أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    14-Sep-2024

تحديات تجدد نفسها كل موسم زراعي.. هل تدور الحلول في حلقة مفرغة؟

 الغد-حابس العدوان وعلا عبداللطيف

وادي الأردن والغور الشمالي - يتجدد مع كل موسم زراعي، الحديث عن التحديات التي يواجهها المزارعون والقطاع الزراعي عموما في منطقة وادي الأردن ولواء الغور الشمالي، وسط تجدد الآمال أيضا بالوصول إلى مرحلة تصبح فيها تلك التحديات جزءا من الماضي.
 
 
إلا أن واقع الحال وفق مختصين ومزارعين، يراوح مكانه بل وفي كثير من الأحيان، تتفاقم تلك التحديات أكثر فأكثر، لا سيما ما يتعلق منها بشح المياه، وتداعيات التغير المناخي، فضلا عن محدودية القدرة على مواجهة الأمراض التي تصيب تصيب الأشجار وثمار، ونقص الأيدي العاملة، وما إلى ذلك من تحديات تضع المزارعين في مأزق خسائر وديون. 
 
ورغم ارتفاع درجات الحرارة في لواء الغور الشمالي على مدى فصل الصيف، وحاجة المزارع إلى كميات كافية من المياه، إلا أن مزارع الحمضيات المنتشرة في لواء الغور الشمالي، ظلت وما تزال تعاني عطشا شديدا، مما أثر سلبا على جودة الإنتاج في ظل الانتكاسات التي يشهدها ذلك القطاع.
ويعيش العشرات من المزارعين في لواء الغور الشمالي، حالة من الخوف والقلق على مزروعاتهم التي تعد مصدر دخلهم الأساسي الذي يواجهون فيه تكاليف المعيشة ومتطلباتها وسط ديون متراكمة. 
وتقترب مزارع الحمضيات في الأغوار من نقطة الحسم، التي سيكون لها التأثير الأكبر في كمية وجودة الإنتاج عند القطاف، فيما تتسارع دقات قلوب المزارعين على وقع ارتفاع تدريجي لدرجات حرارة لا تتوانى عن ضرب أي محاصيل لا تُروى بكميات مياه تناسب شدة العطش.
حساسية ذلك الوضع، تثير مخاوف مزارعي الحمضيات بعد أن لمسوا نقصا بكميات مياه الري المزودة لمزارعهم، ما يعني أن تحقيق شعار الري الأمثل قد يبدو صعب المنال، وبالتالي توقع موسم حمضيات ذات جودة متدنية.
ويقول مزارعون لـ"الغد"، إن نقص مياه الري يهدد مختلف المزروعات في مناطق الأغوار، مشيرين إلى حاجة عدد من أصناف المزروعات إلى الري الأمثل، في ظل ارتفاع درجات الحرارة التي بلغت ذروتها خلال الأسبوع الحالي ووصلت إلى 45 درجة مئوية، وهو مؤشر على دخول المزروعات مرحلة الصيف الحرجة التي تتطلب كميات ري مناسبة لضمان جودة المنتج.
ووفق المزارع أيمن، "فإن سلطة وادي الأردن وعدت بزيادة حصص مياه الري في حال ارتفاع درجات الحرارة، خصوصا في وقت ذروة نضوج الحمضيات، وهناك العديد من العوائق التي تمنع وصول المياه، ومنها تعطل المضخات والتعدي على وسائل الري ووجود طمم"، لافتا إلى "أن المزارعين طالبوا أكثر من مرة السلطة بالعمل على تسييل المياه في حال ارتفاع درجات الحرارة، لا سيما في حال نضوج الثمار، إلا أن الوحدات الزراعية لا يصلها حتى الآن سوى 18 ساعة ري أو أقل".
وأكد رئيس جمعية مزارعي وادي الريان مثقال الزيناتي، "ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات المائية الفعلية للمزارعين، خصوصا المالكين لمزارع الحمضيات، التي تدخل في الشهرين المقبلين في طور المرحلة الحساسة التي تتطلب كفاءة وحسن استغلال المياه للمحافظة على جودة وإنتاجية الثمار".
أما المزارع عبد الله القويسم، الذي يمتلك مزرعة حمضيات في منطقة الغور الشمالي، فشدد من جهته، على "أن نقص مياه الري بات يشكل تحديا حقيقيا أمام مزارعي الأغوار، ذلك أن قلة المياه ستعمل على رداءة المنتج وخصوصا الحمضيات، إذ تشكل زراعة الحمضيات العمود الفقري للمزارعين في الأغوار الشمالية، ويعتمد مزارعو الحمضيات على موسم جيد لضمان استمرارية العمل الزراعي وتسديد متطلبات الحياة".
