الراي
اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأميركية والأردن، التي مضى على توقيعها 25 عاما، و15 عاما على دخولها حيز التنفيذ بشكل كامل، فتحت المجال أمام زيادة قيمة الصادرات الأردنية إلى أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم إلى 2.8 مليار دولار في العام الماضي، رغم انها وصلت أعلى مستوياتها في العام 2022 عندما بلغت 3.28 مليار دولار.
الاتفاقية، تعد الأفضل التي وقعتها المملكة، مقارنة مع اتفاقيات مع تجمعات اقتصادية أخرى، كانت شروطها معقدة وصعبة التحقق، لا بل أن بعض الاتفاقيات كانت تصب في صالح الطرف الآخر، ما اضطر الحكومة إلى مراجعة بعضها ووقف العمل باخرى ثبت عدم تحقيقها التوازن بين مصالح الطرفين.
ورغم ارتفاع الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركية إلى هذه المستويات، وتراجع المستوردات الأردنية من هذه السوق، بما يجعل الميزان التجاري يميل لصالح المملكة، إلا اننا لم نستغل الكثير من الإمكانات التي توفرها هذه الاتفاقية، التي تعد الأولى التي توقعها الولايات المتحدة مع دولة عربية والرابعة على مستوى العالم.
الاتفاقية تتيح تصدير المنتجات الأردنية التي تتضمن قيمة مضافة أردنية لا تقل عن 35 بالمئة، إلى السوق الأميركية بدون قيود على الكميات وبتعرفة جمركية بقيمة صفر، واستيراد المنتجات الأميركية والمواد الخام ايضا بدون أية رسوم او ضرائب.
الكثير من الصناعات الأردنية استفادت من هذه الاتفاقية وارتفعت قيمة الصادرات السلعية والخدمية بموجبها، مقابل تراجع قيمة الصادرات الأردنية إلى السوق الأميركية من المناطق الصناعية المؤهلة، التي تم توقيع اتفاقيتها في العام 1997، والتي لا تزيد فيها القيمة المضافة الأردنية عن 12 بالمئة رغم انها، وحسب مسؤولين، زادت عن هذه النسبة وباتت تتحول الصناعات في هذه المناطق إلى التصدير بموجب اتفاقية التجارة الحرة.
السؤال الذي يتم طرحه: هل يستثمر الأردن هذه الاتفاقية بالوجه الأمثل؟
دول عديدة تغلبت على صغر السوق الاستهلاكية فيها بالانفتاح على أسواق استهلاكية كبيرة، ومنها الأردن الذي وقع، إلى جانب اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية اتفاقية الشراكة الأورومتوسطية، وغيرها من الاتفاقيات مع دول أفريقية ومن أميركا الجنوبية وكندا وسنغافورة. لكن الأردن لم يستثمر اتفاقية التجارة الحرة مع أميركا بالمقدار الذي يعكس أهمية هذه الاتفاقية.
صحيح أن الاستثمارات الأميركية في المملكة ارتفعت بسبب هذه الاتفاقية، لكن ما نريده هو استقطاب استثمارات من دول أخرى في العالم، لا ترتبط باتفاقيات تجارة حرة مع الولايات المتحدة لتفتتح لها مصانع او مقرات في الأردن، وعندها تصبح منتجاتها ذات قيمة مضافة أردنية، وتحقق شروط التصدير للولايات المتحدة، وبذلك نفتح مجالا اوسع لتوفير فرص عمل جديدة، ونقل الخبرات الفنية والتكنولوجيا للمملكة.
نحتاج إلى دراسة اقتصاد الولايات المتحدة الأميركية على مستوى كل ولاية حتى نحدد ماهية المنتجات والخدمات التي تحتاجها كل ولاية والعمل على تلبيتها.
السوق الأميركية تعد فرصة مهمة للأردن، والتجارب الناجحة في التصدير لهذه السوق سواء من الأجهزة الإلكترونية والملابس والمجوهرات أم من خدمات تكنولوجيا المعلومات، تجعل الثقة في الصناعات والخدمات الأردنية عالية جدا وتفتح مجالا لتصدير منتجات من صناعات أخرى. لكن هذه الجهود تحتاج تضافر جميع الجهات على الترويج لأهمية هذه الاتفاقية للاقتصاد الأردني، خصوصا الحكومة ووضع الاتفاقية على برامج الترويج الاستثماري التي تنفذها وزارة الاستثمار ومختلف الجهات لاسيما غرف التجارة والصناعة وغرفة التجارة الأميركية في الأردن.