التكنولوجيا والنفط.. من المتفوق؟*م. هاشم نايل المجالي
الدستور
لقد أصبح الاقتصاد المعرفي محرِّكاً رئيسياً للنمو الاقتصادي، ويعتمد بشكلٍ أساسي على تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الابتكار، فالتطوّر في التكنولوجيا أصبح له أثر كبير على الاقتصاد، وهناك دول استغلت هذا الانفتاح الرقمي من أجل تحقيق مصالح اقتصادية، والخروج من أزمات حقيقية، فالصناعات الإلكترونية الحديثة أصبحت تضاهي الصناعات في مجالات عديدة مثل صناعة الأسلحة أو غيرها، فالصين تُصدر أجهزة ومعدات إلكترونية متنوعة، صغيرة ومتوسطة، تسيطر من خلالها على الأسواق العربية بفوائدها العديدة.
كذلك التنافس في مجال الهواتف الحديثة، وشاشات التلفزيون، وغيرها، التي باتت تأخذ حيزاً كبيراً في ميزانية الاستهلاك السوقي والمنزلي والخدمي، وتؤثّر على الدخل بشكل مباشر أو غير مباشر، تُشكّل أزمات حقيقية وواقعية في الدول، وتُضعف من اقتصادها، فالاستيراد لهذه الأجهزة بشكل كبير وغير عادي وغير منضبط يُشكّل خطراً كبيراً على الاقتصاد، وتحويل الأموال إلى خارج البلاد، ويُعتبر ذلك مكسباً كبيراً للدول المصنِّعة لهذه الإلكترونيات، واستطاعت أن تُخرج نفسها من العديد من الأزمات، خاصة توفر الأيدي العاملة الماهرة، وقطع الغيار، والصيانة. والمواطن في الدول النامية دائماً يبحث عن إشباع رغباته، والبحث عن حاجة جديدة، فبناء الإنسان في أي دولة هو المفتاح الرئيسي لتطوّر التكنولوجيا، والتعامل السليم معها، وتطويرها.
فالدول المتقدمة مثل الصين وألمانيا واليابان وغيرها، بعد الحرب العالمية الثانية وما لحق بها من دمار شامل، كان مفتاحها الرئيسي لإعادة البناء هو الاستثمار بالإنسان والانضباطية، فلقد أدركت بعد هذا الدمار وعبثية الحرب أن لا سبيل للنهوض من هذا الخراب إلا بالعلم والعمل، وتمّ العمل على بناء الإنسان أولاً، واستطاعت هذه الدول ردّ الكرامة والاعتبار، ولقد عملت على إيجاد (السوق الاجتماعي)، أي حرية السوق والاستثمار فيه، والاهتمام بالتوازي الاجتماعي، فكان التعليم العالي المجاني الذي يقدّم خدماته للطلبة برسوم رمزية، كذلك النظام الصحي لتلقّي العلاج المناسب مجاناً أو شبه رمزي، لا أن نجعل من التعليم حاجزاً من الصعب أن يتخطاه الطالب ليتقدّم إلى مستوى علمي متقدّم.
فتقديم الدعم والمساندة والمثابرة، وإتاحة فرص الاختبار والجودة والبحث العلمي، من أهم الأسباب المحفّزة لشبابنا نحو التطور العلمي والتقني.
لقد أصبح تطوّر الدولة يُقاس بحجم ما تملكه أو تُطبّقه من تقنية في قطاعاتها، ليُطلق عليها دولة متقدّمة.