أخبار سوق عمان المالي / أسهم
 سعر السهم
Sahafi.jo | Rasseen.com

المواضيع الأكثر قراءة

 
 
  • آخر تحديث
    26-Apr-2025

المناخ وجنون الأسعار*خالد دلال

 الغد

من يعتقد أن جنون أسعار المواد الغذائية -ومنها القهوة مؤخرا، بفعل عوامل المناخ، وما شهدته بعض الدول، البرازيل وفيتنام تحديدا، وهما المصدران الرئيسيان للبن في العالم، الأرابيكا والروبوستا تباعا، من حالات جفاف شديدة ضربت المحصول بنسب وصلت إلى 50 بالمائة وأكثر- قد يقف عند حدود المعشوقة السمراء فقط، فهو مخطئ.
 
 
المناخ حول العالم يشهد تطورات غريبة عجيبة من ارتفاعات غير مسبوقة لدرجات الحرارة خلال السنوات القليلة الماضية، بفعل الاحتباس الحراري، وما يولده من حرائق غابات مهولة، وأعاصير مهلكة، وفيضانات غير مسبوقة، وحالات جفاف تأكل ما يزرعه الإنسان تدريجيا في مختلف أصقاع المعمورة، وذوبان للجليد في قطبي الأرض، وارتفاع في منسوب مياه المحيطات وتحمضها.
 
وكل ذلك سيؤدي حتما إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية بجنون، قد يصل إلى أن تصبح بعض المواد الأساسية لحياة الإنسان بعيدة المنال، وحكرا لمن يمتلك أكثر من المال، خصوصا مع توقعات علماء المناخ من فشل البشرية في الحفاظ على متوسط ارتفاع درجات الحرارة دون 1.5 درجة مئوية (وفق اتفاقية باريس 2015 للمناخ) مقارنة بالمستويات الحالية، ليصل الارتفاع إلى 2.6 درجة بنهاية القرن، إن لم تتحرك الإنسانية لإنقاذ نفسها.
القائمة طويلة من مواد غذائية سيتأثر إنتاجها وترتفع أسعارها في بورصات العالم قريبا بفعل ارتفاع درجات الحرارة حول العالم، لتشمل، مثالا وليس حصرا بحسب دراسات عديدة، الموز، والكاكاو، والأرز، والقمح، والذرة، والبطاط، وكلها مواد أساسية للاستهلاك البشري.
لنأخذ الأرز، والذي يستهلكه، بحسب الإحصاءات، 3.5 مليار شخص في العالم بشكل رئيسي. فها هو يعاني من تهديدات مصيرية، بفعل ارتفاع درجات حرارة العالم، ومنها التلوث بالزرنيخ، وذلك وفق دراسة أعدها مؤخرا فريق من الأكاديمية الصينية للعلوم بالتعاون مع باحثين من الولايات المتحدة، والتي تفيد "بأن ارتفاع درجات الحرارة وتركيزات ثاني أكسيد الكربون يؤدي إلى تغيرات في كيمياء التربة ترفع من قدرة نبات الأرز على امتصاص الزرنيخ"، وهو أحد الأسباب الأساسية في زيادة معدلات الإصابة بالسرطان. هذا إضافة إلى أن "ارتفاع درجات الحرارة تزيد من ملوحة الأرض، ما يجعل زراعة الأرز مستحيلة في مساحات كبيرة، وعليه، يُتوقع أن تنخفض قابلية الأرض لزراعة محاصيل الأرز لأكثر من 50 بالمائة خلال القرن المقبل في آسيا"، وهي المصدر الأساسي للأرز حول العالم، ما سيؤدي إلى ارتفاع حاد في الأسعار.
التفاصيل العلمية كثيرة والأمثلة أكثر، ولكن الحل الحقيقي للحفاظ على الأرض، وغذائنا تباعا، يكمن في التزام دول العالم بالوصول إلى انبعاثات غازات دفيئة (ثاني أكسيد الكربون والميثان تحديدا) قريبة من الصفر. وكل ذلك عبر الاستغناء التدريجي عن مصادر الوقود الأحفوري (النفط، والغاز، والفحم)، والتوجه بقوة نحو مصادر الطاقة النظيفة والمتجددة والتقنيات الخضراء.
لا يعلم إلا الله إن كان هناك متسع من الوقت لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من مصادر للغذاء قبل أن تصبح ضحايا للتغير المناخي، لكن الوحدة البشرية، رغم العديد من منكري ما تشهده الطبيعة من اضطراب مناخي مخيف، وفي مقدمتهم سيد البيت الأبيض، الرئيس الأميركي دونالد ترامب، هي ما نحتاجه فعلا قبل فوات الأوان، وقبل أن تصبح بعض محاصيل الأرض "نَسْيًا مَنْسِيًّا".