المسؤولية الاجتماعية للمصارف الإسلامية.. التزام وطني واخلاقي*غسان الطالب
الغد
مما لا شك فيه أن للجهاز المصرفي في أي بلد كان دورا رئيسيا ومحوريا في تحقيق التنمية الاقتصادية والنهوض بالاقتصاد الوطني في كافة قطاعاته ولهذا يقال دائما عندما يكون الأداء الاقتصادي في مستوى جيد ابحث عن الجهاز المصرفي عندها يكون اداؤه كذلك جيدا.
وهذا بكل تأكيد ينعكس على المجتمع بشكل إيجابي من خلال المساهمة في معالجة بعض المشاكل الاقتصادية ذات الطابع الاجتماعي كالمساهمة في التخفيف من عبء الفقر والبطالة في المجتمع، فعدا عن المساهمة في الجانب التمويلي فهو يساهم كذلك من خلال المسؤولية الاجتماعية التي تقع على عاتقه تجاه المجتمع، ففي هذه المقالة محدودة الأسطر نتناول جانبا مهما تطلع به مصارفنا الإسلامية والمتمثل في المسؤولية الإجتماعية تجاه المجتمع والأفراد بما تمثله من مردود اجتماعي واقتصادي معا.
فالمسؤولية الاجتماعية للمصارف عامة تمثل التزاما أخلاقيا وهي ثقافة ونهج، واستثمار، يرفد النمو الاقتصادي الوطني والذي يسهم مما لاشك فيه في تخفيف عبء البطالة والفقر إضافة إلى الدور الذي تؤديه كذلك في نشر الوعي المعرفي ودعم للمبادرات العلمية والبحث العلمي والذي نحن بأمس الحاجة إليه، فهي لا تقتصر على بنك دون الأخر أو مؤسسة دون الأخرى، لكن ممكن أن يكون التفاوت في مقدار العطاء والاستعداد للمساهمة في إنجاز الدور المرجو منها في المجتمع.
من المنطقي جدا أن نرى كافة البنوك العاملة في الأردن تبادر إلى إبراز منجزاتها في هذا المجال كل بما هو مقدر له، ولكننا ننظر إلى الدور والمسؤولية التي تطلع بها مصارفنا الإسلامية مع اتساع رقعة انتشارها على امتداد ساحة الوطن وازدياد حصتها من السوق المصرفي الأردني، فمن الطبيعي أن تضع من ضمن أولوياتها تحمل المسؤولية الاجتماعية تجاه مجتمعها طالما أن المبادئ والأهداف التي تلتزم بتحقيقها والتي وضعت كمبرر لنشأتها، توجب عليها وضع المسؤولية الاجتماعية بخط مواز للمسؤولية الاقتصادية تجاه المجتمع، أي أن كلا منهما يؤدي رسالة وطنية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية، فالأهمية الاجتماعية تتمثل في كون المصرف الإسلامي ليس مؤسسة هدفها تحقيق الربح فقط بل تسعى إلى تقديم خدمات اجتماعية من شأنها أن تعزز المناخ الاجتماعي السليم الذي يدمج الفرد في العملية الإنتاجبة بما يحقق له دخل وبالتالي تحقيق زيادة في الدخل القومي ومن ثم تقليل معدل البطالة؛ تلك الآفة التي تؤدي إلى العديد من المشاكل الاجتماعية، إضافة إلى دعم المشاريع التي تحافظ على البيئة ومنسجمة مع أحكام الشريعة الإسلامية والالتزام بالمعايير الأخلاقية التي تحافظ وتحترم البنيان الاجتماعي للمجتمع وما إلى ذلك.
اما الأهمية الاقتصادية فتعني العائد الاقتصادي الذي يمكن أن يتحقق ضمن الضوابط الشرعية في تنمية رأس المال حيث من المعلوم أن العائد هنا غير مضمون ومبني على عنصر المخاطرة، ولكونها مؤسسات مالية “المقصود الإسلامية”، فإنها تؤدي دورا مهما في التنمية الاقتصادية من خلال قدرتها على توفير التمويل اللازم المتأتي من جمع المدخرات الوطنية وإعادة توظيفها في مشاريع تسهم في تحقيق تنمية اقتصادية تحقق قيمة مضافة إلى الدخل القومي مع توفر الكفاءة وحسن الاستغلال للموارد الاقتصادية المتاحة، وهذا بالنتيجة يؤدي إلى المساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي المنشود، وبالتالي فهي التزام ذو عائد على الاستثمار وهي كذلك نهج وثقافة.
إن هذا الالتزام بمضمون المسؤولية الاجتماعية ولد لدينا تجربة رائدة ذات مضمون أخلاقي أعطت بعدا للمسؤولية الاجتماعية متوافقا مع المسؤولية الوطنية التي تتطلع لتحقيق التنمية المستدامة والتخفيف من عبء الفقر والبطالة في مجتمعنا، يمكنها أن تسجل إضافة نوعية للصناعة المصرفية الإسلامية والاستفادة من تجربة الأردن، كون الرسالة واحدة والهدف واحد.