8 محاور رئيسة لبناء منظومة أمن سيبراني متينة.. لا مجال للتأخر
الغد-إبراهيم المبيضين
بينما تستمر الهجمات السيبرانية وتزداد تعقيدًا في العالم ويشتد خطرها الاقتصادي والاجتماعي مع تقدم الوقت، يدعو خبراء الحكومة الجديدة إلى أن تجعل "الأمن السيبراني" أحد ملفاتها الأكثر أهمية.
وبين الخبراء أن الحكومة من خلال مؤسساتها المعنية بالأمن السيبراني، يجب أن تضمن وتعزز منظومة الأمن السيبراني في مواجهة القرصنة بكل أشكالها.
وأشار الخبراء إلى أن هنالك 8 محاور رئيسية سيساعد العمل ضمنها إلى تعزيز منظومة الأمن السيبراني الأردنية، منها عدة محاور تضمنتها الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني التي جرى الإعلان عنها مؤخرا.
وفي التفاصيل، أكد الخبراء أهمية أن تعنى الحكومة بمحور تحديث القوانين والأنظمة المتعلقة بالأمن السيبراني لتتناسب مع التطورات التكنولوجية، وخاصة مع التطور في الذكاء الاصطناعي والانتشار المتزايد للدفع والخدمات الرقمية، وبمحور تطويع التقنيات الحديثة، لا سيما الذكاء الاصطناعي في تعزيز الأمن السيبراني.
وأشاروا إلى أهمية العناية بمحور حماية شبكات الاتصالات والبنية التحتية من أي اختراقات، ومحور إيجاد خطط وبرامج لكافة المؤسسات لرصد الاختراقات قبل وقوعها أو للاستجابة والتعامل معها، ومحور يعنى ببناء القدرات والكفاءات البشرية ودعم الريادة والابتكار في مجال الأمن السيبراني، ومحور خاص بالتوعية للمجتمع والمؤسسات، ومحور يركز على بناء الشراكات محليا وعربيا وعالميا.
وأكد الخبراء على أن تبدأ الحكومة بمحور تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني التي ستحكم عمل القطاع خلال السنوات المقبلة، والبناء على ما حققه الأردن في هذا المجال وخصوصا بعدما احتل الأردن مرتبة متقدمة في مؤشر الأمن السيبراني العالمي عندما احتل المرتبة 27 من بين 194 دولة متقدما.
وقال رئيس المركز الوطني للأمن السيبراني د.بسام المحارمة "تزايد عمليات التحول الرقمي في كل القطاعات يضغط باتجاه تعزيز منظومة الأمن السيبراني في الأردن خلال المرحلة المقبلة والبناء على ما وصلنا اليه في هذا المجال".
وبين أن ما تضمنته الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني التي تمت صياغتها مؤخرا وجرى أيضا الانتهاء من إعداد البرنامج التنفيذي لها، يمكن أن يشكل خريطة طريق قوية ستعزز أمن الأردن السيبراني.
وأوضح المحارمة أن الإستراتيجية تضمنت محاور رئيسية أولها، ( الأمن والموثوقية) أي ضمان أن كل خدمات الإنترنت والخدمات الرقمية المبنية عليها هي آمنة وموثوقة من أي اختراقات أو هجمات سيبرانية، ومحور(المرونة والصمود)، وهو محور يعنى بتوفير خطط وبرامج تتوزع فيها الأدوار على كل الجهات المعنية للتأكد من حماية أنظمة المؤسسات الحكومية والجهات التي تقدم خدمات حرجة ومهمة للناس والاقتصاد، والاحتياط للصمود في حال تعرضها لهجمات سيبرانية منظمة تتعرض لها دول مختلفة حول العالم، بشكل يضمن توافر الخدمات المهمة والحرجة واستمراريتها حتى لو تعرضنا لاختراقات أمنية، (مثل خدمات الاتصالات، الطاقة، الخدمات المصرفية، خدمات التعليم، الصحة والمياه وغيرها من الخدمات).
وقال المحارمة "ثالث محور في الإستراتيجية هو محور (بناء القدرات)، حيث يجب أن نستمر في توفير وطرح برامج ومبادرات لتطوير الموارد البشرية في الأردن في مجال الأمن السيبراني، والتي تعد عماد كل البرامج في المحاور الأخرى، فمن دون موارد بشرية مؤهلة في مجال الأمن السيبراني لا نستطيع تنفيذ المحاور الأخرى، فضلا عن استمرار العمل على التوعية للمجتمع والناس والموظفين وأصحاب القرار بالأمن السيبراني".
وأكد على أهمية المحور الرابع وهو محور (الشراكات بين القطاع العام والخاص)، للاستفادة من الخبرات المشتركة وبناء المنصات القادرة على التوعية والعمل بالتعاون في مواجهة الهجمات السيبرانية، إلى جانب عقد الشراكات الدولية للاطلاع على التجارب الدولية في مجال مجابهة الاختراقات الأمنية.
وتظهر الأرقام الرسمية، أن عدد حوادث الأمن السيبراني المكتشفة خلال الربع الأول من العام الحالي 2054 حادثا، بارتفاع نسبته 124 % عن الربع الأخير من العام الماضي.
