الغد-عبد الرحمن الخوالدة
أكد تقرير دولي حديث أن الأردن من أكثر الدول اعتمادا على الأسواق الخارجية في تأمين احتياجاته من مادة القمح، إذ يستورد أكثر من 90 % من استهلاكه لهذه السلعة.
ولفت التقرير، إلى أن الأردن من أبرز الدول المستوردة التي تتبع نموذجا لإدارة وتخزين القمح، فيما بين أن التقرير الذي حمل عنوان "تعزيز الاحتياطيات الاستراتيجية من الحبوب لتعزيز الأمن الغذائي"، نشره البنك الدولي بالاشتراك مع برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة، وترجمته "الغد" أن القمح يمثل ما نسبته 35 % من سلة الغذاء الأساسية في الأردن، ما يضعه في موقع مركزي داخل معادلة الأمن الغذائي الوطني.
وأشار التقرير إلى أن الأردن حافظ على احتياطي من القمح يغطي 117 % من استهلاكه السنوي خلال الفترة (2017 إلى 2025)، إذ يعكس حجم هذا الاحتياطي سياسة وطنية حذرة تقوم على التخزين المسبق لمواجهة أي أزمات طارئة في الأسواق العالمية، أو اضطرابات في سلاسل التوريد.
وبحسب أحدث المعطيات الإحصائية الرسمية، تبلغ مدة كفاية المخزون الاستراتيجي من مادة القمح في المملكة 10.4 شهر ، وذلك استنادا إلى بيانات تقرير الربع الأول من البرنامج التنفيذي لرؤية التحديث الاقتصادي 2023-2025.
ولفت التقرير إلى أن موقع الأردن الجغرافي، باعتباره بلدا غير ساحلي، يعد من التحديات التي تفرض حذرا مضاعفا في إدارة واردات القمح، ولهذا، فإن تخزين القمح بنسبة تفوق الحاجة السنوية ليس رفاهية، بل ضرورة وطنية.
وأوضح التقرير أن الأردن من الدول التي تواجه دائما تكاليف عالية وتأخيرات محتملة في استيراد القمح أثناء الأزمات، ما يبرر الحاجة إلى بناء مخزونات استراتيجية قوية.
تعزيز الاحتياطيات الإستراتيجية من الحبوب أداة حاسمة لمواجهة انعدام الأمن الغذائي عالميا
وعلى المستويين الإقليمي والعالمي، سلط التقرير الضوء على تنامي تحديات الأمن الغذائي عالميا، في ظل ارتفاع أعداد من يواجهون الجوع الحاد إلى 343 مليون شخص في 74 دولة خلال العام الماضي، مدفوعا بتداعيات الجائحة، وتفاقم الصراعات، والضغوط الاقتصادية.
التقرير أشار إلى تصاعد وتيرة الاضطرابات في سلاسل الإمداد الغذائي، محذرا من لجوء الدول إلى فرض قيود تصديرية خلال أزمات الأسعار، ما يعمق أزمة الدول المستوردة، وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية التي تقيد فعالية التجارة الدولية كآلية لامتصاص الصدمات الغذائية.
الاحتياطيات الإستراتيجية من الحبوب صمام أمان غذائي
ويرى التقرير أن الاحتياطيات الاستراتيجية من الحبوب (SGRs)، أي المخزونات الحكومية من السلع الأساسية، يمكن أن تشكل صمام أمان غذائي، خاصة للدول الضعيفة والمعتمدة على الاستيراد. لكنها تحتاج إلى إدارة دقيقة تأخذ بعين الاعتبار التكاليف والأسواق، وألا تقتصر وظيفتها على تثبيت الأسعار، بل أن تدمج ضمن استراتيجيات شاملة تشمل شبكات الأمان الاجتماعي وتنمية القطاع الخاص.
وقدم التقرير مبادئ توجيهية عدة، لصناع السياسات تركز على حوكمة مرنة، وشفافية في المشتريات، وتكامل ذكي مع برامج الدعم، مع تأكيد أهمية بناء احتياطيات صغيرة الحجم، منخفضة الكلفة، وفعالة في توقيت الإطلاق.
وبهدف تعزيز الاحتياطيات الاستراتجية من الحبوب دعا التقرير، إلى أهمية الاستثمار في البنية التحتية، من صوامع حديثة وأنظمة مراقبة رقمية، إلى تقنيات الكشف المبكر عن التلف، بما يعزز كفاءة التخزين، ويقلل الفاقد، ويحمي الأمن الغذائي، ولا سيما خلال الأزمات.
كما دعا، البنك الدولي وشركاؤه إلى تجديد الالتزام بالاحتياطيات الاستراتيجية بوصفها جزءا من منظومة غذائية مرنة ومستدامة، محذرا من أن الفشل في تعزيزها سيترك الملايين عرضة للجوع، ويقوض قدرة الدول على الصمود في وجه الأزمات المقبلة.