أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    11-Oct-2025

حكومة اليابان تخشى «فوضى الين»

 طوكيو: «الشرق الأوسط»

تعيش الأسواق اليابانية على وقع تقلبات حادة مع هبوط الين لأدنى مستوياته في عام تقريباً؛ ما دفع الحكومة إلى التعبير عن قلقها من «التحركات السريعة والانحيازية» في سوق الصرف، وسط مؤشرات على استمرار الضغوط التضخمية التي تُعقّد مهمة بنك اليابان المركزي في إدارة السياسة النقدية.
 
وقال وزير المالية الياباني كاتسونوبو كاتو، الجمعة، إن الحكومة تتابع من كثب التطورات في سوق العملات، بعد أن شهد الين تراجعاً بنحو 4 في المائة خلال الأسبوع الحالي، وهو أكبر انخفاض أسبوعي له منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
 
وأوضح كاتو في مؤتمر صحافي أن «التحركات الأخيرة في سوق الصرف الأجنبي سريعة وانحيازية»، مشيراً إلى أن الين يتعرض لضغوط ناجمة عن مخاوف مالية منذ انتخاب ساناي تاكايتشي، المعروفة بتوجهاتها المالية التوسعية، زعيمةً جديدة للحزب الحاكم السبت الماضي.
 
وأضاف الوزير أن «استقرار سعر الصرف بما يعكس الأسس الاقتصادية الحقيقية هو أمر بالغ الأهمية»، مؤكداً أن الحكومة ستتدخل إذا شهدت السوق تقلبات مفرطة أو تحركات غير منتظمة.
 
وأشار كاتو إلى أن تقلبات العملة قد تكون سلاحاً ذا حدين، فهي تُفيد المصدّرين عبر زيادة تنافسية منتجاتهم في الخارج، لكنها ترفع تكاليف الواردات والسلع الأساسية؛ ما يُفاقم الضغوط على الأسر اليابانية.
 
• تاكايتشي: إيجابيات وسلبيات
وفي مقابلة تلفزيونية، الخميس، قالت تاكايتشي إنها لا ترغب في رؤية انخفاضات حادة للين، لكنها عدَّت أن هناك «إيجابيات وسلبيات» لضعف العملة. وأوضحت أن الين الضعيف قد يساعد الصناعات اليابانية المتضررة من الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة، لكنه في المقابل يرفع أسعار المواد الخام المستوردة ويزيد أعباء المعيشة على الأسر.
 
ويرى محللون أن فوز تاكايتشي المفاجئ في سباق الحزب الحاكم أثار شكوك المستثمرين بشأن رفع أسعار الفائدة قريباً؛ ما أدى إلى تراجع الين. وتُعرف رئيسة الوزراء الجديدة بدعمها السياسات المالية والنقدية التوسعية على غرار «أبينوميكس» (نسبة إلى رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي)؛ إذ تسعى لإطلاق حزمة جديدة لتخفيف أعباء ارتفاع الأسعار.
 
• التضخم يستقر والضغوط مستمرة
في موازاة ذلك، أظهرت بيانات رسمية، الجمعة، أن تضخم أسعار الجملة في اليابان استقر عند 2.7 في المائة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي مقارنة بالعام الماضي، وهو معدل أغسطس (آب) نفسه؛ ما يشير إلى استمرار ضغوط التكلفة على الشركات.
 
ورغم أن أسعار الواردات المقوّمة بالين تراجعت بنسبة 0.8 في المائة على أساس سنوي، فإن هذا الانخفاض كان أبطأ من تراجع أغسطس البالغ 3.9 في المائة؛ ما يعكس تأثير تراجع الين في رفع تكاليف الاستيراد.
 
وقال إيزورو كاتو، كبير الاقتصاديين في شركة «توتان ريسيرش»، إن اليابان بدأت تدخل «دورة سلبية»، حيث يؤدي بطء رفع أسعار الفائدة إلى انخفاض الين؛ ما يزيد تكلفة المعيشة ويؤجج التضخم.
 
كما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمشروبات بنسبة 4.7 في المائة في سبتمبر، في حين قفزت أسعار السلع الزراعية مثل الأرز بنحو 30.5 في المائة مقارنة بالعام الماضي، رغم تباطؤ الزيادة عن مستويات أغسطس.
 
• تشاؤم الأسر
وزاد القلق الشعبي من التضخم أيضاً؛ إذ أظهر استطلاع للبنك المركزي الياباني أن نحو 90 في المائة من الأسر تتوقع ارتفاع الأسعار خلال العام المقبل، مقارنة بـ85 في المائة في المسح السابق، وهو ما يعكس تآكل الثقة في استقرار الأسعار.
 
كما توقعت 85 في المائة من الأسر أن تستمر الأسعار في الارتفاع على مدى السنوات الخمس المقبلة؛ ما يُبقي على توقعات السوق بزيادة تدريجية في الفائدة رغم حذر البنك المركزي.
 
ويُعدّ هذا الاستطلاع من المؤشرات التي يراقبها «بنك اليابان» بدقة؛ نظراً لأهميته في تحديد سلوك المستهلكين وتوقعاتهم التضخمية.
 
• «بنك اليابان» في مأزق
يجد بنك اليابان المركزي نفسه الآن في مأزق حقيقي. فمن جهة، يتجاوز التضخم هدف الـ2 في المائة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومن جهة أخرى يخشى المحافظ كازو أويدا من أن تؤدي أي زيادة سريعة في الفائدة إلى خنق النمو الاقتصادي الهش.
 
ويرى اقتصاديون أن استمرار ضعف الين قد يجبر البنك المركزي على تشديد السياسة النقدية في وقت أقرب مما كان متوقعاً، خاصة إذا واصل التضخم الارتفاع بفعل زيادة أسعار الطاقة والغذاء.
 
وكان البنك قد أنهى العام الماضي برنامج التحفيز الضخم الذي استمر عقداً من الزمن، ورفع أسعار الفائدة إلى 0.5 في المائة في يناير (كانون الثاني)، عادَّاً أن اليابان كانت على وشك تحقيق هدف التضخم بشكل مستدام. إلا أن التدهور السريع في سعر الين يعيد المخاوف القديمة إلى الواجهة.
 
• سيناريوهات المرحلة المقبلة
ويتفق المراقبون على أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة... فإذا واصل الين هبوطه وتجاوز حاجز 160 يناً مقابل الدولار، فقد تتدخل السلطات مباشرة في السوق كما فعلت في 2022. أما إذا استقر عند مستوياته الحالية، فسيحاول البنك المركزي الموازنة بين دعم الاقتصاد ومكافحة التضخم دون تغيير حاد في أسعار الفائدة.
 
وفي ظل هذه المعادلة الصعبة، تبقى اليابان – ثالث أكبر اقتصاد في العالم – أمام اختبار دقيق بين استقرار العملة والحفاظ على النمو، بينما تترقب الأسواق العالمية خطواتها المقبلة بحذر بالغ.