اللجنة المالية النيابية تبدأ مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة
الغد-عبد الرحمن الخوالدة
أكد محافظ البنك المركزي الأردني، الدكتور عادل شركس، أمس، أن البنك يواصل التزامه الراسخ بالحفاظ على الاستقرار النقدي باعتباره أحد أهم ركائز الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن السياسات النقدية المطبقة أثمرت نتائج إيجابية عززت الثقة بالاقتصاد الأردني داخليا وخارجيا.
وقال شركس "ملتزمون بشكل كامل بالمحافظة على الاستقرار النقدي باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، ونعمل على توظيف جميع الأدوات المتاحة لضمان استقرار الأسعار".
وأوضح، في أولى جلسات اللجنة المالية النيابية لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة للعام المقبل، أن جهود البنك ساهمت في تحقيق نتائج لافتة، أبرزها ارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي إلى نحو 24.1 مليار دولار وهو مستوى يعكس متانة السياسة النقدية، وقدرة المملكة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية وتغطية احتياجات الاستيراد لفترات مريحة.
وأشار إلى أن البيئة الاقتصادية شهدت أيضا تحسنا ملحوظا مع انخفاض معدل التضخم إلى نحو 1.8 بالمائة، الأمر الذي يعزز القوة الشرائية للأسر ويحد من الضغوطات السعرية على السلع الأساسية، مؤكدا أن المحافظة على استقرار الأسعار ستظل أولوية استراتيجية للبنك المركزي، خلال المرحلة المقبلة.
وشدد شركس على أن الجهاز المصرفي الأردني ما يزال يحقق مستويات عالية من المتانة والقدرة على مواجهة الصدمات الاقتصادية، مبينا أن القطاع المصرفي في الأردن قوي ومراقب وفق أعلى المعايير الدولية، ويعد شريكا محوريا في دعم النمو الاقتصادي وتمويل القطاعات الإنتاجية، كما أن مستويات كفاية رأس المال والسيولة، تعكس استقرارا يعزز دور القطاع في خدمة الاقتصاد الوطني.
وبين محافظ البنك المركزي أن البنك يعمل بشكل مستمر على مواءمة سياساته مع التطورات العالمية، من خلال نهج قائم على الاستباقية والتحليل العميق للمخاطر، مجددا تأكيد أهمية التنسيق بين السياسة النقدية والسياسات المالية والاقتصادية، لضمان استمرار مساري التعافي والنمو.
وبدأت اللجنة المالية نقاشها، أمس، لمشروع قانون الموازنة مع وزارة المالية والبنك المركزي والدوائر التابعة للوزارة.
ودعا رئيس مجلس النواب مازن القاضي، الذي حضر جزءا من المناقشات، اللجنة المالية إلى ضرورة إنجاز الموازنة العامة وفق المدة المحددة دستوريا مع مراعاة الجودة والدقة في النقاشات، منوها إلى أهمية ألا يكون الإسراع في إنجاز مشروع القانون على حساب جودة المخرجات.
وأشار القاضي، إلى أن مناقشة مشروع قانون الموازنة العامة، تتزامن مع قرب البدء بالمرحلة الثانية من رؤية التحديث الاقتصادي، التي تهدف للانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مرحلة النمو الشامل والمستدام، بما يفضي إلى تحسين جودة الحياة. وأكد أن مجلس النواب سيمارس دوره الرقابي والتشريعي في متابعة تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي أولا بأول.
كما استعرض رئيس اللجنة المالية النيابية الدكتور نمر السليحات، أبرز فرضيات الموازنة العامة، إضافة إلى التطرق إلى موازنة وزراة المالية والدوائر التابعة لها.
الحكومة ملتزمة بخفض مسار الدين
بدوره، قال وزير المالية عبدالحليم الشبلي "إن الوزارة وضعت فرضيات رئيسية لإدارة الدين العام على المديين القصير والمتوسط"، مشيرا إلى أن الدين العام للمملكة يدار بدقة وشفافية، وجميع تفاصيل المخصصات والنفقات متاحة عبر جداول الوزارة، ونشرات الدين على موقع الوزارة.
ولفت الشلبي إلى أن الوزارة تتوجه إلى استبدال الديون المكلفة بديون أقل كلفة، بهدف تخفيف الأعباء المالية على الخزينة العامة، إضافة إلى إتاحة الفرصة لتمويل المشاريع التنموية.
وأكد الشلبي أن الحكومة ملتزمة بخفض مسار الدين والوصول به إلى نسبة 80 %، من الناتج المحلي الإجمالي بحلول العام 2028.
وأوضح الشلبي أن المراجعات الدولية، بما في ذلك التعاون مع الصناديق الدولية، أظهرت أن الدين العام للأردن من أحدث الدوائر في المنطقة، ولدينا قدرة كبيرة على مواجهته في حال حدوث أي تقلبات في الأسواق أو انخفاض الأداء المصرفي.
وأكد أن الاستراتيجية الحكومية، تهدف إلى خفض الضغوطات على المالية العامة وخلق مساحة لإطلاق مشاريع التنمية والاستثمار، مع الحفاظ على استدامة المالية العامة وتقليل المخاطر المرتبطة بالدين الخارجي.
