واشنطن: «الشرق الأوسط»
أكد صندوق النقد الدولي أن سلطنة عمان أبدت قدرة قوية على الصمود في مواجهة تصاعد أجواء عدم اليقين العالمي، وتجدد التوترات الجيوسياسية، وتقلبات أسعار النفط خلال 2025، وأن اقتصادها لا يزال آخذاً في التوسع، مدعوماً بقوة النشاط غير الهيدروكربوني وانخفاض التضخم. ويتمتع كل من مركز المالية العامة والمركز الخارجي بالقوة، كما أن تراجع الدين العام لا يزال مستمراً.
هذا ما جاء في بيان في ختام مناقشات مشاورات المادة الرابعة لعام 2025 التي أجراها الصندوق مع سلطنة عمان. وكان بعثة الصندوق برئاسة عبد الله الحسن عقدت المناقشات في مسقط خلال الفترة 9 – 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2025.
الأداء الاقتصادي والتضخم تحت السيطرة
أوضح الحسن أن النمو الاقتصادي ظل قوياً في عام 2024 والنصف الأول من 2025، مدفوعاً بالتوسع في قطاعات غير هيدروكربونية حيوية، مثل الصناعة التحويلية، والتجارة، والخدمات اللوجيستية، والبناء. وعلى الرغم من تقلص الناتج المحلي الهيدروكربوني نتيجة تخفيضات الإنتاج في إطار اتفاق «أوبك بلس»، ظل التضخم قيد الاحتواء، حيث تراجع إلى 0.6 في المائة في 2024 ووصل إلى 0.9 في المائة في 2025.
وسجلت المالية العامة فائضاً بنسبة 3.3 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في 2024، بينما بلغ فائض الحساب الجاري 3.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كما أكد الصندوق أن دين الحكومة بلغ 36.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول سبتمبر (أيلول) 2025.
توقعات مواتية ومخاطر عالمية
توقع الصندوق أن يرتفع النمو في الفترة 2025 - 2026 مع تراجع تخفيضات إنتاج النفط واستمرار الزخم في الأنشطة غير الهيدروكربونية. ومن المتوقع أن يظل التضخم منخفضاً ويقترب من 2 في المائة على المدى المتوسط.
ومع ذلك، أشار الصندوق إلى تحول متوقع في الحساب الجاري إلى تسجيل عجز في 2025 - 2027، نتيجة انخفاض أسعار النفط، قبل أن يعود تدريجياً إلى تسجيل فائض. ونبّه البيان أن تصاعد أجواء عدم اليقين العالمي وتجدد التوترات الجغرافية - السياسية قد يؤثران سلباً على النمو ومراكز المالية العامة والمركز الخارجي.
الالتزام بالانضباط المالي وإصلاحات الاستدامة
أثنى خبراء الصندوق على التزام السلطات بالانضباط المالي، مشيرين إلى أن العجز الأولي غير الهيدروكربوني سيتقلص بنسبة 2 في المائة في 2025، مدعوماً بالقيود على الإنفاق وتحسن تحصيل الإيرادات غير الهيدروكربونية.
وعد الصندوق أن استمرار التقدم في تحديث الإدارة الضريبية، وتنفيذ نظام إصدار فواتير ضريبة القيمة المضافة إلكترونياً، وتطبيق ضريبة الدخل الشخصي على ذوي الدخل المرتفع في عام 2028، سيكون أساسياً لتعزيز استدامة المالية العامة. كما شدد على ضرورة ترشيد الإنفاق الجاري غير الأساسي والإلغاء المرحلي للدعم غير الموجه لمستحقيه، مع توفير الحماية الاجتماعية للفئات الأضعف.
استقرار القطاع المالي
أكد البيان أن نظام ربط سعر الصرف (الريال العُماني بالدولار) لا يزال ملائماً ويوفر ركيزة لانخفاض التضخم واستقراره، مشيراً إلى أن الجهود المبذولة لتعزيز كفاءة السياسة النقدية ستقوي آلية انتقال أثرها.
وتم وصف القطاع المصرفي بأنه «في وضع قوي وسليم» بفضل وفرة هوامش الأمان من رأس المال والسيولة.
وفي الختام، أكد الصندوق أن العمل لا يزال جارياً على تنفيذ الإصلاحات ضمن «رؤية عُمان 2040»، مشيراً إلى أن «خطة التنمية الخمسية، الحادية عشرة» تمثل فرصة مهمة لتسريع التنويع الاقتصادي، وتحسين بيئة الأعمال، وزيادة مشاركة القطاع الخاص، ودفع مبادرات الطاقة المتجددة والجاهزية للذكاء الاصطناعي.