أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    07-Jul-2024

عبد المنعم الزعبي يكتب: إصلاح بالمجان!
 
 عمون
 
ربما لا يكون الاقتصاد مختصا بالشأن الإداري أو استراتيجيات التطوير المؤسسي للحكومة والمؤسسات. 
 
ولكنه، كعلم قائم على مبدأ الندرة ومحدودية الموارد، يفيدنا بأن جميع قرارات التغيير، بما فيها الإصلاحات، لها كلف مباشرة وغير مباشرة، تماما كما أن لها عوائد ومستهدفات إيجابية.
 
لا بل إن التجربة العملية، والملاحظات التاريخية، تؤكد وجود كلف باهضة للتغيير، وتؤكد أن معظم محاولات التغيير تواجه مقاومة شديدة تصل حد خروج شركات من السوق، ودخول أخرى مكانها، وهكذا.
 
وحتى أكثر الإصلاحات نجاحا على مستوى العالم (التحول من الاقطاع للتجارة، والتحول من الفحم للنفط، والتحول للتجارة الحرة، واصلاحات قطاع الرعاية الصحية والتعليم في الدول المتقدمة)، لا تزال تخضع للنقد، ولا يزال الحديث عن الكلف المترتبة عليها يلاحقها. فكل حالة مستقرة تعني بطبيعة الحال وجود مستفيدين، ومتأقلمين، سيتحولون، ولو لفترة معينة، إلى متضررين، ومضطربين، عند تطبيق الاصلاح أو التغيير.
 
في الأردن، لدينا حس وطني جامح وخيال جمعي مثالي يجعلنا نعتقد بوجود وصفة سحرية للإصلاح، كلها مكاسب، وليس لها كلف يدفعها أحد. 
 
فنحن نريد ترشيق القطاع العام، ولكن مع إبقاء الشواغر محجوزة للمجازين بدون راتب سنوات متوالية. ونريد أيضا استقطاب الكفاءات، على أن يبقى سلم الرواتب متساويا للجميع، لا فرق فيه بين المتميز والعادي والمقصر. ونريد محاسبة، ولكن مع بقاء الوظيفة آمنة لا يستطيع أحد إنهاء خدمات شاغلها بسبب التقصير. 
 
نريد اقتصادا قائما على التنافسية، ونريد دعم القطاعات المنافسة وغير المنافسة. ونريد مكافحة التهرب الضريبي، دون أن يؤدي ذلك إلى دفع المزيد من الضرائب. والأمثلة تتعدد لتشمل جميع مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والمجتمع.
 
الاعتقاد بوجود وصفة سحرية للإصلاح يعزز من منسوب الانتقاد العبثي على حساب الاشتباك الإيجابي، مما يخرج الانتقاد/المقاومة عن النطاق الصحي، ويؤدي بالنتيجة إلى حالة من الجمود، مثل الذي شهدته الساحة السياسية الأردنية منذ عام 1989، ومثل الذي عانى منه القطاع العام في الأردن وصولا إلى واقعه الحالي. 
 
حالة الجمود، بدورها، تعزز من شبكة المستفيدين، ومن صعوبة تقبل التغيير، لندخل بالتالي في حلقات مفرغة تزيد كلفة الخروج منها بمرور الزمن.
 
كاتب هذا المقال ليس من داعمي أو معارضي نظام الموارد البشرية الجديد، أو قانون الانتخاب الجديد. كما أن التنبؤ بنتائج إيجابية من الآن لعملية الإصلاح صعب جدا.
 
مع ذلك يبقى من المؤكد أننا خسرنا كثيرا بسبب تأخر الإصلاحات، وأن تأخرنا أكثر سيعزز من حالة الجمود، مما سيزيد الأمور تعقيدا ويزيد الكلف المترتبة على ذات الإصلاحات، أو ربما على إصلاحات أقل طموحا في المستقبل.
 
لا يوجد إصلاح بالمجان. الانتقاد مشروع، ومقاومة التغيير مشروعة، بشرط كسر حالة الجمود وعدم التراجع عن المضي قدما ببرامج الإصلاح.