بيروت – وكالات: عاود سعر صرف الليرة اللبنانية الهبوط من جديد أمس الأربعاء، وتخطى الدولار في السوق عتبة 55 ألف ليرة، وذلك بعد الإجراءات الجديدة التي اتخذها حاكم المصرف المركزي رياض سلامة.
ودفعت هذه الإجراءات إلى احتجاجات جديدة من أصحاب الودائع كان آخرها أمس اعتصام أمام مقر البنك المركزي في بيروت.
كما قفزت أسعار البنزين إلى أكثر من مليون ليرة لبنانية للصفيحة سعة 20 لتراً وهو أمر لا يتحمله الكثير من أصحاب الدخل بالعملة المحلية
في بلد بات فيه 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر.
وكان مصرف لبنان قد أصدر يوم الجمعة الماضي قرارين عدّل بموجبهما التعميم رقم 151 والتعميم رقم 158، برفع سعر صرف الدولار الواحد للحسابات المصرفية من 8 آلاف إلى 15 ألف ليرة. فيما طلب في تعميم ثالث عدم قبول سداد القروض الممنوحة بالعملات الأجنبية لغير المقيمين، إلا من أموال جديدة محوّلة من الخارج.
وتسري التعاميم الثلاثة ابتداءً من مطلع فبراير/شباط المقبل. وفي مايو/ أيار 2021، أنشأ المركزي اللبناني منصة “صيرفة”، التي تؤمّن عملية بيع وشراء العملات الأجنبية النقدية، وتحديداً الدولار بسعر يُحدد وفق آلية العرض والطلب من المصارف والصرافين، على أن تكون هذه العمليات متاحة للتجار والمستوردين والمؤسسات وأيضاً للأفراد. وأمس نفذ المئات من أصحاب الحسابات المصرفية في لبنان بدعوة من جمعية “صرخة المودعين” وقفة احتجاجية أمام المصرف المركزي في بيروت، رفضا لسياساته المالية التي اعتبروها مجحفة بحقهم. وحملوا لافتات رافضة لتعاميم المركزي التي تقيّد استلام أموالهم، واعتبروها “ظالمة ومجحفة بحق أصحاب الودائع في المصارف اللبنانية وتساهم في سرقة أموالهم وتعبهم وقوت عيالهم”. وحملوا لافتات بالفرنسية والإنكليزية والعربية منددة بحاكم المصرف المركزي رياض سلامة الذي يواجه سلسلة دعاوى في أوروبا بتهم تبييض أموال واختلاس وأحرقوا صوره. وكُتب على احدى اللافتات “لن نجوع .. سنأكلكم” في إشارة إلى الطبقة السياسية الحاكمة، وضمنها سلامة، التي يحملها كثيرون مسؤولية الانهيار العاصف، كما يتهمون مسؤولون باخراج أموالهم من البلاد مع بداية الأزمة.
وقال أحد المحتجين واسمه أبو علي من جنوب لبنان وهو يمسك حفنة من أوراق النقد بالعملة المحلية “أهو 16 ألف كنت أجيب فيهم كيلو لحمة لآكل أنا وأولادي. هلا وقية اللحمة حقها 100 ألف. خافوا الله. أولادنا جاعوا…كلنا جُعنا”. ومزق رجل آخر دولاراً أمريكيا في الوقت الذي ألقى فيه متظاهرون الحجارة على مصرف لبنان. وقال سعيد السويحي أن حاكم مصرف لبنان يجب أن يخجل من أعماله ويوقف هذه التعاميم الجائرة بحق المودعين التي وصفها بأنها “هيركات (قصّ) مقنَّع وبنفس الوقت سرقة ممنهجة لأموال المودعين”. وقال علاء خرشيب “شبح الانفجار الاجتماعي يحوم حولنا، ولم يعد أحد يثق بالمسؤولين الفاسدين وحاكم مصرف لبنان الذي تلاحقه دعاوى”.
وقال المتظاهر كريم (38 عاماً)، وهو موظف في شركة اتصالات “سيصل سعر الصرف إلى 60 الف ليرة ولا نزال مكاننا، كفى”، مضيفاً “الناس تعبت، يئست وهاجرت.
وأدى الانهيار الاقتصادي في لبنان الذي بدأ في خريف عام 2019 إلى خفض قيمة الليرة نحو 97 في المئة. وانخفضت قيمة العملة المحلية أكثر في يناير/كانون الثاني الجاري من 42 ألف ليرة مقابل الدولار إلى ما يتجاوز 55 ألفاً هذا الأسبوع.
وتفرض المصارف منذ خريف 2019 قيوداً مشددة على سحب الودائع تزايدت شيئاً فشيئاً، حتى بات من شبه المستحيل على المودعين التصرّف بأموالهم، خصوصاً تلك المودعة بالدولار أو تحويلها إلى الخارج.
وعلى وقع الأزمة التي صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850، خسرت الليرة نحو 95 في المئة من قيمتها.
ويزيد الشلل السياسي الوضع سوءاً، في ظل فراغ رئاسي منذ أشهر تدير خلاله البلاد حكومة تصريف أعمال عاجزة عن اتخاذ قرارات ضرورية.
كما تشهد البلاد منذ بداية الأسبوع الحالي أيضاً أزمة قضائية، إثر استئناف المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت تحقيقاته برغم عشرات الدعاوى المقدمة ضده، والتي أوقفت عمله لـ13 شهراً.