أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    18-Jul-2024

المال السياسي الأردني والانتخابات*سائد كراجة

 الغد

ينسب إلى السياسي الأميركي مارك هانا مدير حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 1896 قوله: “ هناك شيئان مهمان في السياسة. الأول هو المال، ولا أستطيع تذكر الثاني”،  قاد هانا في هذه السنة من الانتخابات الأميركية حملة أثرياء أميركا - روكفلر، كارنيغي،  جي مورغن - في مواجهة انتفاضة الشعب التي قادها آنذاك المرشح الجمهوري جيمس براين ضد تحكم المال بالديمقراطية الأميركية وكذلك ضد عمالة الأطفال وتمركز الثروة، وبالطبع فاز الأثرياء، وبعد ذلك روجت ديمقراطية أميركا التي صدرتها للعالم باعتبار أن المال هو أساس الممارسة الديمقراطية، وفي العالم العربي جودنا على المذهب الأميركي في الانتخابات باعتماد  “التزوير  الانتخابي” باعتباره تدخلا للدولة العميقة وحزبها أو أحزابها الظاهرة أو الخفية في هندسة الانتخابات حسب ما يعتقد أنه مصلحة الدولة.!
 
المال السياسي الأردني هاو،  وفي ما عدا الاستثمارات الشخصية بدفع مبالغ قيل أحيانا انها طائلة للحصول على مقعد في مجلس النواب، فإن القطاع الخاص الأردني لم يقتنع يوما بالانتخابات ولا يرى ضرورتها ذلك لأنه قادر على تحقيق مصالحه بالعلاقات مع الدولة التي تغنيه عن “وجع الرأس” والتدخل في السياسة، فهو عبر علاقات شخصية أو قطاعية قادر على “ تمرير” مصالحه الاقتصادية، وبعد الخلاص الشخصي يكتفي عادة بالندب على المعيقات التي تضعها بعض القوانين في طريقه.! 
المال السياسي الأردني والقطاع الخاص عموما لا يملك أي هيكلية ولا رؤية شاملة لكيفية مشاركته السياسية، حيث مشاركته في المجمل فردية بعيدة عن رؤية اقتصادية سياسة  للأردن الذي يريد، الأصل أن يكون المشروع الواعي للمال السياسي هو وضع المال في قنوات قانونية  لدعم برامج الأحزاب التي تعود على البلاد والعباد بالنفع الاقتصادي، وتدور عجلة الإنتاج وتشجع الاستثمار والابتكار، وتدعم التحول نحو الاستقلال الاقتصادي!
كما أن دعم الحريات والتنوع في المجتمع ضرورة لخلق بيئة سياسية واقتصادية واجتماعية تأخذ الأردن نحو المستقبل الذي يطمح له المواطن وذلك من خلال توفير فرص عمل وحياة كريمة وتكريس الحريات، فإن الحرية هي التنمية الشاملة! 
قانون الانتخاب النافذ في المادة 24 منه منع الرشوة الانتخابية بمعنى منع عمليات “ شراء “ الأصوات بالشكل المباشر، وفي الوقت نفسه سمح بتمويل الأحزاب من “ المحسنين “ الذين يدفعون للحزب مباشرة، والأشخاص الذين يقال أنهم يمولون بعض الأحزاب لا نعرف عنهم لون أو توجه سياسي معين ومنتهى طموح أغلبهم من وراء تمويلهم الحصول على مقعد لابن أو بنت في البرلمان أو الحصول على منصب “ شرفي” في حزب،  ويغيب عنا -وقد يكون هذا تقصير منا - توجه أكثرهم السياسي أو رؤيتهم للعملية السياسة، ولهذا فإن احتمال انتقال تمويلهم للحزب الذي يعطيهم فرصة أكبر لتحقيق مصالح شخصية وارد، ولن يكون مستغربا.!
قانون الانتخاب النافذ وضع سقفا لتمويل حملات الانتخابات بمبلغ مائة ألف دينار للقائمة المحلية ونصف مليون للقائمة الحزبية، وهذه أرقام فلكية بالنسبة لمعظم الأحزاب الحالية، ذلك أن المال السياسي الأردني يستثمر في الأحزاب التي قيل إنها حجزت مقاعد في مجلس النواب! وليس  بالضرورة في الأحزاب البرامجية التي ندعو إلى تأييدها! 
إن كانت الدولة جادة في الوصول إلى طيف متنوع من الأحزاب الفكرية والبرامجية المختلفة للمجلس بين اليمين والوسط واليسار، فإن عليها التدخل فورا  لدعم الأحزاب بما في ذلك دعم حملاتها الانتخابية وخاصة الأحزاب الأقل حظا، وهي أقل حظا ليس لأنها بالضرورة أحزاب غير برامجية أو غير فاعلة على الأرض بل لانها حوصرت تاريخيا إلى ان وصلت إلى ما وصلت إليه الآن! 
الدولة تدعم الخبز والكهرباء والمحروقات، لماذا لا ندعم عملية التحديث السياسي، ولو  للمجلسين القادمين فقط! وإلى أن  يتسيس المال السياسي الأردني وإلى ان نجسر الفجوة بين الأحزاب الأكثر حظا والأحزاب الأقل حظا، لماذا لا تتدخل الدولة الرؤوم وعلى أسس علنية شفافة عادلة أو توجه بعض “ رأس المال”  لدعم الاحزاب أو بالحد الأدنى الأحزاب الأقل حظا،  فكر فيها مليا جنابك؟!