الحرب الإسرائيلية - الإيرانية تهدد النمو العالمي وتدخل اقتصادات الشرق الأوسط في دائرة الانكماش
الغد- حذر "معهد التمويل الدولي" (IIF) في تقرير خاص، من تداعيات اقتصادية عالمية متزايدة نتيجة التصعيد العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران، مشيرا إلى أن استمرار هذا التوتر من دون احتواء قد يؤدي إلى انكماش اقتصادي في الشرق الأوسط بنسبة 1.7 % في العام الحالي، بعد أن كانت التوقعات تشير إلى نمو بنسبة 3.4 % قبل اندلاع الأزمة.
وأوضح التقرير، الصادر بتاريخ 16 حزيران (يونيو) الحالي، أن ارتفاع أسعار النفط، وزيادة كلفة التأمين والشحن، واضطراب سلاسل التوريد العالمية، باتت تمثل تحديات مباشرة قد تعيد رسم المشهد الاقتصادي العالمي، في النصف الثاني من العام الحالي.
وقال مارشيلو إستيفاو، المدير العام وكبير الاقتصاديين في المعهد "حتى في غياب تعطل فعلي في الإمدادات، فإن علاوات المخاطر الجيوسياسية قد ارتفعت بشكل ملحوظ، مما يستدعي مراجعة توقعات الاقتصاد الكلي".
الاقتصاد العالمي في مهب ثلاث سيناريوهات
وقدم التقرير ثلاثة سيناريوهات محتملة لتأثير الصراع على الاقتصاد العالمي، تشمل السيناريو الأساسي، وسيناريو أسوأ حالة، وتوقعات ما قبل الحرب، مبينا من خلال جدول رقمي الفروقات المتوقعة في معدلات النمو وأسعار النفط.
وأكد غاربس إراديان، كبير اقتصاديي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المعهد، أن منطقة الشرق الأوسط ستكون من أكثر المناطق تأثرا في حال استمرار الأزمة.
وأضاف "تشكل اضطرابات التجارة الإقليمية، وهروب رؤوس الأموال، وتراجع الأرصدة المالية في الدول المستوردة للنفط، مزيجا خطيرا، قد يقلب المعادلة من تعاف هش إلى انكماش فعلي".
الطاقة والنقل.. قنوات التأثير الأولى
يشير التقرير إلى أن الطاقة تمثل القناة الأولى والأكثر حساسية لانتقال أثر الصراع، إذ يمر نحو 20 % من تجارة النفط العالمية المنقولة بحرا، إضافة إلى كميات كبيرة من الغاز الطبيعي المسال، عبر مضيق هرمز، الذي قد يتأثر بشكل مباشر أو غير مباشر بأي تصعيد.
وقدّر التقرير إن علاوة المخاطر الجيوسياسية المضافة على أسعار النفط، قد بلغت نحو 10 دولارات للبرميل، مع قفزة في أقساط التأمين على السفن العابرة للمضيق تجاوزت 50 %. وعلق جوناثان فورتن، كبير الاقتصاديين المشاركين في التقرير، بالقول "حتى من دون إغلاق فعلي للمضيق، فإن مجرد ارتفاع مستوى التهديد كاف لرفع كلف الشحن والتأمين، وتأخير سلاسل التوريد".
آثار محتملة على الأردن ودول شبيهة
رغم عدم ذكر الأردن بالاسم، إلا أن التقرير أشار إلى "الدول المستوردة للنفط في الشرق الأوسط"، بوصفها الأكثر عرضة لتداعيات السيناريو الأسوأ، ما يضع الأردن في قلب التأثير غير المباشر، من حيث تراجع النمو، وارتفاع فاتورة الطاقة، وزيادة أعباء المديونية وتضييق الحيز النقدي.
ويشير محللون إلى أن الأردن، الذي يعتمد بنسبة كبيرة على الواردات النفطية، قد يواجه صعوبات مضاعفة، في حال تجاوز سعر برميل النفط حاجز 90 دولارا، ما يضغط على الموازنة العامة.
الأسواق المالية والعملات
لفت التقرير إلى أن رد فعل الأسواق العالمية جاء سريعا، إذ ارتفع مؤشر الدولار الأميركي (DXY) بنسبة 0.9 % خلال يوم واحد، وهي أعلى قفزة منذ آذار (مارس) الماضي، فيما انخفض عائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات بمقدار 10 نقاط أساس، في مؤشر على تحول المستثمرين نحو الملاذات الآمنة.
وبحسب التقرير "رغم القلق المتصاعد حول سياسات الإنفاق الأميركية، ما تزال أدوات الدين الأميركية والعملات الأميركية تمثل الخزان الأساسي للملاذات الآمنة عالميا".
واختتم التقرير بطرح ثلاثة أسئلة اعتبرها مفصلية في تحديد المسار الاقتصادي العالمي المقبل، بتساؤلات عدة، وهي"هل ستتأثر فعليا البنى التحتية النفطية أو الممرات الحيوية هيرمز؟ أم هل ستتعامل البنوك المركزية مع تقلب أسعار النفط كأمر مؤقت، أم كمصدر تضخم يجب احتواؤه بسياسات تشديدية؟ كما ذكر كيف ستتفاعل أسواق العملات الناشئة والتدفقات الرأسمالية، إذا طال أمد الصراع؟
وأضاف إستيفاو في ختام التقرير "الأسواق تقف على مفترق طرق، السيناريو الأساسي ما يزال مرجحا، لكن المخاطر تتزايد، والانزلاق نحو سيناريو أسوأ لم يعد مستبعدا كما كان قبل أسبوع فقط".