وأكد القويسم، "أن موسم الحمضيات لا يعود بالنفع على صاحب المزرعة فقط، بل على جميع أهالي اللواء، إذ يسهم في الحد من انتشار البطالة بين صفوف الشباب والفتيات اللواتي يعتمدن على العمل في ذلك المجال من ناحية القطاف، والترتيب والتحميل، ناهيك عن استغلال القشور في صناعات أخرى، وتصنيع المربيات والعصائر ومحاولة بيعها في أسواق المحافظات أو تصديرها للخارج".
وطالب الجهات المعنية، خصوصا سلطة وادي الأردن، بـ"ضرورة مراعاة خصوصية منطقة لواء الغور الشمالي، التي تعد المنطقة الأكثر إنتاجا لأصناف الحمضيات وذات الميزة النسبية، والتي تتطلب كميات مناسبة من المياه تفي احتياجات الأشجار".
وبحسب المزارع محمد البدر الذي يمتلك مزرعة حمضيات، فقد "بات يظهر على أوراق أشجار الحمضيات الاصفرار والذبول، الذي ينذر بتدني كمية وجودة المنتج، والتسبب بخسائر مالية للمزارعين، فضلا عن تأثر محاصيل الزراعات الصيفية وأشجار الموز، ولذلك من المهم زيادة ساعات الري".
وفي الوقت ذاته، أكد مصدر من سلطة وادي الأردن "أن السلطة شرعت أبوابها للمزارعين لتسجيل أي ملاحظة ترد منهم، والمياه التي يتم تزويد المزارع بها في الوقت الحالي مناسبة مقارنة مع الأشهر الماضية".
وأكد المصدر، "أن ثمار الحمضيات بدأت في عملية النضج مما يمكن ذلك المزارع من قطف الثمار ومن المتوقع الحصول على سعر مناسب يحقق له أرباحًا مرجوة".  
في وادي الأردن، بدأ مزارعو وادي الأردن زراعة أراضيهم للموسم الجديد، بينما ما يزال القطاع الزراعي يواجه تحديات حساسة ألحقَت ضررا بالغا بالمزارعين كارتفاع كلف الإنتاج وشح المياه وارتفاع كلف الطاقة ونقص الأيدي العاملة إضافة إلى مشاكل التسويق.
وشدد معنيون على ضرورة النهوض بالقطاع الذي يعد ركيزة للأمن الاقتصادي والاجتماعي في وادي الأردن، مشيرين إلى أن المزارع يعيش أوضاعا اقتصادية صعبة، خصوصا مع بدء تجهيز وزراعة الأرض للموسم الجديد.
وأكد الخبير الزراعي المهندس عبد الكريم الشهاب، "أن القطاع الزراعي يعاني مشكلات مزمنة ما تزال تنتظر الحلول الناجعة، بدءا من ارتفاع كلف الإنتاج إلى شح المياه والتسويق ونقص الأيدي العاملة وشح مياه الري"، لافتًا إلى "أن البرامج والإستراتيجيات الحكومية ما تزال مجرد حبر على ورق ولم ترقَ إلى الآن أفعال يلمسها المزارع على أرض الواقع".
وأضاف الشهاب، "أن أحد أهم أسباب تراجع القطاع العشوائية وعدم وجود تشريعات وقوانين وأنظمة تراعي الأوضاع التي يمر بها القطاع منذ عقد تقريبا"، مشيرا إلى "أن التحديات أدت إلى تراجع المساحات المزروعة وحدّت من قدرة المزارع على خدمة موسمه الزراعي بالشكل المطلوب، إذ إن الغالبية ما يزالون عاجزين عن توفير الأسمدة والمبيدات وأجور العمالة الزراعية، لاستدامة العمليات الضرورية للإنتاج، وجميعها بالمجمل ستؤثر على حجم الإنتاج وجودته".
وشدد على "ضرورة توفير مجموعة من الحوافز للقطاع الزراعي في مجالات التسهيلات الائتمانية وتوفير التمويل الميسر لضمان قدرة القطاع والمزارعين على الاستمرار في دوره الاقتصادي، وتوسيع مظلة صندوق المخاطر الزراعية ليشمل كل المخاطر الزراعية، وتوفير مجموعة من الإعفاءات من الرسوم، التي تساعد على تنظيم القطاع الزراعي ودعم سلسلة الصادرات الزراعية وتشجيع التعاونيات الزراعية لأخذ دورها في التشغيل وخلق فرص العمل لأبناء الوادي".
