الغد-عبد الرحمن الخوالدة
في الوقت الذي تواصل فيه الحكومة، التي انقضا شهران على تكليفها، اتخاذ مجموعة من الإجراءات والقرارات الاقتصادية التحفيزية، أكد خبراء أن هذه الإجراءات تعكس جدية الحكومة في المضي قدما في إصلاح الاقتصاد الوطني، وإدراكها لأهمية الاستثمار في تنشيط الاقتصاد المحلي، إضافة إلى حرصها على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، ودعم الطبقتين المتوسطة والفقيرة.
وأكد هؤلاء الخبراء في تصريحات لـ"الغد"، أن من شأن الإجراءات الأخيرة أن تعيد العجلة الاقتصادية للدوران وتحفيز النمو الاقتصادي ورفد البيئة الاستثمارية المحلية في ظل الاضطرابات الجيوسياسية المحيطة بالاقتصاد الوطني، إضافة إلى تعزيز الاستثمارات التنموية والخدمية في محافظات الأطراف، وتحسين مؤشرات الاقتصاد الوطني المختلفة.
وبغية تحفيز الاقتصاد الوطني بصورة أكثر فعالية وتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين، طالب الخبراء الحكومة بضرورة إطلاق إستراتيجية وطنية شاملة لتحفيز الاقتصاد الوطني، إضافة إلى تخفيض الكلف التشغيلية والإنتاجية على القطاعات الصناعية والانتاجية، إلى جانب إشراك القطاع الخاص والمستثمرين الأردنيين في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى وإنجازه بكلف أقل من الشركات الأجنبية والتي تستنزف الاحتياطات الأجنبية وترفع من عجز الموازنة مقارنة مع التمويل محليا.
واعتبر الخبراء أن الحكومة الجديدة أظهرت، بعد مضي شهرين على تسلمها مهامها، كفاءة وفعالية واضحة في أدائها الاقتصادي، ما يبعث بالارتياح للقطاعات الاقتصادية كافة، وكذلك للمواطنين ويرفع مستوى الثقة بالاقتصاد الوطني.
وكان مجلس الوزراء قرر في جلسته التي عقدها الثلاثاء الماضي، برئاسة رئيس الوزراء جعفر حسان، أنظمة وقرارات بهدف تحفيز النشاط الاقتصادي وتعزيز الاستثمار وتهيئة البيئة الجاذبة له، وذلك انسجاماً مع رؤية التحديث الاقتصادي، منها منح المشاريع الصناعية الجديدة في مدينة الحسين بن عبدالله التنموية في الكرك والمدينة الصناعية في الطفيلة حوافز إضافية ومنها تخفيض فاتورتي المياه والكهرباء بنسب متفاوتة على مدار عشر سنوات، والإعفاء من ضريبة المبيعات لأول 5 سنوات بعد بدء المشروع، وذلك في حال كان حجم استثمارها يزيد على 15 مليون دينار، إضافة إلى تحقيق منتجات المشاريع قيمة مضافة بنسبة 40 %، وشغلت 150 عاملا أردنيا يكون 70 % منهم من أبناء المحافظة.
وقرر مجلس الوزراء الموافقة على تمديد العمل بقرار تقديم الدعم النقدي للمخابز وتثبيت أسعار الخبز.
كما وافق مجلس الوزراء على تعديل الجدول الصادر بموجب قانون البيئة الاستثمارية رقم (21) لسنة 2022، وذلك لإخضاع بعض موجودات ومستلزمات الإنتاج إلى الضريبة بنسبة صفر، وهي مواد لازمة لأنشطة اقتصادية مختلفة في الصناعات، والبحوث الطبيَة وغيرها.
وتشمل مستلزمات الإنتاج التي تم إعفاؤها من الضريبة مواد تستخدم في البناء والإنشاءات، ومواد تستخدم لأجهزة منزلية، وأخرى للصناعات الغذائية، ومعدات أخرى لغايات البحوث العلمية والتعليمية، حيث ستتم إضافة هذه المواد إلى لائحة الموجودات الثابتة ومستلزمات ومدخلات الإنتاج وقطع الغيار اللازمة لممارسة النشاط الاقتصادي.
