تفاهمات الأردن وسوريا.. كيف تترجم اقتصادياً؟*ينال برماوي
الدستور
تُطرح تساؤلات عديدة حول ماهية وأهمية الحراك المكثف الذي يقوم به الأردن منذ كانون الثاني الماضي، أي مباشرة بعد تغير النظام السياسي في سوريا، لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، وعلى وجه الخصوص الاقتصادية والتنموية منها. شملت تلك الجهود لقاءات وزيارات متبادلة وتفاهمات تستهدف بالدرجة الأولى معالجة ملفات المياه وزيادة حجم التجارة البينية وتحفيز الاستثمارات وتسهيل حركة نقل الأفراد والبضائع وغيرها.
تنطلق تلك المساعي المشتركة من توفر فرص لدى الأردن وسوريا لتحقيق التكامل في عدة مجالات مثل التجارة والصناعة والطاقة والاستثمارات والنقل، انطلاقًا من القرب الجغرافي ودراية القطاع الخاص باحتياجات وأسواق كل طرف وعلاقاتهما كرجال أعمال ومستثمرين أردنيين وسوريين، وامتداد بعض المشاريع الاقتصادية التي باتت مؤهلة للتوسع بشكل أكبر خلال الفترة المقبلة.
يمكن أن يساهم السوق السوري بالنسبة للأردن في زيادة حجم الصادرات الأردنية بنسبة مؤثرة؛ ما يساعد في تخفيض عجز الميزان التجاري الذي ما زال على ارتفاع وبلغ حوالي 7.3 مليار دينار للتسعة أشهر الأولى من العام الحالي، وفقًا لأحدث بيانات لدائرة الإحصاءات العامة. بالإضافة إلى استعادة خط الترانزيت الوحيد أمام تجارة الأردن الخارجية إلى أسواق أوروبا وروسيا وتركيا وغيرها بعد إعادة تشغيل معبر باب الهوى الواقع بين الأراضي السورية والتركية.
التوافق الذي تم بين الجانبين لتوسيع مجالات التبادل التجاري لتشمل كافة السلع اعتبارًا من بداية العام المقبل، وعلى أساس مبدأ المعاملة بالمثل، سيحدث نقلة في حجم التجارة البينية التي شهدت ارتفاعًا خلال العام الحالي، لكنها ما زالت دون المستوى المطلوب، وهذا يعزز فرص المنافسة أمام المنتجات الأردنية والسورية في أسواق البلدين مع الأخذ بعين الاعتبار مصلحة المستهلك، كون الأسعار ستنخفض نظرًا لتراجع كلف الشحن والإجراءات الأخرى المرتبطة بالنشاط التجاري.
كما ستتعزز الجاذبية الاستثمارية للمملكة من خلال استقطاب المستثمرين الباحثين عن فرص دخول الأسواق السورية والتركية والأوروبية والروسية وحتى العربية والأمريكية عبر الأردن، الذي يوفر امتيازات وحوافز تنافسية للاستثمارات على مستوى المنطقة، مدعومة بعوامل الأمن والاستقرار وحرية انتقال رؤوس الأموال وإمكانية التصدير إلى أسواق عالمية كبرى مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرها، بحكم اتفاقيات التجارة الحرة القائمة منذ سنوات طويلة.
بالتوازي مع الجهود الحكومية، ولتعظيم الفائدة من النتائج، يفترض أن يكثف القطاع الخاص بكافة أذرعه جهوده لإقامة شراكات تجارية واستثمارية مع نظيره السوري، وأن تشمل هذه الشراكات ليس فقط السلع بل الخدمات لأهميتها الاقتصادية ودورها المأمول في زيادة حجم وقيمة الصادرات الأردنية للفترة المقبلة، إضافة إلى المساهمة الفاعلة في إعادة الإعمار.