العقار.. أزمة خانقة تحتاج تدخلات جريئة
الغد-محمد الشنطي
ما يزال قطاع العقار، كغيره من الأطياف المشكلة للاقتصاد الوطني، يدفع ثمن التوترات الإقليمية، راضخا لحالة عدم اليقين التي تسيطر على الكثير من القطاعات.
إجراءات حكومية عدة جاءت لإنعاش القطاع الذي تكبد خسائر متتالية ودخل في أزمة خانقة جراء أسباب عدة، لكن التساؤل الأبرز هنا، هل تكفي هذه الخطوات الحكومية؟ أم يحتاج القطاع إلى المزيد من التحفيز بخطوات جريئة؟
خبراء في القطاع أكدوا لـ"الغد"، أن تراجع مؤشرات القطاع يعود لضعف القدرة الشرائية للمواطن وزيادة الأسعار المدفوعة بارتفاع كلف المواد الإنشائية.
ولفتوا إلى أن الإجراءات الحكومية الأخيرة لدعم القطاع جيدة، لكن السوق يحتاج المزيد من خلال توسيع الحوافز لتشمل دعما مباشرا لمطوري المشاريع السكنية الصغيرة والمتوسطة لتحفيز السوق، إضافة لتخفيض ضريبة المبيعات على مدخلات البناء الرئيسية، مثل الحديد والإسمنت، وتفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص باستثمار أراضي الخزينة.
وكانت الحكومة اتخذت إجراءات عدة لتحفيز السوق العقاري، منها إعفاء الشقق السكنية التي تزيد مساحتها على 150 مترا من رسوم التسجيل بنسبة 50 %، كما تم إعفاء الشقق التي تقل مساحتها عن 150 مترا من رسوم التسجيل بنسبة 100 %، وإعفاء المواطنين الذين يشترون شققا لأول مرة من رسوم المسقفات بنسبة 50 % لمدة ثلاث سنوات.
وفقا للتقرير الشهري لدائرة الأراضي والمساحة، بلغ حجم التداول في السوق العقاري 6.234 مليار دينار بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مسجلا انخفاضا نسبته 3 % مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023.
وأشار رئيس جمعية مستثمري قطاع الإسكان ماجد غوشة إلى تراجع النشاط العقاري في الأردن في العام 2024، مستندا إلى تقارير دائرة الإحصاءات العامة ودائرة الأراضي والمساحة التي أظهرت انخفاضا في المساحات المرخصة وحركة بيع العقارات.
وأرجع غوشة ضعف التداول العقاري إلى ضعف القدرة الشرائية، وزيادة أسعار المواد الإنشائية، مؤكدا ضرورة توسيع الحوافز الحكومية لتشمل المزيد من الدعم للمطورين والمشاريع السكنية الصغيرة والمتوسطة لتحفيز السوق.
وأكد أن نتائج هذه الحوافز لا يمكن رصدها خلال الفترة الحالية، ولكن الفترة المقبلة قد تشهد إقبالا أكبر على شراء الشقق. وإذا تم توسيع هذه المبادرات لتشمل المزيد من الحوافز الضريبية للمطورين وتوفير تمويل أكبر للمشاريع السكنية الصغيرة والمتوسطة، فإن سوق الإسكان سيشهد تحولا إيجابيا قادرا على تخطي الركود الحالي وتلبية احتياجات شريحة واسعة من المواطنين، لا سيما أن تأثير القطاع لا يقتصر على توفير السكن فقط، بل يمتد إلى خلق فرص عمل وتحفيز الأنشطة المرتبطة به، مثل البناء والصناعة والخدمات.
وأضاف أن الحوافز يجب أن تشمل ضريبة المبيعات على مدخلات البناء الرئيسية مثل الحديد والإسمنت، حيث أشار إلى أن الحكومة سبق أن خفضت ضريبة المبيعات على الحديد لتصبح 8 % بدلا من 16 %.
وأكد أهمية تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص واستثمار أراضي الخزينة، لافتا إلى أن كلفة الأرض تشكل حوالي 30 إلى 40 % من كلفة المسكن.
وأشار إلى أهمية توحيد المرجعية الرسمية لقطاع الإسكان، وتحديث التشريعات الناظمة للقطاع بما يحفز المستثمرين على تنفيذ مشاريع سكنية تلبي احتياجات شرائح الدخل كافة.
وطالب بتخفيض ضريبة بيع العقار، البالغة 3 % من القيمة الإدارية للمسكن، التي يتحملها المواطن.
من جهته، أكد الناطق الإعلامي لدائرة الأراضي والمساحة طلال الزبن، أهمية الحوافز الحكومية في تعزيز حركة بيع العقارات، مشيرا إلى أن الحكومة تعمل على تحسين خدمات دائرة الأراضي والمساحة لتسهيل الإجراءات للمواطنين والمستثمرين.
وأكد الزبن أن الإعفاء من رسوم التسجيل والمسقفات أسهم في تحسين مبيعات الشقق، خصوصا تلك التي تزيد مساحتها على 150 مترا.
وأضاف أن عدد الشقق المباعة التي تزيد مساحتها على 150 مترا بلغ 1283 شقة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، بزيادة قدرها 12 % مقارنة بالشهر نفسها من العام 2023، كما ارتفعت مبيعات الشقق بشكل عام بنسبة 1 % خلال الأشهر الأحد عشر الماضية مقارنة بالفترة نفسها من العام 2023، متوقعا زيادة مطردة في حجم التداول خلال الأشهر المقبلة.
أما فاروق الشنطي، صاحب شركة الشنطي للإسكان، فيرى أن تأثير الحوافز الحكومية بدأ يظهر على السوق، لكنه شدد على أن التحديات الكبيرة التي يواجهها السوق العقاري تتطلب مزيدا من الدعم والإجراءات المحفزة.
وتوقع الشنطي أن يحمل العام المقبل بوادر إيجابية مع ظهور نتائج ملموسة لهذه الحوافز، مؤكدا أن استمرار دعم الحكومة يمثل عاملا حاسما لتجاوز التحديات الراهنة وتعزيز الثقة لدى المستثمرين والمواطنين.
وأشار إلى ضرورة تخفيض الضرائب المفروضة على مقاولي الأبنية، بالإضافة إلى تخفيض الضرائب على المواد الأساسية المستخدمة في البناء، لدعم القطاع العقاري وتسريع وتيرة نموه.
من جهته، اتفق ممثل شركة أحمد العناسوة للإسكان عدي العناسوة مع سابقيه بما يتعلق بتحديات القطاع العقاري، مؤكدا أهمية الإجراءات الحكومية من جهة، وضرورة اتخاذ المزيد من الخطوات من جهة أخرى.
وأكد العناسوة أهمية أن تعمل الحكومة على تخفيض قيمة رسوم الإفراز للمباني السكنية، بالإضافة إلى تقليص المدة الزمنية المطلوبة للحصول على تراخيص الإنشاءات، مع إعطاء الأولوية لشركات الإسكان، بما يضمن تسهيل العمليات وتحفيز القطاع نحو مزيد من النمو.