أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    19-Jun-2025

من ليمان براذرز إلى مضيق هرمز: ثلاث أزمات مختلفة*رامي خريسات

 الغد

في عالم يتقاطع فيه الاقتصاد بالسياسة، باتت الأزمات مختبراً حقيقيًا لاختبار مرونة السياسات النقدية والمالية. مررنا منذ 17 عامًا ثلاث أزمات كبرى مالية فتجارية فجيوسياسية: الأزمة المالية 2008، حرب التعريفات التجارية في عهد ترامب، والحرب الإيرانية - الإسرائيلية 2025.
 
 
في 2008، في ازمه مالية بدأها انهيار ليمان براذرز تحوّل الدولار إلى ملاذ آمن رغم الأزمة، مدعومًا بثقة الأسواق في المؤسسات الأميركية وتدخل الفيدرالي عبر مقايضات العملات Currency Swaps، حيث ارتفع مؤشر الدولار 22 %. بينما صعد الذهب من 750 إلى 1,030 دولار (+37 %)، ليبلغ لاحقًا ذروته عند 2,790 دولار في 2024. لكن في 2025، كان أداء الذهب خلال التوترات الإيرانية- الإسرائيلية باهتاً، وصعد الدولار 0.6 % فقط.
 
 شهد النفط تقلبات حادة بين الأزمات: في 2008، بلغ ذروة 147 دولاراً قبل انهياره إلى 35 دولاراً مع تراجع الطلب العالمي. أما في 2025، فلم تتجاوز الأسعار 75 دولاراً رغم الحرب، بسبب مخاوف الركود العالمي التي كبحت الزخم الشرائي، وحتى اللحظة تبدي إيران حرصاً على أمن مضيق هرمز - المنفذ الحيوي لصادراتها النفطية، خاصة إلى الصين التي تستورد %20 من احتياجاتها النفطية من إيران بخصم 20 دولاراً للبرميل.
في الأسواق المالية، 2008 شهدت انهيارات حادة وتفعيل آليات وقف التداول (Circuit Breakers)، مع فرض مزيد من الرقابة على المشتقات والافصاح عن الانكشاف على المؤسسات المالية المتضررة من مشتقات الرهون العقارية. أما في 2025، فقد كان الهبوط مؤقتًا، وساهم تراجع مؤشر الخوف الأميركي volatility index من %20  إلى 5 % في استعادة الثقة.
سندات الخزانة الأميركية لعشر سنوات شهدت في 2008 زيادة أسعارها وانخفاض عوائدها إلى أقل من 2 %، بينما بقيت في 2025 مرتفعة عوائدها (4.3 - %5) بسبب العجز المالي. 
 أما الأزمة التجارية في فترة ترامب الثانية فلم تسبب تعريفات ترامب تضخمًا كبيرًا فقط (%+1.2)، إذ خفض التجار هوامش الربحية، واستوردوا البدائل، وخزّنوا البضائع. لكن ذلك ليس بمستدام خاصة للمنتجات التي تدخل في مكوناتها مواد مستوردة.
في 2008 تأثر الأردن بانكماش السيولة عالميًا، مما أدى إلى تباطؤ في تدفق الاستثمارات، وتراجع تحويلات المغتربين في حين ان أسعار النفط المنخفضة قلّصت العجز في فاتورة الطاقة مؤقتًا، لكن رافقها تباطؤ في النمو وساهمت السياسة النقدية وتجنب الاستثمارات المسمومة في سرعة عودة الاستقرار. 
في 2025 على الدول النامية سيكون التأثير ارتفاع تكلفة الاقتراض الخارجي، وتزايد الضغوط التضخمية مع تقلب العملات وتذبذب  أسعار السلع. مما يستوجب التحوط وقراءة دقيقة لاتجاهات الأسواق، وتعزيز المرونة عبر التنويع، والإدارة الذكية للمخاطر، والسياسات المتوازنة بين الاستقرار والنمو، وتعزيز الطاقة البديلة لتقليص أثر تقلبات أسعار النفط، والاهتمام بالثقافة المالية لدى الأفراد تجاه الأصول البديلة كالذهب والسندات والصكوك والأسهم ضمن تنويع مدروس.   
  لغة الأزمات سواء مالية او تجارية او جيوسياسية تبقى واحدة: الذهب، النفط، الدولار، وسندات الخزانة. وهذه ليست مؤشرات مالية فقط، بل إشارات مبكرة على مزاج الأسواق وثقة المستثمرين. لكن هناك مستجدات مهمة تعكس تغير ديناميكيات الأسواق حيث لم تعد الصدمات الجيوسياسية وحدها كافية لدفع الأسعار صعوداً.
ويبقى التفاؤل قائماً بتراجع المخاطر وقرب الاستقرار، حيث التحليلات والتوقعات رهينة التطورات الجيوسياسية خاصة ما يتعلق بالتدخل الأميركي.