أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2025

«عمرة».. مشروع متأنٍ يرسم ملامح المستقبل*لما جمال العبسه

الدستور

لم تأتِ كتابة هذا المقال عن مدينة عمرة متأخرة، بل جاءت متأنية، لأن المشاريع الكبرى لا تُقرأ في لحظة الإعلان عنها فقط، وإنما تُستشرف في سياقها الأوسع، حيث تتقاطع مع مسارات التنمية والهوية الوطنية والاقتصاد السياسي.
 
«عمرة» التي دشن مرحلتها الاولى رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان أواخر الشهر الماضي ليست مجرد توسعة عمرانية، بل هي مشروع وطني استراتيجي يفتح أفقاً جديداً للأردن في مواجهة تحديات النمو السكاني وضغط المدن الكبرى، ويعيد صياغة العلاقة بين المواطن والدولة عبر نموذج حضري حديث ومستدام، هذا المشروع الممتد على مدى خمسة وعشرين عاماً يضع الأردن أمام اختبار الاستمرارية والقدرة على تحويل الرؤية إلى واقع.
 
 «عمرة» وبحسب تفاصيل المشروع ليست عاصمة جديدة بالمعنى الإداري، بل مدينة مستقبلية تستوعب الأجيال القادمة وتوفر لهم بيئة متوازنة بين السكن والعمل والترفيه، مع بنية تحتية ذكية وفرص اقتصادية واعدة، وهنا يكمن انفراد المشروع في أنه لا يسعى إلى استنساخ تجارب الآخرين، بل إلى صياغة نموذج أردني خاص، يوازن بين الطموح والموارد، وبين الحداثة والهوية.
 
البعض وفي حالة من قصر النظر يضع هذا المشروع الهام في حالة مقارنة  بمثيلاتها في دول عربية أخرى ، بقصد القول انه مجرد تقليد، لكن عند المقارنة مع مشاريع عربية مجاورة، مثل العاصمة الإدارية الجديدة في مصر، يظهر الفارق في الرؤية والوظيفة، فبينما أرادت مصر أن تبني عاصمة إدارية بديلة لتخفيف الضغط عن القاهرة وتحديث مؤسسات الدولة، يذهب الأردن إلى خيار مختلف يتجسد في بناء مدينة جديدة لا تنافس العاصمة، بل تدعمها عبر توزيع النمو السكاني والاقتصادي بشكل أكثر توازناً، وهذا الاختلاف يعكس خصوصية كل بلد، ويؤكد أن «عمرة» ليست مجرد تقليد، بل مشروع وطني يجيب عن أسئلة أردنية خالصة تتعلق بالاستدامة، والفرص الاقتصادية، والعدالة المكانية.
 
التحديات أمام «عمرة» واضحة،  تتمثل في ضمان الاستمرارية عبر الحكومات المتعاقبة، جذب الاستثمارات المحلية والدولية، والحفاظ على الموارد الطبيعية في ظل توسع عمراني واسع، بالمقابل فان الفرص أكبر، فخلق وظائف جديدة للشباب، تعزيز مكانة الأردن كمركز إقليمي للمعارض والمؤتمرات، وتقديم نموذج حضري يليق بالقرن الحادي والعشرين، ترجح كفتها على التحديات وستكون اقصر السبل لتجاوز كل العقبات.
 
في النهاية، مدينة عمرة ليست مجرد مشروع عمراني، بل هي وعد بمستقبل مختلف، يُكتب على مهل، ويُبنى بوعي، ويُستشرف بعمق، هي مشروع متأنٍ لا متأخر، يضع الأردن على طريق جديد، حيث تتلاقى التنمية الاقتصادية مع العدالة الاجتماعية، وحيث تتحول الرؤية إلى واقع يغيّر الخريطة السكانية والاقتصادية للبلاد، إنها رواية وطنية جديدة، عنوانها «الأردن يدخل عصر المدن المستقبلية بثقة وخصوصية»،  وهو يثبت أن التنمية ليست سباقاً زمنياً، بل مسيرة واثقة نحو المستقبل.