أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-May-2025

تحذيرات من تفاقم أعباء ارتفاع نسب "الإعالة الاقتصادية"

 الغد-عبدالرحمن الخوالدة

رغم انخفاض معدلات الإعالة الاقتصادية خلال العام الماضي بحسب البيانات الإحصائية الرسمية، إلا أن خبراء يحذرون من تنامي الأعباء الملقاة على كاهل القوى العاملة في الأردن وتفاقم التحديات المرتبطة بضعف المشاركة الاقتصادية واتساع الفجوة في سوق العمل المحلي.
 
 
ويشير الخبراء إلى أن تراجع معدلات الإعالة العام الماضي كان ضئيلا، فيما أن معدل الإعالة العام ما يزال مرتفعا وهو يعكس عمق الأزمات الاقتصادية، وعلى رأسها تفشي البطالة واتساع رقعة الفقر. 
 
وفي هذا السياق، يدعو الخبراء الحكومة إلى تكثيف جهودها لإصلاح سوق العمل، لا سيما مع الزيادة السنوية في أعداد الداخلين إليه، مؤكدين أهمية تشجيع الباحثين عن العمل على الانخراط في مهن معينة وتحسين الأجور المرتبطة بها، إلى جانب جذب الاستثمارات الأجنبية بوصفها رافعة أساسية لتوليد فرص العمل وتعزيز الإنتاج الوطني، بما يسهم في تحسين مؤشرات النمو ورفع المستوى المعيشي.
ويقصد بالإعالة الاقتصادية حجم العبء الاقتصادي الواقع على القوى العاملة الفاعلة في المجتمع، وعادة ما يتم احتساب حجم الإعالة من خلال تقسيم عدد الأفراد خارج القوى العاملة -أي من هم دون سن 14 وفوق سن 65 – على عدد العاملين ضمن الفئة العمرية من 15 إلى 65 عاما. 
وكشفت البيانات الإحصائية التي حصلت عليها "الغد" من دائرة الإحصاءات العامة، تراجع نسبة الإعالة الاقتصادية محليا خلال العام الماضي بما نسبته 3.8 %، لتسجل 303.5 % قياسا مع 315.9 % في عام 2023. 
بحسب تلك البيانات واصلت نسبة الإعالة الاقتصادية انخفاضها في المملكة للعام الثاني على التوالي ، مقارنة مع مستوياتها المسجلة في عام 2022 والتي وصلت إلى 320.8 %. 
تنامي العبء الاقتصادي الذي تتحمله القوى العاملة في الأردن 
وقال الخبير الاقتصادي حسام عايش "إن تسجيل مستوى الإعالة الاقتصادية في الأردن العام الماضي تراجعا بنحو 4 % بتسجيله ما نسبته 303.5 %، يمكن النظر لها من زاويتين، الأولى تشير إلى وجود تحسن طفيف في ما يتعلق بمعدل إعانة الفرد في المجتمع لغيره، حيث أن هذه النسبة تشير إلى أن الفرد يعيل 3 آخرين غير نفسه من دخله مقارنة مع إعالته 4 أفراد في إحصاءات سابقة"، مفسرا ذلك بانتقال عدد كبيرة من أفراد المجتمع من شريحة المرحلة الفتية إلى مرحلة القدرة على العمل. 
وأضاف "  أما الزاوية الثانية تشير إلى استمرار وجود خلل في سوق  العمل كما تعكس ضعف فرص العمل في السوق وارتفاع نسبة البطالة، حيث ما يزال فرد واحد يعيل عدد كبير من الأسرة ، وجود أكثر من عاطل عن العمل في الأسرة الواحدة ". 
و تابع "تبقى هذه النسبة رغم تراجعها مقارنة مع العامين السابقين  تشير إلى ضعف المشاركة الاقتصادية محليا ، خاصة لدى النساء والتي تعد من أقل المستويات في المنطقة" لذا فإن "شريحة واسعة منهن تعتمد في معيشتها على معيل، مما يضعف من فرص تمكينها الاقتصادي والاجتماعي". 
وبين عايش أن تحليل نسبة الإعالة الاقتصادية المسجلة العام الماضي، تشير إلى انه  كل 100 شخص في المجتمع الأردني يعيلون حوالي 303 أشخاص غير عاملين سواء من الأطفال أو من كبار السن أو حتى من غير العاملين، معتبرا هذه النسبة بأنها مرتفعة وهي تظهر حجم العبء الاقتصادي الذي تتحمله القوى العاملة. 
وأوضح عايش، أن القوى العاملة محليا بالكاد تتحسن أجورها ورواتبها، كما تتعرض باستمرار لخطر فقدانها وظائفها، لأسباب تتعلق بالهيكلة أو لأسباب تتعلق بإحلال الأتمتة والذكاء الصناعي عوضا عنها، ما يعني أن هذه العمالة التي تتحمل هذا العبء  الكبير من الإعالة هي نفسها أيضا تحتاج إلى إعالة وتحتاج إلى رعاية وأمن وظيفي وتحتاج إلى دخل أعلى حتى يمكنها أن تجود الإعانة لمن يعتمدون عليها. 
