أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Dec-2025

هدية إحصائية مـهـمـة*حسام عايش

 الدستور

تحديث سنة الاساس للناتج المحلي الاجمالي، أو لغيره من المؤشرات كالتضخم، من الخطوات الإحصائية الضرورية التي تقوم بها الدول؛ لضمان ان تعكس الارقام الاقتصادية واقع النشاط كما هو لا كما كان في فترات سابقه؛ قد تكون مختلفة في بنيتها، وتركيبها الانتاجي.
 
طبعا، سنة الاساس، ليست رقما ثابتا بقدر ما هي اطار مرجعي؛ يتم من خلاله قياس الاسعار والكميات وحصص القطاعات ومتابعة التغيرات الاقتصادية، حيث تتبدل الأنشطة الاقتصادية، وتظهر قطاعات جديده، وتتراجع اخرى، وتتغير انماط الاستهلاك، والإنتاج مع مرورو الزمن، مما يجعل الاعتماد على سنة اساس قديمة امرا يضعف دقة المؤشرات، او الواقع الحقيقي للاقتصاد.
 
عادة، يفضل المعنيون في الدول المختلفة اختيار سنة اساس تتوافق مع بداية تطبيق سياسة اقتصادية شاملة، او خطة اصلاح وطنيه كبرى، بحيث تشكل تلك السنة نقطة قياس مرجعية يمكن من خلالها تتبع النتائج الفعليه للسياسات الجديدة عبر الزمن. 
 
لذلك يأتي اعتماد عام 2023، كسنة اساس جديدة، منسجما مع بدا التطبيق العملي لرؤية التحديث الاقتصادي، ما يسمح بتقييم نتائج هذه الرؤية بشكل منهجي ودقيق خلال السنوات المقبلة؛ بدل الاعتماد على قاعدة احصائية قديمة لم تعد تعكس طبيعة الاقتصاد الحالي.
 
تحديث السنة، رفع قيمة الناتج المحلي الجاري لعام 2023 بنحو 3.6 مليار دينار تقريبا من 36.2 مليار دينار الى 39.8 مليار دينار، وهي زيادة لا تعني ان الاقتصاد سجل نموا مفاجئا بهذا المقدار، او تحسنا فوريا في مستويات الدخل، او التشغيل، او النمو، بل تعكس ادخال انشطة اقتصادية وقطاعات كانت غير مغطاة بالكامل في المنهجية السابقة، او لم تكن محتسبة بدقة كافية.
 
كما تعني، ان حجم الاقتصاد، كان اكبر مما تظهره الارقام القديمة، وان قراءة المؤشرات ضمن اطار احصائي جديد ستكون اكثر واقعية، مما يعزز القدرة على تخطيط السياسات النقدية والمالية والاقتصادية والتنموية، ويحسن الثقة في البيانات، ويعزز الشفافية في تقييم المسار الاقتصادي.
 
وعليه، يفترض بعد تحديث السنة وارتفاع حجم الناتج المحلي الاجمالي بالاسعار الجارية للعام 2023 الى 39.8 مليار، ان يرتفع بالتتابع حجم هذا الناتج الى قرابة 41.6 مليار دينار في2024، والى 43.6 مليار دينار في 2025، وصولا الى ما يقارب 45.9 مليار في 2026 بمعدل نمو مقدر نسبته 5.4 ٪.
 
ايضا، يستدعي الامر، تقديم الحكومة عرض شمولي لكيفية مواءمة المؤشرات ذات الصلة بالاطار الجديد للناتج، فتغيير سنة الاساس يغير المقام الذي تقاس عليه نسب المؤشرات، للمديونية والعجز المالي والحساب الجاري وميزان المدفوعات وغيرها من الناتج الجديد، دون ان تتغير قيمها المطلقة بالطبع.
 
تحديث السنة لا يعد مجرد تعديل رقمي شكلي، بل يمثل خطوة مهمة لاعادة ضبط البوصلة الاحصائية للاقتصاد، وربط قياس الاداء ببداية تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي، وتمكين صناع القرار والمستثمرين والمؤسسات الدولية والجمهور من قراءة واقع الاقتصاد بصورة ادق واشمل.
 
تحديث سنة الأساس إلى 2023، منحنا فرصة لتحسين مؤشرات الاستدامة المالية، وتخفيض الضغط على التصنيف الائتماني، وتوسيع الحيز المالي المتاح للانفاق الرأسمالي والحماية الاجتماعية دون الحاجة الى اجراءات تقشفية جديدة، ولإعادة ضبط المديونية وخفض نسببتها الى الناتج الجديد عبر منحنا نحو 8–9 نقاط مئوية دون سداد اي دينار إضافي، ما يعني ان انخفاض الدين العام بدون دين الضمان الى 80 ٪ من الناتج المحلي بحلول 2028 اصبح امرا قريب التحقق.
 
تحديث سنة الاساس، يجب ان يرافقه تسريع في الانفاق الاستثماري الحقيقي، وفي رفع نسبة الانفاق الرأسمالي إلى 25–40 ٪ من الموازنة، وخفض الاعتماد على المنح والديون قصيرة الاجل، اي جدية اكبر في استثمار هذا الحيز المالي الجديد بما ينعكس على تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي. وبغير ذلك، سنضيع اكبر هدية احصائية حصلنا عليها منذ عقود، لنعود الى نفس النسب المرتفعة للدين والعجز، لكن هذه المرة دون عذر.