أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    25-May-2018

التمويل وحده لا يكفي لإنجاح المشاريع الصغيرة *ذكاء مخلص الخالدي

 الحياة-أصبح الاهتمام بالمشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر هدفاً للكثير من الدول النامية وحتى الصناعية، لقدره هذه المشاريع على زيادة النمو وخلق فرص عمل خصوصاً للشباب. ولأن الافتقار إلى رأس المال للبدء بأي مشروع يعتبر العقبة الرئيسية لأن المصارف تتحفظ عادة على توفير القروض إلا في الحالات التي تضمن بها استرجاعها مع فوائدها من دون مشاكل، يرى الكثير من المهتمين بالموضوع أن توفير التمويل خصوصاً للمبتدئين اللذين يفتقرون لرأس المال هو حجر الزاوية لتحقيق هذه المهمة.

 
 
وفي 12 من الشهر الجاري نظمت الجامعة العربية المفتوحة في بيروت بالتعاون مع وزارة التربية اللبنانية، مؤتمراً حول تمويل المشاريع المتناهية الصغر. وجاء التعاون بين الجهتين من اهتمامهما المشترك بموضوع البطالة خصوصاً بين الشباب، وضرورة إيجاد حلول لها. واعتبر توفير التمويل اللازم لتشجيع المبادرة والابتكار لدى الشباب في مقدم هذه الحلول. وصرح مصدر مسؤول في الجامعة العربية المفتوحة بأن المصارف تستطيع منح قروض للمشاريع المتناهية الصغر لحد 20 ألف دولار من دون ضمانة أو كفالة أو أن يكون المقترض موظفاً.
 
لا شك في أن توافر التمويل يعتبر عاملاً في غاية الأهمية بالنسبة لأي شخص يريد تأسيس مشروع صغير أو متوسط، خصوصاً بين الشباب الذين يملكون الكثير من الحماس والاندفاع. ويزداد الأخير عندما يكون القرض من دون ضمانة أو كفالة. وقد يؤدي هذا الحماس إلى غض النظر عن أهمية العوامل الأخرى التي تلعب دوراً حاسماً في نجاح المشروع أو فشله، وفي مقدمها جدوى المشروع. وهذا يعني أن الحصول على قرض يتطلب تقديمه على أساس دراسة جدوى تبين أن المشروع له مستقبل تسويقي في المكان الذي يراد إنشاؤه فيه، وأن لا مشاريع مشابهة قائمة تعاني من ضعف الطلب عليها.
 
وعانت دول عدة نامية ولا تزال من هذه المشكلة، إذ يتم الاقتراض لافتتاح مشروع صغير من دون دراسة جدية لجدواه في المكان الذي يراد القرض لأجله، وإذ بالمقترض يفاجأ، بعدما يبدأ المشروع، بأن في الشارع ذاته أو المنطقة التي افتتح فيها مشروعه، مشاريع سبقته تنتج الشيء ذاته وتعاني أصلاً من ضعف الطلب عليها. وتشمل مشاريع من هذا النوع صالونات الحلاقة و «الميني ماركت» والخياطة والبعض أنواعَ الملابس وغيرها. وأخبرني قبل سنوات رئيس غرفة التجارة في عاصمة إحدى الدول العربية، أن العدد الأكبر من القضايا التي تنظرها المحاكم عندها هي عجز المقترضين عن سداد الديون والتي هي في الغالب اقترضت لأغراض مشاريع غير مدروسة. ويزداد الإقبال على الاقتراض كلما كانت شروطه ميسرة والحصول عليها سهلاً.
 
ولأن غالبية الذين يلجأون إلى تأسيس مشاريع صغيرة ومتوسطة وحتى متناهية الصغر هم من المبتدئين اللذين لم يمارسوا نشاطات ناجحة في السابق، فإن مساعدتهم لا تكون بتوفير التمويل بشروط معقولة فقط، وإنما هم بأشد الحاجة إلى المعونات الفنية. وتشير تجارب الدول التي نجحت في تكوين قطاع مستدام للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إلى أهمية المعونات الفنية التي ترشد أصحاب المشاريع إلى كيفية زيادة تنافسيتهم والاهتمام بالجودة والمحافظة على البيئة. ولأن المشاريع الصغيرة والمتوسطة لا يفترض بها أن تعمل للسوق المحلية فقط وإنما أن تكون لها أهداف تصديرية، تزداد الحاجة هنا إلى المعونات الفنية. وهناك الكثير من المنظمات الدولية والإقليمية التي تمتلك الخبرة الطويلة في هذا المجال وتمكن الاستعانة بها. كما أظهرت تجارب الدول التي نجحت في هذا النوع من المشاريع، أن التكامل بينها، أي عندما يصب إنتاج بعضها في البعض الآخر، يجعلها أكثر استدامة مما لو تبقى مشاريع منفردة لا يرتبط بعضها ببعض.
 
من هذا المنطلق، يبدو أن تكوين قطاع ناجح ومستدام للمشاريع الصغيرة والمتوسطة يزيد الإنتاج المحلي ويخلق فرص عمل، ويمثل استراتيجية تنمية ولا يمكن تركه لمبادرات فردية أو أكاديمية، ولقيام مصارف بتوفير تمويل بشروط سهلة. ولكن يجب أن يقوم على مجموعة سياسات تنفذها الحكومة كحزمة واحدة لا كسياسات متفرقة قد تنتهي بمناهضة بعضها للبعض الآخر.