أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jul-2024

استراتيجيات فعالة لتحقيق الاستقرار المالي وتقليل الدين*د. عدلي قندح

 الراي 

تعتبر مشكلة العجز المالي وتزايد الدين العام تحديًا كبيرًا يواجه الحكومة، ويستدعي تبني إجراءات جريئة ومستدامة لمعالجته. فمن خلال تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، وتعزيز الإيرادات، وتحفيز النمو الاقتصادي، وزيادة المنح والمساعدات الدولية، يمكن للحكومة تحقيق استقرار مالي واقتصادي على المدى البعيد. هذه الحلول تتطلب إرادة قوية وتعاونًا مستدامًا بين جميع الجهات المعنية لتحقيق النجاح.
فقد أظهرت نشرة مالية الحكومة العامة الصادرة عن وزارة المالية يوم الخميس الماضي تزايدًا ملحوظًا في العجز المالي في الموازنة العامة للحكومة المركزية خلال الربع الأول من العام الحالي، مما يؤكد الحاجة الملحة لمراجعة السياسات المالية وتبني حلول مستدامة للحد من تزايد المديونية.
تشير بيانات النشرة إلى زيادة العجز المالي قبل المنح بنسبة 22.2% مقارنة بالعام السابق، ليصل إلى 478.4 مليون دينار مقابل 391.2 مليون دينار. كما تشير إلى ارتفاع العجز بعد المنح بنسبة 13% ليصل إلى 428.8 مليون دينار مقابل 381.1 مليون دينار.
ونتيجة لذلك، تصاعد حجم رصيد الدين العام الحكومي حتى نهاية مارس إلى 32.5 مليار دينار، ما يعادل 89.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل 32.2 مليار دينار في نهاية 2023. وعند احتساب ديون الحكومة لصالح صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي، يصل إجمالي الدين إلى 41.7 مليار دينار.
وقد بلغت خدمة الدين الخارجي حوالي 121.4 مليون دينار حتى نهاية مارس، بينما بلغت تسديدات الأقساط الخارجية 37.7 مليون دينار. علاوة على ذلك، ارتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 4.3% ليصل إلى 2.4 مليار دينار، في حين ارتفعت الإيرادات المحلية بنسبة 2.4% لتصل إلى 2 مليار دينار، لتصل نسبة تغطيتها للإنفاق الحكومي إلى 83.3%.
من الملاحظ أن النفقات الجارية شهدت زيادة ملحوظة بنسبة 5.6%، ما يعكس ارتفاع بنود النفقات الجارية والتشغيلية. بالمقابل، تراجعت الإيرادات غير الضريبية بمقدار 16.1 مليون دينار، ما يشير إلى تراجع الإيرادات من مصادر متنوعة.
أما خدمة الدين الخارجي والفوائد فقد بلغت 121.4 مليون دينار، وهذا يزيد من الأعباء المالية على الحكومة.
لا شك أن تزايد العجز والدين يضغط على الخدمات العامة ويقلل من القدرة على الاستثمار في مشاريع تنموية. كما أن تزايد الدين العام يمكن أن يؤدي إلى زيادة التضخم وارتفاع معدلات البطالة لأن خدمة الديون تكون في العادة على حساب تقليل الإنفاق الحكومي على البرامج الاجتماعية والتنموية.
ما من شك أن النزاعات السياسية والاقتصادية في المنطقة تزيد من التحديات الاقتصادية، مما يضيف ضغوطًا إضافية على الموازنة. علاوة على أن التنافس الاقتصادي مع الدول المجاورة على الاستثمارات الأجنبية يزيد من الحاجة إلى بيئة اقتصادية مستقرة. كما أن الأزمات الاقتصادية العالمية والتقلبات في الاقتصاد العالمي، مثل الأزمات المالية وارتفاع أسعار الطاقة، تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني. كما أن الاعتماد على القروض والمساعدات الدولية يفرض سياسات تقشفية قد تزيد من الأعباء الاجتماعية. فما الذي يمكن تقديمه من مقترحات وحلول عملية للتخفيف من عجز الموازنة وتخفيف عبء المديونية؟
نظرًا لاستمرار وقوع الأزمات المالية والاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الأردني، نقترح إنشاء هيئة وطنية لإدارة المخاطر والأزمات الاقتصادية والمالية. تتمثل مهمتها الرئيسية في التنبؤ بمدى احتمالية حدوث الأزمات، ووضع خطط مستدامة لإدارة الأزمات المالية والاقتصادية، وتقديم تقارير دورية حول حالة الاقتصاد والمالية العامة، واتخاذ الإجراءات اللازمة، وتوجيه السياسات. تعمل الهيئة كنظام إنذار مبكر يعتمد على مؤشرات اقتصادية ومالية محددة، وتقوم بإجراء اختبارات الإجهاد المالي والاقتصادي بالتعاون مع الجهات الرقابية المختلفة مثل البنك المركزي وهيئة الأوراق المالية، لتقييم قدرة الاقتصاد على تحمل الصدمات المالية والاقتصادية المحتملة.
على صعيد تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي، هناك ضرورة لمراجعة وتقييم جميع بنود الإنفاق الجاري، والحد من النفقات غير الضرورية. ولا شك أن تسريع الاستثمار في التكنولوجيا من خلال اعتماد تقنيات حديثة يعمل على تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وتقليل التكاليف التشغيلية. ولا بد من تعزيز الإيرادات الضريبية من خلال توسيع القاعدة الضريبية عن طريق إدخال قطاعات جديدة ضمن النظام الضريبي.
وهناك ضرورة لتحفيز النمو الاقتصادي من خلال دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بتقديم تسهيلات تمويلية وضريبية لتلك المشروعات لدعم الاقتصاد المحلي. ولا بد أيضًا من الاستمرار في تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي بمواصلة تحسين البيئة الاستثمارية من خلال تبسيط الإجراءات وتقديم حوافز للمستثمرين المحليين والأجانب.
كما أن إنشاء صندوق سيادي للاستثمار وتعيين فريق محترف لإدارة هذا الصندوق للاستثمار في مشاريع تنموية مربحة يساعد في زيادة النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل للشباب. علاوة على تحفيز العقول المهاجرة من خلال عقد مؤتمر للأردنيين المبتكرين والمبدعين بهدف جذب العلماء والمهنيين المهرة الذين يعملون في الخارج لتقديم استشارات ومشاريع تنموية في البلاد. تقديم مكافآت مالية ومنح دراسية للمشاريع الناجحة التي تساهم في زيادة النمو الاقتصادي. زيادة تعزيز وتسريع استخدام التكنولوجيا لتعزيز الشمول المالي. إنشاء منصات تمويل جماعي رقمية وإنشاء بورصة للشركات الصغيرة والمتوسطة لدعم وتمويل تلك المشاريع. تنفيذ المزيد من مشاريع البنية التحتية الكبرى من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص. توزيع المخاطر بين الحكومة والمستثمرين من القطاع الخاص، مما يقلل العبء المالي على الحكومة.
إصدار المزيد من السندات الخضراء لتمويل مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية الصديقة للبيئة وتشجيع الاستثمارات المستدامة التي تحافظ على البيئة وتخلق فرص عمل جديدة. القائمة تطول والمساحة المتاحة قليلة. بتبني هذه المقترحات، يمكن المساعدة في التغلب على تحديات المديونية وعجز الموازنة، وتحقق نموًا اقتصاديًا شاملًا ومستدامًا يعود بالفائدة على جميع فئات المجتمع.