الجيل الخامس للاتصالات(5G): كيف ستعيد تشكيل المدن الذكية؟*د. سليمان علي الخوالدة
الدستور
مع التقدم التكنولوجي السريع، أصبح الجيل الخامس للاتصالات من أبرز العوامل التي ستسهم في إعادة تشكيل المدن الذكية على مستوى العالم. الأردن، الذي يسعى لتحقيق التنمية المستدامة والتحول الرقمي، لن يكون استثناءً من هذا الاتجاه. حيث تمتاز تقنية الجيل الخامس بسرعات عالية وقدرة على الاتصال الفوري، ودعمها لعدد هائل من الأجهزة المتصلة في وقت واحد، ما يفتح أمام الأردن فرصًا كبيرة لتطوير البنية التحتية الذكية في مدنه الكبرى مثل عمان، إربد، والعقبة كخطوة أولى.
إنّ تنفيذ المدن الذكية أصبح ضرورة ملحة في ظل التغيرات المتسارعة، وتلبية لمتطلبات توفير خدمات عالية الجودة للمواطنين. حيث تعتمد على تقنيات مثل إنترنت الأشياء، الذكاء الاصطناعي، والبيانات الضخمة لتحسين جودة الحياة لسكانها من خلال تقديم خدمات أكثر كفاءة وفعالية. في الأردن، تم إطلاق عدة مشاريع لتحويل بعض المدن إلى مدن ذكية، بما في ذلك تحسين خدمات النقل، والطاقة، والصحة، والإدارة العامة. وتأتي تقنية الجيل الخامس كداعم رئيسي لهذه التحولات، حيث توفر سرعات اتصال عالية للغاية، مما يجعل إدارة هذه الأنظمة أكثر كفاءة.
ومن المهم تسليط الضوء على أهمية تقنية الجيل الخامس في تعزيز المعرفة والبحث العلمي، حيث تفتح أمام المؤسسات التعليمية والبحثية فرصًا واسعة لتحسين وتوسيع نطاق التعلم عن بُعد، بالإضافة إلى التفاعل المباشر مع منصات التعليم العالمية. كما تتيح للطلاب والباحثين الوصول إلى قواعد البيانات الضخمة والتعاون في مشاريع بحثية مع جامعات ومراكز علمية دولية بكل يسر وسهولة. علاوة على ذلك، فإن القدرة على استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات بشكل أكثر كفاءة، يعزز من قدرة المؤسسات الأكاديمية على إجراء أبحاث علمية متقدمة، وتقديم حلول مبتكرة للتحديات المعقدة. مما يساهم في تطوير وتوسيع نطاق المعرفة في مجالات حيوية مثل الطب والهندسة والعلوم البيئية، وبالتالي بناء جيل من العلماء والباحثين القادرين على مواجهة تحديات المستقبل وتحقيق تقدم علمي مستدام.
من جانب آخر، فإن تقنية الجيل الخامس تساهم في تعزيز الابتكار وريادة الأعمال في الأردن من خلال تحسين الاتصال بين الشركات الناشئة والمستثمرين وتنفيذ الأعمال والحصول على المعلومات والخدمات بشكل إلكتروني. هذا كله يمكن الشركات من تقديم منتجات وخدمات جديدة في مجالات الذكاء الاصطناعي، الروبوتات، والطاقة المتجددة. مما يسهم في دفع الاقتصاد الرقمي وتوفير فرص عمل جديدة، وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي في المملكة.
إن تقنية الجيل الخامس تمثل فرصة كبيرة لتحويل المدن الأردنية إلى بيئات ذكية تقدم خدمات أسرع وأكثر كفاءة للمواطنين. من خلال تحسين الاتصال وتوفير خدمات التعليم عن بُعد، الرعاية الصحية الرقمية، والخدمات الإلكترونية، مما يعزز المساواة التكنولوجية والشمول الرقمي، وإتاحة الخدمات للجميع، بما في ذلك المناطق النائية، والوصول المتساوي لهذه الفرص. هذا التحول يسهم في تقليص الفجوة الرقمية بين المجتمعات، ويعزز من الشمول الرقمي والاقتصادي. ورغم أن تنفيذ هذه التقنية يتطلب تعاونًا قويًا بين الحكومة، الهيئات التنظيمية، والقطاع الخاص، فإن النتائج ستؤدي إلى تحسين كبير في جودة الحياة، مما يجعل الأردن نموذجًا رائدًا في المنطقة في تبني التكنولوجيا الحديثة وتغيير ملامح الحياة في المدن الأردنية نحو الأفضل.