خبراء: تعديل المادة 31 من "العمل".. هل يعصف بالأمن الوظيفي للعمال؟
الغد-هبة العيساوي
أثار تعديل المادة 31 من قانون العمل الذي أقره مجلس النواب مؤخرا، جدلا واسعا في الأوساط العمالية والنيابية، لما يمنحه من صلاحية لأصحاب العمل بفصل 5 % من عامليهم عند إعادة الهيكلة، دون الرجوع للجهات المختصة.
العمال تحت التهديد بالفصل
ويخشى خبراء في العمل، من تداعيات التعديل السلبية على الأمن الوظيفي وارتفاع معدلات البطالة، معتبرين بأنه يضع العاملين تحت تهديد دائم بالفصل دون ضمانات قانونية كافية، واصفينه بأنه "ضد مصالح العاملين"، محذرا من خطورة السماح بالفصل الجماعي من دون اعتباره تعسفيا.
في المقابل، كشفت مصادر نيابية عن تحركات لإعادة النظر في التعديل، إذ يعمل نواب على توقيع مذكرة تطالب بفتح النقاش حول المادة مجددا خلال الأسبوع المقبل. كما أُجريت اتصالات مكثفة لمحاولة تصحيح ما وصف بـ"الخطأ التشريعي"، وسط انتقادات حادة لآلية تمرير التعديل والتداعيات الخطرة التي قد تترتب عليه في سوق العمل.
تعديل يعصف بمصالح العمال
مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض قال، إن هذا التعديل ضد مصالح العاملين، فهو يمنح أصحاب الأعمال إمكانية الاستغناء عن عامليهم دون اعتبار ذلك فصلا تعسفيا. مبينا أن الحكومة اقترحت نسبة 15 %، لكن مجلس النواب خفّضها لـ5 %، وهذا برأيي لا يغيّر جوهر المشكلة. لذا نأمل ألا يصوت مجلس الأعيان على هذا التعديل، لأنه سيؤدي لتسريح أعداد كبيرة من العاملين.
مذكرة مرتقبة للنظر في التعديل
وكشفت مصادر نيابية رفيعة المستوى أن التعديلات الأخيرة على قانون العمل، مجحفة بحق العمال، مؤكدة أن هناك توجها لتوقيع مذكرة تطالب بإعادة النظر في التعديل وطرحه مجددا للنقاش الأسبوع المقبل، مشيرة إلى أن هذه المادة تجعل مستقبل العاملين الوظيفي في حالة تهديد دائم.
وأضافت المصادر، أن اتصالات مكثفة جرت بين النواب لمحاولة تصحيح هذا "الخطأ التشريعي"، بحيث عُقد اجتماع عاجل مساء الأربعاء الماضي في أروقة المجلس بعد موجة انتقادات طالت النواب الذين صوتوا لصالح التعديل.
وأوضحت المصادر أن التعديل يهدد الأمان الوظيفي للعمال، ويفتح المجال لفصل أعداد منهم في أي وقت، ما قد يؤدي لتفاقم مشاكل الفقر والبطالة. كما أن منح أصحاب العمل غطاء قانونيا لإنهاء خدمات الـ5 % من العاملين عند إعادة الهيكلة، يضعهم تحت رحمة قرارات صاحب العمل أو المدير المباشر، ما يزيد من حالة عدم الاستقرار في سوق العمل.
واعتبرت المصادر بأن التعديل مخيب للآمال لما له من تداعيات سلبية على مصالح العمال، وتأثيره على الأمن الاجتماعي، بخاصة في ظل ارتفاع معدلات البطالة واستمرار تسريح العمال نتيجة ثغرات قانونية قائمة.
تقويض استقرار علاقات العمل
رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، قال إن إطلاق يد أصحاب العمل بإنهاء خدمات العاملين، يقوض استقرار علاقات العمل، ويتعارض مع معايير العدالة. موضحا أنه تجري متابعة إقرار "النواب" للتعديل، وما يخلفه من آثار خطرة على سوق العمل وضمانات الحماية القانونية للعاملين. حتى بعد تخفيض النسبة المسموح لصاحب العمل بإنهاء خدماتهم دون العودة للجنة الثلاثية من 15 % إلى 5 %، ما يبقي التعديل مرفوضا من حيث المبدأ، لأن منح صاحب العمل سلطة اتخاذ قرارات الفصل الجماعي دون قيود، يشكل خطرا حقيقيا على الأمن الوظيفي".