وأضاف الوزير أن الوزارة قامت برفع المخصصات الجارية والرأسمالية لدعم القطاعات الحيوية، مثل المياه والبنية التحتية والمشاريع التنموية، بهدف ضمان تنفيذ المشاريع وفق الخطط الموضوعة، وتأمين الاحتياطيات اللازمة لمواجهة أي تقلبات اقتصادية محتملة.
وأوضح أن المخصصات الطارئة تمت زيادتها إلى 60 مليون دينار، لتعزيز القدرة المالية للحكومة على مواجهة الاحتياجات الطارئة.
وأشار الشبلي إلى أن الإجراءات الحكومية تتضمن تخفيض الضغوط على الموازنة العامة، وتعزيز قدرة الحكومة على السداد، وزيادة الفعالية في إدارة الموارد المالية، بما يضمن خلق بيئة مالية مستقرة وموثوقة، وتوفير المرونة اللازمة لتطوير المشاريع التنموية.
وشدد الشبلي على أن الوزارة ملتزمة بـالشفافية والكفاءة في إدارة الموارد العامة وكذلك المديونية، وأن الوزارة تهدف إلى تحقيق استقرار مالي مستدام، وضمان قدرة الدولة على مواجهة أي تحديات مستقبلية، وتعزيز الثقة بمؤسساتها المالية.
ويشار إلى أن مخصصات وزارة المالية في مشروع موازنة العام 2026، ارتفعت إلى نحو 4.86 مليار دينار، مقابل 4.57 مليار دينار في التقديرات المعاد احتسابها للعام الحالي، بزيادة 6.3 %. وبلغت النفقات الجارية 4.68 مليار دينار بزيادة 5.8 %، فيما ارتفعت النفقات الرأسمالية إلى 187.3 مليون دينار بزيادة 24.6 %، في إطار جهود تطوير الإدارة المالية وتعزيز الكفاءة التشغيلية.
الضريبة: التحول الرقمي يحد من الاقتصاد غير الرسمي
من جهته، أوضح المدير العام لدائرة ضريبة الدخل والمبيعات حسام أبو علي، أن المنظومة الضريبية في الأردن تشهد تحولات رقمية واسعة تهدف إلى رفع كفاءة التحصيل الضريبي وتعزيز آليات التفتيش.
وأشار أبو علي إلى أن أبرز هذه المشاريع هو نظام الفوترة الوطنية الإلكترونية، الذي تم تنفيذه على ثلاث مراحل: إعداد الجانبين التقني والتشريعي، تطبيق النظام على عمليات البيع، ثم تطبيقه على عمليات الشراء، الذي بدأ في الأول من نيسان (أبريل) من العام الحالي.
وأضاف أن النظام لا يقتصر على كونه ضريبيا فحسب، إنما يعد نظام فوترة وطنيا شاملا يعزز العدالة الضريبية ويوفر بيئة منافسة عادلة، ويقلل حجم الاقتصاد غير الرسمي. وأوضح أن عدد المكلفين المسجلين في النظام تجاوز 150 ألف مكلف، ويصدر النظام أكثر من مليون فاتورة يوميا، بمعدل إصدار نصف ثانية لكل فاتورة، وأطول فاتورة لم تتجاوز 0.75 ثانية.
وأكد أبو علي أن المرحلة الثالثة من تطبيق النظام بدأت تظهر آثارها الإيجابية، حيث تم تسجيل نحو 17,600 مكلف جديد، لم يكونوا ضمن النظام سابقا.
وكشف أبو علي، عن بدء استخدام الذكاء الاصطناعي في تدقيق الإقرارات الضريبية، مشيرا إلى أن دقة استخدام الذكاء الاصطناعي في الإقرارات تصل إلى نسبة 100 %.
وأضاف أبو علي أن دائرة الضريبة اعتمدت أيضا على الرقابة الإلكترونية على المصانع، مثل مصانع الدخان، حيث أصبح بالإمكان مراقبة كل وحدة إنتاج ووضع تمييز رقمي للمنتجات، ما يسهل اكتشاف أي كميات مهربة ويعزز التحصيل الضريبي.
وبالنسبة للتحول الرقمي في المديريات، قال أبو علي "إن أربع مديريات رئيسية أصبحت دوائر رقمية بالكامل، مع اعتماد التوقيع الإلكتروني وتقليل التعامل الورقي، ما يضمن أرشفة دقيقة للبيانات ويقلل المخاطر، كما يتيح الاعتماد على التقارير الرقمية في أي نزاعات قانونية مع المكلفين".
وأشار إلى أن هذه المشاريع ساهمت في زيادة إيرادات ضريبة الدخل بمقدار 175 مليون دينار، وارتفعت ضرائب المبيعات بمقدار 464 مليون دينار، ليصل مجموع الإيرادات إلى نحو 1.926 مليار دينار، إضافة إلى أن إيرادات دائرة الجمارك العامة بلغت 360 مليون دينار بفضل التحول الرقمي في إجراءاتها.
