أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    22-Jun-2025

هل يشمل "الضمان" إصابات ووفيات الحروب؟

 الغد-هبة العيساوي

 وسط تصاعد الحديث عن التداعيات المحتملة للنزاعات المسلحة والكوارث على الحماية الاجتماعية، تتزايد التساؤلات حول مدى شمول منظومة الضمان الاجتماعي في الأردن لحالات الإصابات أو الوفيات الناتجة عن هذه الأزمات. 
 
 
ويؤكد خبراء أن النظام الحالي للضمان الاجتماعي يستند لمبدأ التغطية المرتبطة بالعلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل، ولا يُعد نظام رعاية شاملة يغطي جميع المخاطر. 
 
وأشاروا إلى أن الإصابات الناتجة عن الحروب والكوارث – إذا لم تكن ضمن سياق العمل – لا تدخل ضمن نطاق التأمينات، ما يسلط الضوء على الحاجة لتطوير منظومة حماية اجتماعية وطنية أشمل قادرة على الاستجابة للحالات الاستثنائية ومواجهة الأعباء التي قد تتجاوز قدرات مؤسسات الضمان التقليدية.
تغطية الفئات التي تتعرض للإصابات نتيجة النزاعات
بدوره قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، إن موضوع الحمايات الاجتماعية في حالة الوفيات والإصابات الناتجة عن النزاعات أكبر من إطار عمل مؤسسة الضمان الاجتماعي وحدها، وفق منظومتها الحالية، موضحاً أن نموذج الضمان في الأردن يقوم أساساً على تغطية العاملين فقط.
وأضاف، أن معظم دول العالم لديها منظومات حماية اجتماعية أوسع من الضمان الاجتماعي، تتعامل مع الأزمات والحالات الاستثنائية مثل النزاعات والكوارث، مشيراً إلى أن الضمان الاجتماعي يشكل بالفعل العمود الفقري لأي منظومة حماية، لكنه ليس الجهة الوحيدة المعنية.
وأكد أن هناك ضرورة لوجود منظومة حماية اجتماعية وطنية متكاملة تغطي الفئات التي تتعرض للإصابات أو الوفيات نتيجة النزاعات، بخاصة أن هذه الأحداث قد تطال أسرًا لا علاقة لها بالنزاع من الأصل.
وأوضح، أن المصابين بحاجة لعلاج، ومنظومة الرعاية الصحية في الأردن – حسب تجارب سابقة – قادرة على تغطية هذه الحالات، بما في ذلك بعض الحوادث التي وقعت خارج البلاد. وبيّن أنه في حالات الوفاة أو الحاجة لتعويضات أو رواتب تقاعدية، فإن المسجلين في الضمان الاجتماعي يحصلون على حقوقهم حسب النظام، بينما يتم التعامل مع غير المشمولين عبر صناديق أخرى كصندوق المعونة الوطنية.
وختم بالقول إن الاستراتيجية الوطنية المحدثة للحماية الاجتماعية، التي أُعلنت قبل نحو شهر ونصف، تتضمن نصوصاً واضحة حول التعامل مع الأزمات ونتائجها، ما يؤكد أن المنظومة الأردنية قادرة على الاستجابة لهذه التحديات.
الضمان ليس نظام رعاية شاملة
من جهته قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة، إن الضمان الاجتماعي في الأردن هو نظام تأميني يقوم على أساس الاشتراك المرتبط بحالة العمل، وليس نظام رعاية شاملة يغطي جميع الأفراد منذ الولادة حتى الوفاة.
وأوضح أن التغطية التأمينية تقتصر على الحالات التي تنشأ ضمن العلاقة التعاقدية بين العامل وصاحب العمل أو التي تستوفي شروط الاشتراك الطوعي، وتحدد المنافع التأمينية بحسب نوع التأمين الذي يشمله الشخص، سواء أكان تأمين إصابات العمل أو الشيخوخة والعجز والوفاة أو غيرها من فروع التأمينات المنصوص عليها في القانون.
وأضاف، إن الإصابات أو الوفيات التي تقع خارج نطاق العمل أو لا ترتبط به لا تعد مشمولة بالضرورة ضمن تأمينات الضمان، إلا إذا وقعت أثناء تأدية العمل أو بسببه، فتُعد عندها من حيث المبدأ "إصابة عمل"، كما ورد في المادة الثانية من قانون الضمان الاجتماعي رقم 1 لسنة 2014. 