تفريغ قانون العمل من دوره
وأضاف أبو نجمة: "إن التعديل بصيغته الجديدة يفرغ قانون العمل من دوره كأداة لضبط علاقات العمل بشكل متوازن، ويكرس توجها يمنح أصحاب العمل حرية مطلقة في الفصل الجماعي دون رقابة أو قيود، متجاهلا ما استقرت عليه قوانين العمل محليا ودوليا لعقود. كما أن التخلي عن شرط موافقة اللجنة الثلاثية، التي تمثل الحكومة وأصحاب العمل والعمال، قبل اتخاذ أي قرار بإنهاء خدمات جماعية، سيؤدي لتصاعد التوتر في علاقات العمل، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة حالات الفصل الجماعي، وإضعاف الضمانات القانونية للعاملين".
وأشار إلى أن "الطريقة التي أُقر بها التعديل وسط تشكيك في صحة نتيجة التصويت عليه، لا تتناسب مع أهمية هذه المادة وخطورة المساس بها، خاصة بعد أن أظهرت النقاشات رفض نسبة كبيرة من النواب لهذا التعديل. الإصرار على تمريره رغم المعارضة الواسعة يعكس توجها لإعادة تشكيل سوق العمل على أسس تضعف الحمايات القانونية للعمال، وهو توجه يتناقض مع الغايات الأساسية لقانون العمل ومع المعايير الدولية التي التزم بها الأردن".
نية لإضعاف الحمايات القانونية
وأضاف أبو نجمة إن توقيت هذا التعديل متزامن مع توجه قضائي جديد، يحد من الفصل التعسفي، ما يؤكد وجود نية لإضعاف الحمايات القانونية. وأصبح يُنظر لتوجيه إشعار إنهاء الخدمة، وفق المادة 23 على أنه كافٍ لاعتبار الفصل قانونيا، دون النظر لظروفه أو مدى تعسفه، وهو تطور مقلق. للأسف، هذا التوجه القضائي يأتي في سياق مزاعم بأن القضاء كان في العقود الماضية منحازا للعمال، وهي اتهامات، تفتقر للأسس الموضوعية وتشكك في استقلال القضاء.
وبين أن إقرار تعديل المادة 31 بهذا الشكل، تراجع خطر عن حماية العمال، ويهدد استقرار سوق العمل، لذلك ندعو الجهات المعنية، بما في ذلك مجلس الأعيان والحكومة والمنظمات النقابية والمجتمع المدني، لرفض هذا التعديل حفاظا على استقرار علاقات العمل والاقتصاد الوطني.
رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، خالد الفناطسة، قال "خالف مجلس النواب قرار لجنة العمل والتنمية النيابية، ووافق على تعديل المادة 31 من قانون العمل. هذا التعديل يتناقض مع التوافق الذي جرى التوصل إليه بعد مناقشات اللجنة والحكومة بمشاركة الاتحاد والنقابات العمالية، وهو أمر مخيب للآمال، لما له من تداعيات خطرة على مصالح العمال واستقرارهم الوظيفي."
وأضاف الفناطسة "هذا التعديل يمنح أصحاب العمل غطاء قانونيا لتسريح الموظفين دون قيود، ما يؤدي لتفاقم مشكلة البطالة ويفتح الباب أمام تسريح العمال على نطاق واسع.
وفي ظل معدلات البطالة المرتفعة وحالات التسريح المتزايدة، فإن تمرير هذه المادة يشكل تهديدا مباشرا للأمن الاجتماعي، ويزيد من حالة عدم الاستقرار في سوق العمل".
"النواب" مطالب بإعادة النظر في التعديل
وبيّن أن "مجلس النواب مطالب بإعادة النظر في قراره والأخذ بتوصية لجنة العمل بالإبقاء على المادة كما وردت في القانون الأصلي، نظرا لخطورة التعديل على مصالح العمال. كما ندعو مجلس الأعيان إلى رفض التعديلات المطروحة، حفاظا على حقوق العاملين واستقرار سوق العمل، خاصة أن هذه التعديلات لم تراع موقف الحركة العمالية والنقابية، التي كانت قد عبرت عن رفضها لها خلال مناقشات اللجنة".