أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    10-Apr-2018

بطالة الشباب في المغرب التحدي الاقتصادي - الاجتماعي الأكبر

 الحياة-محمد الشرقي 

لم يعد النمو الاقتصادي كافياً على رغم تحسنه، لاستحداث مزيد من فرص العمل للشباب الخريجين أو تقليص معدلات البطالة المرتفعة في المدن المغربية الكبيرة، التي تنتشر فيها ظاهرة المهن الهامشية أو الباعة الجوالين لتحصيل بعض الدخل، بعد تعذر الحصول على وظيفة ملائمة.
 
وأفادت الإحصاءات الرسمية، بأن «عدد الناشطين في سوق العمل على المستوى الوطني تراجع من 42.3 في المئة إلى 41.9 في المئة في العامين الأخيرين. في وقت زاد عدد السكان الناشطين بنسبة 0.8 في المئة»، ما عمّق أزمة سوق العمل والخلل في المعادلة بين العرض المحدود والطلب المتزايد، إذ بلغ عدد العاطلين من العمل 1.3 مليون شخص.
 
وحذّرت مؤسسات وطنية ودولية، من أخطار ارتفاع بطالة المتعلمين، في بلد يحتاج إلى كل سواعده لتحقيق التنمية الشاملة، ومنافسة الدول الصاعدة على احتلال المراكز الـ 50 الأولى قبل نهاية هذا العقد. وعلى رغم تصنيف اقتصاد المغرب الأفضل في قارة أفريقيا خلال العام الماضي، لجهة جاذبية الاستثمار ومناخ الأعمال وسهولة إنشاء المشاريع وحماية حقوق المستثمرين والاستقرار السياسي والأمن الاجتماعي، بحسب مؤسسة «كوانتوم غلوبال السويسرية» في زوريخ، إلا أن نسبة مهمة من الشباب لا تستفيد من ثمار التطور الاقتصادي والاجتماعي، الذي حققه المغرب في السنوات الماضية.
 
تضاعف الدخل الفردي في أقل من عشر سنوات، لكن البطالة ارتفعت من نحو 8 في المئة إلى 10.4 في المئة أيضاً. ونما الاقتصاد المغربي خلال العام الماضي بنسبة 4.4 في المئة، هو الأعلى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إضافة إلى مصر، لكن المناصب التي استُحدثت لم تتجاوز 86 ألف وظيفة، في مقابل دخول نحو 180 ألف طالب عمل، أي أن وتيرة النشاط الاقتصادي تراجعت ثلث نقطة وباتت تقدر بـ 46.7 في المئة. في حين كان يجب أن تكون النسبة 55 في المئة، لمنافسة الدول الصاعدة في آسيا وأميركا اللاتينية.
 
ويصل تعداد القوى العاملة في المغرب إلى نحو 10.7 مليون شخص من مجموع عدد السكان البالغ نحو 35 مليون نسمة، منهم تلاميذ في المدارس وعددهم 7 ملايين. وتُقدر نسبة المتقاعدين المسنين بنحو 8 في المئة من السكان. وأظهرت أرقام المندوبية السامية في التخطيط، أن «59 في المئة من العاملين لا يحملون شهادات، فيما يتمتع 28 في المئة منهم بمستوى متوسط من التعليم، في حين تصل نسبة الحائزين على شهادات عليا إلى 13.5 في المئة». وتشكل هذه الفئة الشريحة الأكثر تأثراً بضعف سوق العمل، لأنها تبحث عن وظيفة بخصائص محددة يصعب توافرها بسهولة، ما يفسر ازدياد عدد المتعلمين العاطلين من العمل في المدن الكبيرة.
 
وتشير الإحصاءات إلى أن 25 في المئة من العاطلين من العمل يعيشون في الدار البيضاء وهي المدينة الضخمة في المغرب، التي يسكنها نحو 5 ملايين نسمة، وتُنتج نصف الثروة الوطنية في قطاعات الصناعة والتجارة والمصارف والخدمات والميناء والمطار وشبكة المواصلات وغيرها.
 
ويقطن في الرباط 13.5 في المئة من عدد العاطلين من العمل في المغرب، تليهم منطقة مراكش بالنسبة ذاتها، ثم فاس بنحو 11.6 في المئة. وتعاني المرأة المغربية من البطالة أكثر من الرجل، لأسباب اقتصادية وثقافية في مجتمع محافظ. إذ يقدر معدل البطالة لدى النساء بـ10 ملايين، وهنّ لا يستفدن من أي دخل، بل تراجعت مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي إلى ما دون ما كانت عليه قبل عشر سنوات من 30 إلى 24 في المئة، على رغم تحسن أوضاعها التعليمية والحقوقية والسياسية، وبروز فئة من نساء الأعمال الناجحات.
 