وبيّن أن القانون لا يشمل الإصابات الناجمة عن الأعمال الحربية أو العدائية أو الكوارث إذا لم تكن مرتبطة بالعمل، باعتبارها من الأخطار العامة الخارجة عن نطاق الخطر المهني المغطى بالتأمين.
وتابع أن القانون خص العسكريين بأحكام خاصة في الفصل الثامن، وتحديدًا في المادتين 71 و72، حيث تنص على أن حالات استشهاد أو وفاة أو فقدان العسكري المؤمن عليه تسوى حقوقه التأمينية إما وفق قانون الضمان أو تُحال اشتراكاته إلى وزارة المالية لتسويتها وفق قانون التقاعد العسكري، مع اعتماد النظام الذي يوفر المنفعة الأفضل له أو لورثته. وأكد أن هذه المعالجة تعكس إدراكًا قانونيًا لخصوصية الإصابات العسكرية الناتجة عن المعارك أو العمليات الحربية، إذ يتم التعامل معها كإصابات خدمة عسكرية تُسوى وفق أنظمة التقاعد العسكري.
وأشار إلى أنه رغم عدم وجود نص صريح في قانون الضمان يستبعد إصابات الحروب من نطاق تأمين إصابات العمل، فإن اختيار تسوية الحقوق عبر نظام الأفضلية بين الضمان والتقاعد العسكري بدلاً من إخضاعها مباشرة لأحكام إصابة العمل، يعزز الفهم بأن المشرّع يعدها فئة خاصة من الإصابات تُعالج بأنظمة مختلفة عن تلك المطبقة على المدنيين.
الكوارث لم ينص
عليها الضمان
من ناحيته قال خبير التأمينات والحماية الاجتماعية، موسى الصبيحي، إن الحروب والكوارث ليست من المخاطر التي نصّت عليها تشريعات الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية بشكل مباشر، ولا يمكن اعتبارها من ضمن الأخطار التي يغطيها الضمان بطريقة شمولية، بخاصة في حال كانت نتائجها واسعة النطاق.
وأضاف، إن الحروب والكوارث قد تؤدي لإصابات ووفيات بشرية كبيرة، لا قدّر الله، وقد تطال أشخاصاً مشمولين بمظلة الضمان، ومع ذلك، فإن التعامل مع نتائج هذه الكوارث، بخاصة إذا كانت شاملة، يبقى من مسؤولية الحكومات، لأن الأعباء الناتجة عنها تكون فوق قدرة أي مؤسسة ضمان اجتماعي، وقد تهدد استدامة صناديقها التأمينية.
وأوضح إن الضمان لا يستطيع، مهما بلغت ملاءته المالية، أن يتحمل تعويضات الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن الحروب الواسعة أو الكوارث الكبرى، لأنها تتجاوز طاقته وقد تؤدي لاستنزاف موارده.
لكنه أشار في المقابل إلى أن "الضمان" يبقى مسؤولاً في حالات معينة، لا سيما في حال كانت تداعيات الحروب محدودة، كما هو الحال في الحرب الدائرة بين إيران وإسرائيل، حيث قد تطال ارتداداتها بعض العاملين داخل الأردن.
وبيّن أن مسؤولية الضمان تتوزع في هذه الحالات على محورين: أولها: إذا تعرّض المؤمّن عليه لإصابة أثناء وجوده في موقع العمل أو أثناء الذهاب إليه أو العودة منه، نتيجة تأثيرات الحرب أو ارتداداتها، فإن الإصابة تُعد إصابة عمل، ويستحق المصاب جميع الحقوق المرتبطة بها من علاج وبدلات يومية وتعويضات ورواتب اعتلال أو وفاة إصابية، أما المحور الثاني، إذا وقعت الوفاة لمؤمّن عليه خارج نطاق العمل جراء تأثيرات الحرب، كإصابته بشظايا مقذوف أو نحو ذلك، فإن الحالة تُعامل كوفاة طبيعية، ويتم تطبيق الشروط الواردة في قانون الضمان لاستحقاق تعويض الوفاة أو راتب تقاعد الوفاة الطبيعية، بحسب ظروف كل حالة.
وختم بالتأكيد على أن دور الضمان يبقى جزئياً في مثل هذه الظروف، فيما يبقى العبء الأكبر من مسؤولية الدولة عبر سياساتها الاجتماعية وأجهزتها المعنية.