الاقتصاد المحصّن*م. هاشم نايل المجالي
الدستور
لم تعد الاقتصادات الحديثة في العديد من الدول محصنة من التغيرات التي تحصل بسبب الأزمات او الحروب، فهي تعتمد بالأساس على التفاعل بين الدول ومع الشركات والمصانع في هذه الدول، وهذه تتأثر بأية أحداث خارجية سواء كانت بخطوط الملاحة او النقل بأنواعه وغيرها.
وهذا التأثير سيكون على دول العالم الثالث، حيث ان الدول الكبيرة ذات الاقتصاد المتنوع مثل أمريكا والصين وروسيا وغيرها، اكثر تحصناً ضد الاحداث والأزمات والحروب، حيث تمتلك مقومات داخلية وخارجية كبيرة وقدرات تعويضية، ومخزون كبير من كافة احتياجاتها من المواد الاساسية، وسيطرة على غالبية الاسواق المتحالفة معها مهما كانت الظروف المحيطة بها.
بينما دول العالم الثالث والتي تعتمد على تصدير المواد الاولية الى الخارج، فهي تتأثر بانسيابية النقل وسلامة خطوط الملاحة ومدى حاجة الدول الاخرى الى هذه المواد، والسياحة مثال على ذلك والتي تعتمد على الامن والاستقرار.
فكثير من دول العالم الثالث اظهرت اقتصاداتها ضعفاً بنيوياً وتصدعات واختلالات كبيرة، ففقدت امكانية الحصول على المواد الاولية من الخارج، وتضررت السياحة فيها وضعفت التجارة البينية بين الدول لكثير من الأسباب سياسية وغيرها.
وكثير من الدول فرض عليها عقوبات، ومع الحروب الداخلية تضررت البنية التحتية كهرباء وماء وتلوثت الأرض من مخلفات الذخائر وغيرها ولم تعد الزراعة صالحة فيها، وتلوث المياه يشكل أزمة كبيرة مثل انقطاع الكهرباء، ومن هذا المنطلق على كل دولة ان تبني اقتصاداً قوياً ومتيناً يمكنها من مواجهة الازمات المتعددة والمتنوعة، وان ترسم الخطط الكفيلة بالمحافظة على أمن واستقرار المجتمع واحتياجاته ومتطلباته، فالأمن الغذائي مطلب اساسي لحفظ الامن والاستقرار المجتمعي، والوعي الاقتصادي المجتمعي مطلب اساسي ايضاً لرسم سياسات التقنين والتقشف في ظل الظروف الصعبة.
ودول العالم الثالث لديها من الثروات الطبيعية الكثير الكثير، ولديها من القوى البشرية ما هو مؤهل لاستغلال هذه الثروات، خاصة اذا تم تأمين الأدوات والتجهيزات العلمية الحديثة وأساليب وطرق التخزين السليمة.
ففي عالم حديث يقدم نفسه كعالم تكنولوجي رقمي متطور مع الذكاء الصناعي، يعطي مساحة كافية لطرح الأفكار السليمة، مع تعاون كافة الجهات المعنية في كلا القطاعين العام والخاص، لمواجهة الأزمات بأنواعها كمخزون استراتيجي، كذلك لخدمة المواطنين وتلبية احتياجاتهم الأساسية، وتربية جيل واعٍ للتعامل والتكيف مع كافة الظروف.
وأن نعطي مساحة كافية لاحترام إنسانية العقل وقابليته للتطور وولادة افكار ونهج ابداعي يحاكي الواقع ويتجاوب مع المتغيرات، وان تتحادث العقول مع بعضها البعض لتثمر بالافكار، وان لا نرتدي عباءة الرفاهية في ظل أزمات تحدق في الوطن، ولا ان نتبنى افكار ظلامية يوجد حقد في جوفها.
فهناك مساحات كافية للتآلف والتعاضد والعمل الجماعي لمواجهة كافة التحديات والأزمات، والتي لا أحد يعرف مداها الزمني وخطرها الجغرافي وانعكاساتها السلبية، التي من الممكن أن تشكل خطراً كبيراً.