الجمارك: رفع كفاءة التحصيل والحد من التهرب الجمركي
إلى ذلك، أكد أحمد العكاليك، مدير عام دائرة الجمارك، أن القرارات الأخيرة المتعلقة بالرسوم الجمركية ورفع نسبة الضريبة على الطرود البريدية جاءت لتحقيق نوع من التوازن بين التجارة التقليدية والتجارة الإلكترونية، وضمان العدالة بين القطاعين.
وأوضح العكاليك أن الطرود البريدية التي تقل عن 200 دينار، كانت سابقا تخضع لضريبة 10 % لا تقل عن 5 دنانير. أما القرار الجديد فحدد، نسبة 16 % على حد أدنى، مشيرا إلى أن هذه الشريحة تعتبر بضائع شخصية وليست تجارية، مثل الطلبات التي تصل قيمتها إلى 150 دينارا.
وأضاف أن الشريحة الثانية، من 200 إلى 1,000 دينار، تخضع للرسوم الجمركية وفق بيان محدد، فيما تخضع الشريحة الثالثة، فوق 2,000 دينار، للبنود التجارية المعتادة. وأوضح أن رفع الرسوم جاء استجابة لمطالب القطاع التجاري التقليدي، لضمان العدالة بينه وبين التجارة الإلكترونية ومنع أي تهرب جمركي.
وأشار العكاليك إلى تبني دائرة الجمارك مشروع العمليات الجمركية الشامل، الذي يجمع جميع الأنظمة الجمركية في منصة واحدة، ويربط جميع الخدمات الإلكترونية ويغطي كل المعاملات الجمركية، حيث لا تنجز أي خدمة يدويا. ويعتمد المشروع، على نظام خدمة الجمهور ونظام الموارد البشرية لإدارة العمل والصلاحيات داخل المنظومة، ومن المتوقع الانتهاء منه بنهاية الشهر الثامن من العام.
وبالنسبة للرسوم الجمركية على السيارات، بين العكاليك أن القرار الأخير جاء لتوحيد التشريع وإصدار قانون مستقل للسيارات، بدلا من الشرائح القديمة التي كانت مقسمة بحسب وزارة الصناعة والتجارة، مع مراعاة المواصفات الحديثة للسيارات الكهربائية وغيرها، ما انعكس إيجابا على استقرار السوق.
وأشار إلى أن أزمة حركة السيارات القادمة من دبي ودول الخليج باتجاه سورية خلال السنوات الأخيرة تم تجاوزها، موضحا أن كل سيارة الآن تسجل ببيان جمركي مستقل، مقارنة بالبيانات السابقة التي كانت تشمل أكثر من سيارة في بيان واحد، ما أدى إلى طفرة كبيرة في عدد البيانات الجمركية.
وأضاف أن الفترة الأخيرة شهدت إنجاز نحو 2,500 إلى 2,800 بيان جمركي يوميا، جميعها تنجز في اليوم نفسه، مقارنة بالحدود السابقة التي كانت تتراوح بين 200 و400 بيان، وهو ما اعتبره نقلة نوعية في إدارة الجمارك.
وأكد أن التطور التكنولوجي في إدارة الجمارك ساهم، في تحقيق الإيرادات الجمركية بكفاءة عالية، وأن الإيرادات المقدرة للعام الحالي تصل إلى نحو 400 مليون دينار، وتشمل كل الرسوم والغرامات الجمركية المفروضة بموجب قوانين الدولة. وأوضح أن الربط بين الجمارك ودائرة ضريبة المبيعات أثر بشكل كبير على كفاءة التحصيل، ما ساعد في تحسين الأداء وزيادة الإيرادات.
وأشار العكاليك إلى أن مشاريع تبسيط التجارة وتيسير الإجراءات الجمركية، تضمنت مشروع MBC للتغطية اللاحقة، الذي مكن من تصنيف الشركات الملتزمة ضمن القائمة الذهبية للاستفادة من امتيازات عند الحدود، ما يعزز الالتزام ويُسهل حركة البضائع.
واختتم حديثه بتأكيد أن مشاريع التحول الرقمي والربط بين الأنظمة الجمركية ورفع الكفاءة ساهمت في تقليل التهرب الجمركي، رغم زيادة حجم النفقات المرتبطة بتطوير الأنظمة ودمج الوحدات الرقابية، لافتا إلى أن هذه الإجراءات ستنعكس إيجابا على أداء الجمارك وتحسين بيئة التجارة في المملكة.
كما شارك في الجلسة عدد من ممثلي الدوائر الحكومية التابعة لوزراة المالية، كدائرة الموازنة العامة ومديرية المشتريات الحكومية وغيرهما.
وشهدت الجلسة، عددا من المداخلات النيابية منها مداخلة: إبراهيم الطراونة ورندا الخزوز وأحمد شديفات وأحمد الرقب، حيث ركزت على ضرورة تحسين الدعم المعيشي للمواطنين، من خلال زيادة الرواتب وتخفيض الضرائب العامة وغيرهما من المطالب.