ومن جانبه أكد الخبير في مجال التقنية والاتصالات وصفي الصفدي أن الحكومة الجديدة يجب أن تعطي موضوع الأمن السيبراني أهميته وتركز على تعزيز ما وصل إليه الأردن في هذا المجال، وذلك لأن التهديدات السيبرانية بشكل مستمر، مما يتطلب جهودًا مستمرة لمواجهتها، لافتا إلى أن الجميع يدرك الآن بأن التحديات في تزايد مستمر مع اعتمادنا بشكل كبير على الإنترنت، وكلما زاد اعتمادنا على الخدمات الرقمية زادت معها مخاطر وتهديدات الأمن الرقمي.
وقال الصفدي إن الحكومة يجب أن تركز على موضوع الأمن السيبراني وذلك للأهمية الاقتصادية لأن العديد من القطاعات الاقتصادية تعتمد على التكنولوجيا، لذا فإن أي خلل في الأمن السيبراني يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الاقتصاد.
وقال: " ندرك جميعا مدى أهمية توافر الخدمة اليوم، ونعي تمامًا ما قد تشكله تعطيل أي خدمة نتيجة هجمات رقمية تستهدف البنية التحتية التي من شأنها شل الخدمات الرقمية".
تقديرات المركز الوطني للأمن السيبراني، تظهر أن الهجمات السيبرانية تتسبب في الأردن بخسائر تتراوح بين 150 إلى 200 مليون دولار سنويا، فيما تقدر خسائر الاقتصاد العالمي من هجمات الفضاء السيبراني بـ6 تريليونات دولار سنويا.
وأكد الصفدي على أهمية التركيز على الأمن السيبراني وذلك للحماية من الجرائم الإلكترونية حيث يساعد الأمن السيبراني في حماية الأفراد والمؤسسات من الجرائم الإلكترونية مثل الاحتيال والابتزاز الرقمي، خاصة مع انتشار ظاهرة التزييف العميق والذكاء الاصطناعي التوليدي.
وبين الصفدي أن الهجمات السيبرانية حول العالم مستمرة وعلى الأردن أن يركز كثيرا خلال المرحلة المقبلة لمتابعة ومواصلة تحديث القوانين والأنظمة المتعلقة بالأمن السيبراني لتتناسب مع التطورات التكنولوجية وخاصة مع التطور في الذكاء الاصطناعي والانتشار المتزايد للدفع والخدمات الرقمية.
وأشار إلى أهمية العناية بمحور بناء القدرات البشرية والاستثمار في تدريب الكوادر البشرية المؤهلة في مجال الأمن السيبراني.
وأشار إلى أهمية التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لمواجهة التهديدات السيبرانية، والعناية بمحور رفع مستوى الوعي لدى المستخدمين لاتباع ممارسات أمنية جيدة لحماية أنفسهم وأجهزتهم.
وأكد على أهمية البدء بتنفيذ الإستراتيجية والخطة التنفيذية للأمن السيبراني التي اعتبرها أمرا حيويا لضمان حماية البنية التحتية الرقمية للدولة، كونها توفر إطارًا واضحًا للأهداف والأولويات، وتساعد في التنسيق بين الجهات المعنية.
وقال الاستشاري التقني الإستراتيجي المهندس هاني البطش "على أي حكومة اليوم أن تعطي موضوعة الأمن السيبراني الأهمية التي يستحقها مع تزايد عمليات التحول الرقمي وتزايد الاختراقات السيبرانية وما يمكن أن تسببه من خسائر وأضرار على مؤسسات الدولة والأفراد والبنى التحتية".
ودعا البطش الحكومة إلى البدء بتنفيذ الإستراتجية الوطنية التي صاغتها مؤخرا كونها تحتوي على أدوات وبرامج ومحاور توفر الحماية للبنية التحتية مثل شبكات الاتصالات، والخدمات الحكومية الإلكترونية، والقطاعات الاقتصادية، من الهجمات السيبرانية التي قد تؤدي إلى شلل في الخدمات وتعطيل الأعمال.
وأشار إلى أن الإستراتيجية تساهم في تعزيز ثقة المستثمرين والمواطنين في الاقتصاد الرقمي، مما يشجع على النمو الاقتصادي والابتكار. وتحافظ الإستراتيجية على خصوصية البيانات الشخصية وحماية المعلومات الحساسة من التسريب أو الانتهاك.
وقال، "إن مثل هذه الإستراتيجية تمكن من الاستجابة السريعة والفعالة للتهديدات السيبرانية، وتقليل آثارها السلبية وتضمن التزام الأردن بالمعايير الدولية للأمن السيبراني، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. كما تسهم في بناء القدرات الوطنية في مجال الأمن السيبراني، من خلال تدريب الكوادر وتطوير البرامج التعليمية، و تحمي السيادة الوطنية من التهديدات الخارجية التي تستهدف البنية التحتية الرقمية للمملكة".
وأكد أهمية أن تعنى الحكومة بتنفيذ برامج لرفع مستوى الوعي العام بالأمن السيبراني وتثقيف المواطنين حول كيفية حماية أنفسهم ومنظماتهم من التهديدات السيبرانية، وتقديم دعم لمبادرات الأمن السيبراني، بما في ذلك التمويل وتطوير السياسات والتنسيق، ومشاركة القطاع الخاص بنشاط في جهود الأمن السيبراني، والتي ستساهم في تطوير الحلول المبتكرة وأفضل الممارسات، وتنمية المواهب والاستثمار في تطوير قوى عاملة ماهرة في مجال الأمن السيبراني لدعم جهوده الوطنية في مجال الأمن السيبراني.