وقال المندوب السامي في التخطيط احمد الحليمي العلمي، «إذا كانت ظاهرة الفقر حصراً في الأرياف والقرى النائية، فإن بطالة الشباب تنتشر بقوة في المدن الكبيرة». إذ تفيد الإحصاءات بأن «8 عاطلين من العمل من أصل 10 ، هم من الشباب المتعلمين من سكان المدن. فيما الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 29 سنة، هم الفئة الأكثر تضرراً من البطالة بمعدل 23.5 في المئة، يشكل الرجال منهم 20.5 في المئة، والنساء 32.1 في المئة».
 
ويتقلص انتشار البطالة «تدريجاً مع ارتفاع السن، إلى يصل معدلها إلى 7 في المئة لدى المواطنين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 سنة، و2.5 في المئة بالنسبة إلى البالغين أي أكثر من 45 سنة». وتزداد البطالة «مع تحسن مستوى التعليم والتكوين، إذ ينتقل معدلها على المستوى الوطني من 3.8 في المئة بين الذين لا يحملون شهادة إلى 15 في المئة بين الحائزين عليها من مستوى متوسط، وتصل النسبة إلى 23.3 في المئة لدى الحاصلين على شهادات عليا».
 
لذا ليس مستغرباً أن تكون صعوبة الحصول على عمل من نصيب المتفوقين في دراستهم، وكأن النجاح التعليمي يقاومه في سوق العمل الباحث عن عمال غير مؤهلين وأجور ضعيفة، ما أفضى إلى انتشار حالات العمل غير المقوننة ومن دون عقود بنسبة تصل إلى الثلثين، خصوصاً في قطاعات الأعمال الزراعية والغابات والصيد البحري والأشغال العامة والبناء والصناعات اليدوية والخدمات والمقاهي والمطاعم.
 
وكتبت صحيفة «إيكونمست» في افتتاحيتها، أن «860 ألف شاب وشابة يبحثون عن عمل منذ فترة طويلة (أكثر من سنة)، وهذا وضع مقلق ويكشف عن وجود أزمة داخل أزمة أخطر على مصير التماسك الاجتماعي، قد تدفع نحو التهميش ومضاعفاته وتداعياته المختلفة على البلد».
 
ولا تشمل التغطية الصحية والحماية الاجتماعية سوى عدد محدود من العمال، ولا تتجاوز معاشات التقاعد 30 في المئة من العاملين المقدر عددهم بـ11 مليون شخص.
 
وتنتشر في ضواحي المدن الكبيرة ظاهرة المسنين الذين لا يستفيدون من معاشات التقاعد، التي قد تقيهم فقر خريف العمر على رغم سنوات عملهم الطويلة.
 
وينصح صندوق النقد الدولي، بـ «إصلاح سوق العمل في المغرب بإدخال تعديلات على القوانين الحالية، تسمح ببعض المرونة في انتقاء الكفاءات لمعالجة مشكلة بطالة الخريجين، الذين لا يجدون وظائف كافية في القطاع العام». وترفض النقابات العمالية، «مسّ أي من أي من حقوق العاملين المكتسبة على مدى عقود من النضال»، وهي ترى أن «القطاع الخاص الساعي إلى الربح المادي السريع، لا يعبأ بحقوق العمال، وقد تكون المرونة مدخلاً لتسريحهم من دون دفع حقوقهم. وينص قانون العمل المغربي على تعويضات لا تقل عن شهر ونصف الشهر عن كل سنة عمل، في حال الاستغناء عن العامل».
 
وُينظر إلى موضوع البطالة في المغرب كنقطة سوداء في الأداء الاقتصادي، الذي حقق نتائج جيدة من وجهة نظر المؤسسات المالية الدولية. لكن اتساع البطالة في مجتمع ينعم بالتطور والحرية، يشكل أخطاراً على المدى المتوسط، وفقاً للخلاصات ذاتها التي تعتبر أن البطالة في شمال أفريقيا «تدفع نحو مزيد من الحراك الاجتماعي، كما حدث في الحسيمة وجرادة في المغرب، ومدن أخرى في الجزائر وتونس، وغالباً ما تكون مطالب العمل والدخل والاندماج الاجتماعي والكرامة في مقدم تطلعات الشباب».