية مقدرات الوطن، فمع تزايد الاعتماد على الخدمات الإلكترونية في الحكومة والبنوك والتجارة، تزايدت في المقابل الهجمات الإلكترونية بمستوياتها المختلفة، ما يجعل التوعية هي خط الدفاع الأول والأكثر فعالية في مواجهة هذه التحديات". 
آخر الأرقام الرسمية الصادرة عن المركز الوطني للأمن السيبراني تظهر أن عدد الحوادث السيبرانية التي استهدفت الشبكة الوطنية بلغت خلال الربع الثاني من العام الحالي 965 حادثاً بنسبة انخفاض وصلت إلى 26 %، كما أظهرت هذه الأرقام أن 88 % من الحوادث متوسطة الخطورة، بينما 11 % منخفضة، و1  % خطيرة.
التوعية على مستوى الأفراد 
إلى ذلك، أكد سالم أهمية توعية الأفراد على المستوى الشخصي، لافتاً إلى أن الفرد يمثل الحلقة الأضعف في السلسلة الأمنية، ولكنه في الوقت نفسه يمثل حجر الزاوية في أي نظام حماية.
لذلك، يجب تمكين المواطن الأردني والمقيم بالمهارات الأساسية التي تحميه من المخاطر اليومية، مثل التصيد الاحتيالي والبرمجيات الخبيثة وسرقة الهوية. 
وأضاف سالم أن هذا يشمل تعليمه كيفية إنشاء كلمات مرور قوية، وتحديد رسائل البريد الإلكتروني المشبوهة، واستخدام شبكات الواي فاي العامة بحذر، وحماية بياناته الشخصية على منصات التواصل الاجتماعي.
وبين أن مواطنا واعيا هو جندي في جيش الدفاع السيبراني للوطن، يحمي نفسه ويساهم بشكل غير مباشر، في حماية المجتمع الرقمي بأكمله.
التوعية على المستوى المؤسسي
أما على المستوى المؤسسي، فأكد سالم أن التوعية تتحول من مجرد توصيات إلى استثمار إلزامي في رأس المال البشري والأمني، فالمؤسسات الأردنية، سواء أكانت حكومية أو خاصة، هي مستودع للبيانات الحساسة والحيوية.
وأوضح أن أي خرق أمني يمكن أن يكبد المؤسسة خسائر مالية فادحة، ويضر بسمعتها، ويقوض ثقة العملاء والمستثمرين، لذلك، يجب أن تتبنى هذه المؤسسات برامج توعوية منهجية ومستمرة لموظفيها، تشرح سياسات الأمن السيبراني، وتدربهم على كيفية التعامل مع الحوادث، وتختبر درجة استجابتهم من خلال محاكاة الهجمات.
وأوضح أن بناء ثقافة أمنية داخل المؤسسة، لا يقل أهمية عن تركيب أحدث أنظمة الحماية التقنية.
التوعية على المستوى القومي
وأما على مستوى الأمن القومي، قال سالم "إن التوعية تبرز كأحد أركان الاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني التي تعمل عليها المملكة، فالأمن القومي في القرن الحادي والعشرين لم يعد مقتصرا على حماية الحدود المادية فحسب، بل امتد ليشمل حماية البنية التحتية الرقمية الحيوية من كهرباء واتصالات وخدمات صحية ومالية من الهجمات الإلكترونية المنظمة".
وزاد: "من هنا، تأتي أهمية الحملات الوطنية التي تطلقها الجهات المعنية، مثل المركز الوطني للأمن السيبراني، لتوعية جميع شرائح المجتمع بمخاطر هذه الهجمات وأساليب الوقاية منها".
ولفت إلى أن تعاون الأفراد والمؤسسات مع هذه الجهود الوطنية، والتبليغ عن أي نشاط مشبوه، يشكل نسيجاً أمنياً متيناً يصعب اختراقه، مما يعزز مكانة الأردن كقلعة آمنة في فضاء رقمي مضطرب.
محو الأمية السيبرانية
من جانبه، أكد الخبير المختص في مجال الأعمال الإلكترونية البروفيسور أحمد غندور أنه من المهم اليوم، التركيز على محور محو الأمية السيبرانية والعمل على توفير مفهوم الرخصة الدولية الرقمية لمستقبل الأردن الرقمي. 
وأشار غندور إلى أنه يجب العمل على تعزيز التوجهات الوطنية نحو بناء مواطن رقمي قادر على التعامل مع التهديدات السيبرانية، وحماية هويته الرقمية ومعلوماته، والمشاركة الفاعلة في الاقتصاد الرقمي.
وأكد غندور، أن الأمن السيبراني لم يعد مسؤولية جهة واحدة، بل أصبح مسؤولية المجتمع بأكمله، مشددا على أن كل مواطن هو جدار حماية، وكل معلومة تمثل موردًا وطنيًا، وكل مهارة رقمية تُكتسب هي استثمار مباشر في مستقبل الأردن. وسلط غندور على هامش مشاركته في معرض ومؤتمر تأمين السيبراني الضوء على مشروع الرخصة الدولية للقيادة الرقمية، باعتباره إطارًا وطنيًا متكاملاً لقياس وتنمية القدرة الرقمية للمواطنين والمهنيين.
