عمون
بظرف أربعة أشهر، ارتفعت مديونية الحكومة من 90% إلى 93% من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا ما تقوله نشرة مالية الحكومة الصادرة عن وزارة المالية لشهر أيار 2025، دون تقديم أي تفسير لهذا الارتفاع المفاجئ.
الغريب في هذا الارتفاع أنه يأتي رغم أن نمو عجز الموازنة مقارنة بذات الفترة من العام الماضي لم يتجاوز 120 مليون دينار، وهو مبلغ لا يكاد يحمل أثرا نسبة للناتج المحلي الإجمالي.
الملفت أيضا أن ارتفاع المديونية بثلاث نقاط مئوية جاء خلال الثلث الأول من العام، والذي يمتاز عادة بارتفاع حصيلة الإيرادات (ضرائب الدخل تحديدا) وتدني مستويات العجز.
أي أن التعامل مع هذا الارتفاع على أنه اعتيادي، يجعل من المتوقع انتهاء العام الحالي بنمو أكبر بكثير من 3% في نسبة المديونية.
وهذا أمر مستغرب عندما نعلم أن العام الماضي الأصعب ماليا واقتصاديا لم يشهد في مجمله الا ارتفاعا طفيفا بنسبة المديونية من 89% إلى 90% للناتج الإجمالي.
معاينة الأرقام المطلقة يظهر أن المديونية نمت بواقع 1.6 مليار دينار منذ بداية العام حتى نهاية نيسان 2025.
هذا النمو الكبير الذي يفوق بأضعاف عجز الموازنة لذات الفترة بواقع 470 مليون دينار، يوحي بأن الحكومة قامت بسداد متأخرات والتزامات مؤجلة من الأعوام الماضية بقيمة قد تصل إلى 1.2 مليار دينار منذ بداية العام 2025.
بحسب ذات الترجيح، فإننا ندفع اليوم ثمن إجراءات مالية خلال السنوات الماضية، كان هدفها تأجيل أعباء آنية وتحميلها على الموازنات المستقبلية.
هذا التفسير، إن كان مصيبا، يصب في مصلحة الحكومة الحالية وليس ضدها.
فهو يعني أن الحكومة قررت مواجهة جميع المتأخرات والالتزامات المؤجلة والإجراءات التجميلية مرة واحدة، والعمل على أساس مهني وشفاف، على أساس خطوات واضحة، وبعيدا عن التجميل.
أصاب هذا التفسير أو أخطأ، يبقى مثل هذا الارتفاع المفاجئ في أحد أهم مؤشراتنا الاقتصادية بحاجة لتفسير تقدمه نشرة مالية الحكومة خلال الأشهر القادمة.
التفسيرات الأخرى المحتملة تتضمن خسائر أو نفقات استثنائية لشركة الكهرباء وسلطة المياه، أو نتيجة استدانة مسبقة لسداد ديون مستقبلية، أو وجود نفقات استثنائية ستظهر لاحقا ضمن موازنة الحكومة أو الوحدات الحكومية.
المهم أن يكون هذا الارتفاع مؤقت أو لمرة واحدة، وليس نتيجة النشاط الاعتيادي والمستمر للحكومة.
وهذا ما يجب أن يظهر بوضوح في نشرة المالية العامة.