ويأتي القرار إنفاذاً لقانون البيئة الاستثمارية، حيثُ تبين من خلال التَّطبيق العملي لمدة تزيد على عام وبعد دراسة الطلبات والتغذية الراجعة من قبل المستثمرين، الحاجة لإضافة موجودات ثابتة جديدة ومدخلات إنتاج؛ لتتمكن هذه الأنشطة من التوسُّع في مشاريعها القائمة، وإدخال منتجات جديدة لتحسين البيئة الاستثمارية وتشجيع الإنتاج.
كما أقرَّ مجلس الوزراء نظاماً معدلاً لنظام المصاريف والمخصَّصات والاستهلاك والإعفاءات لسنة 2024.
وتأتي هذه القرارات بعد أيام من إجراءات سابقة اتخذتها الحكومة لتحفيز قطاع الاسكان المحلي وكذلك قطاع تجارة السيارات.
وقال مدير عام جمعية رجال الأعمال الأردنيين طارق حجازي لـ"الغد" إن القرارات التحفيزية والإعفاءات الضريبية التي أقرها مجلس الوزراء في مختلف القطاعات الاقتصادية خلال الفترة الأخيرة تعزز من ثقة المستثمرين والمواطنين في بيئة الأعمال الاقتصادية المحلية ومن شأنها أن تعيد تنشيط العجلة الاقتصادية وتحفيز النمو الاقتصادي ورفد البيئة الاستثمارية المحلية في ظل الاضطرابات الجيوسياسية في المنطقة المحيطة ببلدنا.
وتابع "هذه الاجراءات سيكون لها انعكاس إيجابي نحو تحقيق الإصلاح الاقتصادي واستقراره من خلال ضمان إنجاز المشاريع الاستثمارية التنموية الكبرى في رؤية التحديث الاقتصادي وجذب المستثمرين المحليين والأجانب إلى المملكة، عدا عن تعزيز الاستثمارات التنموية والخدمية في كافة مناطق المملكة، إلى جانب استقطاب الاستثمارات لمختلف القطاعات الاقتصادية خاصة المتضررة من استمرار العدوان على غزة وأهمها قطاع السياحة والتجارة والخدمات والعقار والطاقة وغيرها".
وأكد حجازي أن قرارات الحكومة الأخيرة تشير إلى إدراكها لأهمية الاستثمار في تنشيط الاقتصاد المحلي ورفد القطاعات الاقتصادية الوطنية في ظل التحديات التي يواجهها الاقتصاد المحلي، إذ ان الاستثمارات هي وحدها القادرة على معالجة تلك التحديات، والمساهمة في تخفيض حجم المديونية العامة، إضافة إلى تعزيز الإيرادات العامة في الموازنة، وتحقيق مستويات عالية من احتياطات العملات الأجنبية في القطاع المصرفي في المملكة، مما سينعكس على تحسن مستوى النمو الاقتصادي وبالتالي تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن الأردني.
وأشار إلى أن هذه القرارات ستنعش الاقتصاد الوطني ومؤشراته المختلفة من رفع مستوى النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات البطالة إلى جانب رفع حجم الصادرات الوطنية.
وبقصد تحفيز الاقتصاد الوطني بصورة أفضل وأكثر فعالية، دعا الحجازي الحكومة إلى ضرورة توسيع مظلة الحوافز التي تقدمها لتشمل كافة القطاعات الاقتصادية، إضافة إلى ضرورة تخفيض الكلف التشغيلية والإنتاجية على القطاعات الصناعية، ودعم القطاع الزراعي والصناعات الغذائية، إلى جانب إشراك القطاع الخاص والمستثمرين الأردنيين في تمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى وإنجازه بكلف أقل من الشركات الأجنبية والتي تستنزف الاحتياطات الأجنبية وترفع من عجز الموازنة مقارنة مع التمويل محليا.
من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة لـ"الغد" أن جملة الاجراءات الاقتصادية التحفيزية والتشريعية التي أقرتها الحكومة أخيرا، تعكس جدية الحكومة في المضي قدما في إصلاح الاقتصاد الوطني، وتعزيز البيئة التنموية في المحافظات وتشجيع الاستثمار بها، إضافة إلى حرصها على تحسين الواقع المعيشي للمواطنين، ودعم الطبقتين المتوسطة والفقيرة.