وبين أن هذا الإطار يشمل ثلاثة محاور رئيسية: المهارات الرقمية والوعي بالأمن السيبراني، وكفاءة التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
وأوضح أن هذا المشروع يشكل جزءا من الإطار الوطني لمحو الأمية الرقمية معززا بمنهجية جسم المعرفة لمحو الأمية الرقمية، بهدف رفع جاهزية المجتمع، وبناء ثقافة رقمية آمنة ومستدامة. وأكد غندور أهمية الاستثمار في الإنسان قبل التكنولوجيا، قائلا: "إن مستقبل الأردن الرقمي لا يُبنى بالأدوات فقط، بل بالعقول القادرة على استخدامها بأمان ومسؤولية".
ومن جانبه، قال الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي: "في سياق عالمنا المترابط بشكل متزايد، تبرز أهمية محور التوعية السيبرانية وخصوصًا في الدول التي تشهد نموًا رقميًا مثل الأردن، لذلك فإن تعزيز الوعي يمثل ضرورة قصوى لحماية الأفراد والمؤسسات والبنية التحتية الوطنية".
كيف يمكننا تعزيز الوعي السيبراني؟
وبين الصفدي أن تعزيز التوعية في مجال الأمن السيبراني، يتطلب اتباع نهج مستمر ومتكامل، من خلال توفير تدريب شامل ومنظم، إذ يجب تقديم تدريب أساسي يركز على أهمية وقوة كلمات المرور، إضافة إلى المصادقة الثنائية، وبرامج مكافحة الفيروسات.
ولفت إلى أنه ينبغي تصميم هذا التدريب خصيصًا للفئات المستهدفة (الموظفين، الطلاب، وعامة الناس)، مع تضمين عناصر تفاعلية مثل المحاكاة، كما يجب تحديث هذه البرامج التدريبية بانتظام لمواكبة التهديدات المتطورة، وتقديمها بأسلوب مبسط لضمان تحقيق أفضل النتائج.
وأكد أهمية العمل على بناء ثقافة الوعي السيبراني، إذ يجب دمج الأمن السيبراني في العمليات اليومية لتعزيز بيئة يشعر فيها الموظفون بالارتياح عند الإبلاغ عن أي مخاوف، كما يمكن استخدام أساليب تفاعلية، مثل الألعاب، لتشجيع التعلم وتطوير المهارات الأساسية. وأشار الصفدي إلى أهمية توفير إمكانية الوصول إلى المواد التعليمية، عبر توفير مجموعة متنوعة من المواد التعليمية، بما في ذلك مقاطع الفيديو والكتيبات وورش العمل، لتلبية أنماط التعلم المختلفة.
على من تقع المسؤولية؟
وأوضح الصفدي أن التوعية بالأمن السيبراني هي مسؤولية مشتركة تقع على الحكومة في الأردن، حيث يتولى المركز الوطني للأمن السيبراني قيادة الجهود من خلال وضع الاستراتيجيات والأطر الوطنية، وتنفيذ حملات التوعية العامة، وعلى الشركات والمؤسسات، حيث يجب عليها الاستثمار في تدابير أمن سيبراني قوية وتوفير التدريب المنتظم للموظفين لحماية البيانات الحساسة، ومسؤولية المؤسسات التعليمية، حيث ينبغي عليها دمج تعليم الأمن السيبراني في المناهج الدراسية على جميع المستويات، بدءًا من مرحلة الطفولة المبكرة وحتى التعليم العالي، فضلا عن المسؤولية على الأفراد الذين يمثلون "جدار الحماية البشري" وخط الدفاع الأول، لذا يجب عليهم توخي الحذر وممارسة عادات آمنة عبر الإنترنت والإبلاغ عن أي أنشطة مشبوهة.
أهمية تعزيز التوعية من خلال التعليم في الأردن
وعلى صعيد متصل، قال الصفدي "بالنظر إلى التحول الرقمي المتسارع في الأردن وارتفاع معدلات الجرائم الإلكترونية، فإن تثقيف جميع الفئات العمرية من خلال التعليم، يمثل ضرورة حيوية؛ فشريحة الأطفال يجب تزويدها بأسس المواطنة الرقمية المبكرة، وتعليمها كيفية تجنب المخاطر عبر الإنترنت وحماية هوياتها. أما الشباب، فرغم إلمامهم بالتكنولوجيا، إلا أنهم عرضة للخطر، ولذا فإن التعليم يساعدهم على فهم الهجمات المعقدة، وحماية معلوماتهم الشخصية والأكاديمية، وإدراك عواقب السلوك غير المسؤول عبر الإنترنت". وأشار إلى شريحة البالغين، ونظرًا لتعاملهم مع بيانات شخصية ومالية حساسة، فالتعليم لهم مهم، من أجل حماية بياناتهم، وتعزيز الأمن في بيئة العمل، وتوجيه الأجيال الشابة. وقال "إن السكان المتعلمون يساهمون رقميا في تعزيز الأمن القومي والاستقرار الاقتصادي".