ويرى عايش، أن البناء على المعطيات الجديدة المتعلقة بالإعالة الاقتصادية وتخفيض حجم اعتمادية الأسر على الفرد المعيل، تتطلب جهودا مضاعفة في إصلاح سوق العمل خاصة مع تزايد إعداد الداخلين له سنويا، إضافة إلى تشجيع الباحثين عن العمل على قبول العمل ببعض المهن وتحسين الأجور المتعلقة بتلك المهن، إلى جانب ضرورة استقطاب الاستثمارات الاجنبية التي تعد المشغلة الحقيقية لأي اقتصاد بما يسمح للاقتصاد الوطني بخلق المزيد من فرص العمل وزيادة حجم الانتاج، مما سيصب في تحسين مؤشرات النمو الاقتصادي وبالتالي رفع المستوى المعيشي، لافتا إلى أن التحديات أمام الاقتصاد الوطني لبلوغ ذلك ما تزال كبيرة. 
ارتفاع نسبة الإعالة يعكس اختلالات هيكلية في سوق العمل
من جانبه، حذر الخبير الاقتصادي منير دية من استمرار ارتفاع نسبة الإعالة الاقتصادية محليا أنه رغم التراجع الذي سجل خلال العام الماضي، مؤكدا أن هذه النسبة تمثل أحد المؤشرات السلبية التي تعكس هشاشة البنية الاقتصادية وتراجع المشاركة في سوق العمل.
وبين دية أن نسبة الإعالة في الأردن مرتفعة للغاية مقارنة مع الدول الأخرى، وهو  دليل على وجود فجوة كبيرة في سوق العمل، لا سيما مع بلوغ نسبة البطالة أكثر من 21 %، وهي نسبة مرتفعة عالميا.  وأشار دية إلى أن هذا الوضع يعني عمليا أن كل فرد عامل يعيل في المتوسط أربعة أفراد، وهو ما يشكل إرهاقا ماليا واقتصاديا على الأسر الأردنية، ويحد من قدرتها على الادخار ويقلص مستوى رفاهيتها. 
وأكد دية أن هناك جملة من العوامل تقف وراء استمرار ارتفاع نسبة الإعالة الاقتصادية محليا، وتتمثل بما يلي ضعف المشاركة الاقتصادية، والتي تعد عاملا مركزيا في تفاقم هذه الحالة، إذ  تشير المعطيات إلى أن معظم الأسر الأردنية لا يعمل فيها سوى فرد واحد، بينما يعتمد الباقون على هذا الدخل المحدود.
ويضاف إلى ذلك بحسب دية، تواضع معدل النمو الاقتصادي، والذي يدور حول 2.5 % إذ لا يكفي لاستيعاب الداخلين الجدد إلى سوق العمل، ولا لخفض معدلات البطالة إذ نحن بحاجة إلى نمو يتراوح بين 4 و5 % سنويًا على الأقل حتى نتمكن من خفض البطالة إلى مستويات مقبولة تقارب 7 %، مشددا على أن تحقيق هذه النسب من النمو هي السبيل الوحيد لتحسين مؤشرات الإعالة الاقتصادية وزيادة أعداد العاملين. 
مستويات الإعالة الاقتصادية المرتفعة انعكاس لمظاهر الأزمة الاقتصادية المحلية 
المختص في الاقتصاد الاجتماعي فهمي الكتوت يرى أن التراجع المسجل في مؤشر الإعالة الاقتصادية خلال عام 2024، يعود إلى زيادة إعداد الداخلين إلى شريحة الباحثين عن العمل، مشيرا إلى ان هذه النسبة تأكد أن مستويات البطالة ما زالت في منحى التفاقم كما  زالت تشكل تحدي للمواطنين والدولة على حد سواء. 
واعتبر الكتوت ان هذه المستويات المرتفعة من الإعالة الاقتصادية منذ عام 2020 تعكس مظاهر الأزمة الاقتصادية التي نواجهها محليا ، كما تعبر عن عدم مقدرة الاقتصاد الأردني على توليد فرص العمل.  وأشار إلى أن الأمر لا يتوقف على ارتفاع نسبة الإعالة الاقتصادية، بل تراجع القدرة الشرائية لدى شريحة واسعة من الفئات المعوزة والفقيرة. 
تداعيات سلبية اقتصاديا واجتماعيا 
إلى ذلك اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري، أن المؤشرات الخاصة بنسبة الإعالة الاقتصادية محليا مقلقة، وتؤكد صعوبة الاوضاع الاقتصادية محليا وفي القلب منها مشكلة البطالة التي ترتبط ايضا بمشكلة الفقر. 
ولفت الحموري، إلى أن ما تكشفه الأرقام الأخيرة عن انخفاض طفيف في مستويات الإعالة الاقتصادية المحلية، يشير إلى زيادة عدد من يصنفون في فئة الباحثين عن العمل إضافة إلى ارتفاع عدد المواطنين الذين التحقوا في أسواق العمل الخارجية بحثا عن تحسين مستويات الدخل الخاصة بهم.