ويرى المخامرة أن الإجراءات والقرارات الاقتصادية المتتابعة للحكومة لا سيما ذات الصلة برؤية التحديث الاقتصادي والبيئة الاستثمارية، وتخفيض الضريبية على بعض المنتجات، تؤكد أن الحكومة راغبة في تفعيل كافة الأدوات لتحقيق الأهداف الموضوعة لهذه الرؤية الاقتصادية، إضافة إلى الاهتمام بقطاع الاستثمار واستخدام كافة الأدوات لتعزيز الاستثمار في الأردن وتعزيز مبدأ الشراكة مع القطاع الخاص لأن ذلك من شأنه تسهيل تنفيذ مبادرات رؤية التحديث وتحقيق النتائج المستهدفة.
وأوضح أن قرار الحكومة المتعلق بالمشاريع الصناعية الجديدة في مدينة الحسين بن عبدالله التنموية في الكرك، والمدينة الصناعية في الطفيلة، يشير إلى تطلع الحكومة لاستقطاب الاستثمارات لهاتين المدينتين وتوجيه الاستثمارات إلى كافة المحافظات بعيدا عن المحافظات الثلاث الكبرى سكانيا واقتصاديا (العاصمة عمان ومحافظتي الزرقاء وإربد)، مما سيعزز الواقع التنموي في مختلف المحافظات، ويزيد من فرص العمل داخلها والحد من الهجرة الداخلية نحو العاصمة عمان والزرقاء.
وبين المخامرة أن مجموعة الإجراءات الأخرى التي اتخذتها الحكومة من استدامة الدعم النقدي للمخابز وإعفاء المواطنين من غرامات تأخير تراخيص السيارات، فضلا عن قرارات تحفيز قطاع الإسكان، جاءت في وقت مناسب للمواطنين مما سيخفف الأعباء الاقتصادية عليهم وفي ذات الوقت من شأن ذلك أن يحفز الاستهلاك المحلي.
ولفت إلى أن اداء الحكومة الاقتصادي خلال الشهرين الأولين لها يبعث بالارتياح للقطاعات الاقتصادية كافة، وكذلك للمواطنين، مما يرفع الثقة بالاقتصاد اللوطني سواء لدى المستثمرين أو المواطنين.
وبين أن الحكومة ما زالت مطالبة بمزيد من الخطوات التحفيزية للاقتصاد الوطني وتخفيف الأعباء الاقتصادية على المواطنين، مطالبا إياها بضرورة إطلاق إستراتيجية وطنية شاملة لتحفيز الاقتصاد الوطني، إضافة إلى توسيع حضور القطاع الخاص في العملية الاقتصادية، إلى جانب أهمية إعادة النظر بالنظام الضريبي لا سيما تخفيض ضريبية المبيعات بما يخفف من الضغوط الاقتصادية على المواطنين ويساهم في تحفيز الاستهلاك المحلي وبالتالي تعزيز النمو الاقتصادي.
إلى ذلك، أشاد الخبير الاقتصادي زيان زوانة بالإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا، مؤكدا أنها تصب في دعم القطاعات الإنتاجية وتخفيض كلف الإنتاج عليها مما سيعزز من قدرتها الإنتاجية والتصديرية.
واعتبر زوانة أن الحزم التحفيزية الأخيرة خاصة المتعلقة في تمديد العمل بقرار الدعم النقدي للمخابز وتثبيت أسعار الخبز، لامست معاناة الطبقة الفقيرة وحصنتها من التأثر بارتفاع أسعار القمح والشعير عالميا والتي تعد المكون الرئيسي لمادة الخبز.
وأوضح زوانة أن الإجراءات المتعلقة بقرار إعفاء السيارات غير المرخصة وتحفيز قطاع الإسكان، ستنعكس إيجابا في دعم وتمكين الطبقة المتوسطة.
ولفت زوانة إلى أن ما يميز الإجراءات التحفيزية الأخيرة أنها غير مكلفة على الخزينة العامة، ما يشير إلى أنها إجراءات مدروسة من قبل الحكومة التي تحاول أن تحسين الأوضاع الاقتصادية للمواطنين والمستثمرين بما هو متاح على الأقل.
وأكد زوانة أن الحكومة الجديدة أظهرت بعد مضي شهرين على تسلمها مهامها كفاءة وفعالية واضحة في أدائها الاقتصاد، حيث يتضح ذلك من تنوع الإجراءات الاقتصادية التي اتخذتها، معربا عن أمله أن تستمر الحكومة على هذا النهج خلال الفترة المقبلة بما يصب في تحسين مؤشرات الاقتصاد الوطني والارتقاء بالمستوى المعيشي للمواطنين.