وقال الشهاب، "إنه يجب على المعنيين العمل على إيجاد حلول لمشاكل المياه والطاقة والعمالة وإنشاء مراكز للخدمات الزراعية ومراكز للتدريب على التكنولوجيا الزراعية الحديثة لتمكين العاطلين عن العمل من المهارات الزراعية لرفد سوق العمل الزراعي باحتياجاته من العمالة الزراعية وتعزيز استخدام التكنولوجيا الزراعية الحديثة في الري والإنتاج وعمليات الحصاد والتسويق، بالإضافة إلى ضرورة تطوير سلسلة الصناعات الزراعية وتوفير الدعم اللازم لإنشاء مشاريع لتصنيع المنتجات الزراعية".
ووفق المزارع عواد البليلات، "فإن التحديات التي تواجه القطاع ما تزال تتفاقم عاما بعد عام، سواء ارتفاع كلف الإنتاج من أسمدة وبذور وعلاجات وبلاستيك وأنابيب وغيرها إلى انخفاض أعداد العمالة والتسويق وشح المياه وارتفاع فاتورة الطاقة والديونية"، مؤكدا "أن الزراعة في وادي الأردن تعد أحد أهم القطاعات الإنتاجية وركيزة للأمن الغذائي الوطني، إلا أن حجم التحديات والمعوقات تسبب في عزوف آلاف المزارعين عن الاستمرار في العمل نتيجة الخسائر المتلاحقة وتراجع المردود المالي، ما انعكس على الواقع الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة".
إلى ذلك، أكد رئيس اتحاد مزارعي وادي الأردن عدنان خدام، "أن تعامل الحكومات المتعاقبة مع القضايا الزراعية لم يرتقِ إلى مستوى أهمية القطاع كركيزة للأمن الغذائي ورافد إنتاجي موفر لآلاف فرص العمل"، مشيرا إلى "أن الحلول ليست مستعصية إذا ما وُجدت إرادة حقيقية وجادة تسعى إلى معالجة التحديات بدءا من التسويق إلى العمالة والطاقة وارتفاع الكلف والمياه".
وشدد خدام، على "ضرورة تعديل الأنظمة والتشريعات الناظمة للعمالة الزراعية وتوفير مصادر مياه كافية كالتعليمات الناظمة لاستغلال المياه الجوفية التي تشكل عائقا أمام عدد كبير من المزارعين لزراعة أراضيهم"، مثمنا، "الجهود التي تبذلها وزارة الزراعة وسلطة وادي الأردن لدعم القطاع، وخصوصا في مجالات توفير مياه ري كافية وتزويد المزارعين بوحدات توليد طاقة شمسية لخفض كلف الطاقة".
وكانت وزارة الزراعة، باشرت العام الماضي بطرح عطاء خمسة مشاريع لمصانع غذائية زراعية، منها ثلاثة مصانع في الأغوار الجنوبية لتصنيع رب البندورة والمركزات وتجفيف البندورة، مؤكدة أن كلف تجهيز هذه المصانع ستكون مدعومة بالكامل إضافة إلى إعفاءات لمدة 5 سنوات.
من جانبه، أكد أمين عام سلطة وادي الأردن المهندس هشام الحيصة، "أن السلطة تسعى جاهدة للنهوض بالقطاع الزراعي من خلال توفير كافة الإمكانات المتاحة لتمكين المزارع الأردني من تحقيق أهدافه وغاياته"، مضيفا، "أن السلطة تسعى على الدوام لتقديم كافة أشكال الدعم للمشاريع الزراعية ومعالجة التحديات التي تواجهها بما يضمن مساهمتها في النهوض بالمجتمعات المحلية من خلال توفير فرص عمل لأبنائها ويسهم في تحقيق التنمية الشاملة المستدامة".
ولفت إلى "أن السلطة ماضية في تنفيذ المشاريع والخطط والبرامج والإستراتيجيات المقرّة والتي من شأنها توفير الاحتياجات المائية للمزارعين في كافة مناطق وادي الأردن"، مضيفا، "إننا نتطلع إلى نقلة نوعية شاملة للزراعة في وادي الأردن مستفيدين من الميزة النسبية والمناخية له والتي تسمح بإنتاج الخضار والفواكه في غير موسمها ليصبح مركزا لجذب الاستثمارات والتحول من الزراعات التقليدية إلى زراعات نوعية مدرة للدخل ورافدة للاقتصاد الوطني".