الغد
القرار الذي اتخذته الحكومة بتعديل نظام الضريبة الخاصة على المركبات لعام 2025 ليس مجرد تغيير في نسب، بل خطوة حاسمة، واضحة، ونهائية لإغلاق ملف المركبات، بالشكل الذي يحمي المواطن ويعيد التوازن إلى سوق ظل لسنوات يعاني من تشوهات في الأسعار والمواصفات.
التخفيضات الجديدة على الضريبة الخاصة والعامة تعكس توجهاً اقتصادياً إصلاحياً واضحاً، يستند إلى واقع السوق واحتياجات المواطن، لا إلى الحسابات النظرية، فالضريبة على سيارات البنزين انخفضت من 71 % إلى 51 %، ما يعادل تخفيضاً بنسبة 28 %، اما سيارات الهايبرد فقد شهدت انخفاضاً أكبر، من 60 % إلى 39 %، أي 35 %، أما السيارات الكهربائية، فتم توحيد شريحتها بنسبة ضريبة موحدة تبلغ 27 % بعد أن كانت موزعة على فئات مختلفة، حتى الدراجات النارية والسكوترات شملها القرار، بنسبة تخفيض وصلت إلى 26 %.
هذا ليس مجرد قرار ضريبي، بل جزء من سياسة إصلاح شاملة تهدف إلى تخفيف الأعباء على المواطنين، وتنشيط القطاعات المرتبطة بسوق السيارات، من بيع وصيانة وتأمين وتمويل، وهو أيضاً رسالة واضحة بأن الدولة تعمل على تنظيم هذا الملف الحيوي وفق معايير أكثر عدلاً وكفاءة.
في السياق ذاته، جاء القرار بمنع استيراد المركبات المعروفة بـ"السالفج" – وهي المركبات التي تعرضت لحوادث وتم إصلاحها– ليعزز من ثقة المواطن بالسوق ويمنع تداول مركبات قد تشكل خطراً على السلامة العامة، كما تم وقف الاستثناءات التي سمحت سابقاً بدخول المركبات دون التزام بالمواصفات المعتمدة، ما يُعد إجراءً إصلاحياً يحمي السوق وينظم المنافسة.
كل مركبة تدخل السوق الأردنية بعد الآن ستكون خاضعة لمواصفات أوروبية أو أميركية أو خليجية، وهو ما يرفع من جودة المعروض في السوق المحلي ويمنح المواطن قيمة حقيقية مقابل ما يدفعه، ومن المهم الإشارة إلى أن هذه الخطوة تأخذ بعين الاعتبار بلد المنشأ وجودة التصنيع، لا الاسم التجاري فقط.
أما من حيث الأثر الاقتصادي، فالحكومة تنظر إلى هذه الخطوة كجزء من حزمة أوسع تشمل خفض الضرائب على العقارات، التسويات الضريبية، والتسهيلات الجمركية، فالنمو الاقتصادي الذي تجاوز التوقعات في الربع الأخير – بنسبة 2.7 % مقابل توقعات بـ2.3 % – يعزز من منطقية هذا التوجه، ويعطي مؤشراً على أن هذه الإجراءات بدأت تؤتي ثمارها.
ببساطة، ما يحدث اليوم هو إغلاق نهائي وفعلي لملف المركبات كما عرفناه سابقاً، وفتح صفحة جديدة أكثر تنظيماً، عدلاً، واستقراراً، فالمواطن سيكون أول المستفيدين، والسوق ستنضبط على أسس أوضح، وهذا ما تحتاجه مرحلة التعافي الاقتصادي: قرارات مدروسة، تضع مصلحة المواطن والاقتصاد في المقام الأول.
أما بالنسبة لتداعيات القرار وأثره على الحاصلات الجمركية والخزينة بشكل عام، فمن الطبيعي ألا تظهر نتائجه الكاملة بشكل فوري، لكن من المؤكد أن التوسع في الاستيراد ضمن بيئة ضريبية مشجعة، وارتفاع الطلب على المركبات الحديثة والمطابقة للمواصفات، سيخلق حالة من التنشيط الاقتصادي المتدرج، تعوّض الأثر الأولي لانخفاض النسب الضريبية.
التنظيم الجديد، والانتقال إلى هيكل ضريبي أوضح وأكثر عدالة، لن ينعكس فقط على حجم الإيرادات، بل على جودة السوق ككل، اذ ان بناء سوق مركبات أكثر شفافية، يرتكز على معايير معتمدة وخالية من الاستثناءات، يفتح الباب أمام دورة اقتصادية أكثر استقراراً واستدامة.